► الخبراء يتساءلون: أين التحليل العميق للقضية دون مزايدة أو تأجيج للمشاعر؟ ► لدينا مشكلة فى المهنية فالكل يتحدث دون إدراك بالمسئولية ورؤية للأحداث
► المطالبة بخطاب عام فى وسائل الاعلام لا يحض على العنف و ينبذ الكراهية و التعصب
لا أحد يستطيع أن ينكر التأثير القوى لوسائل الإعلام فى المجتمع وعلى رأسها برامج التوك شو التى أصبحت رافدا حيويا فى تكوين الاتجاهات والرأى العام، وبلورة الأفكار، وهذا بدوره يقود إلى مواقف للمشاهدين ولأطراف القضية التى يتناولها الإعلام، وأمام هذا السيل من القنوات الفضائية، وبرامج التوك شو التى تبثها يوميا نجد الطائفى الذى قد يطغى على الموضوعى، ومن القضايا التى آثيرت مؤخرا أزمة الفتنة الطائفية، فلم يقتصر الإعلام فى تناولها على النقل الموضوعى المحايد، بل أصبح البعض منه أداة من أدوات التأجيج والاستقطاب وفى هذا التحقيق نتواصل مع الخبراء من أجل الوصول إلى معالجة سليمة من الإعلام بما يفرضه من مسئوليات أخلاقية ومن أجل اتجاهات أقل تعصبا وجيل بعيد عن الكراهية والصراع والعنف. وحول هذا الموضوع يقول د.سامى عبدالعزيز أستاذ الإعلام: هناك وظيفتان للإعلام الأولى إخبارية وتعنى التدقيق والتوثيق فى أى خبر ينشر أويذاع أويبث فى أى وسيلة إعلامية دون تهويل أو تهوين ومن ثمة إذا تحقق ذلك فالمعلومة تصل للجمهور صحيحة وبالتالى تفتقد مواقع التواصل والسوشيال ميديا قيمتها التى غالبا ماتكون غير دقيقية، والوظيفة الثانية للإعلام هى الدور التوعوى والتأكيد على ثوابت الشخصية المصرية وينبثق من هذا الدور دور أخر وهو التحليل للأحداث بعمق ومعرفة ومصداقية دون إنحياز أو تعتيم قد يضر بالمصلحة الوطنية. ويضيف: فى قضية الفتنة الطائفية ومن وجهة نظرى تعد مشكلات فردية ولكنها تحتاج إلى وقفة جادة من أطراف ومؤسسات كثيرة داخل البلد ومنها المجال الإعلامى الذى هو البوصلة المؤثرة فى مثل هذه القضايا الحساسة ومن هنا على الإعلام دور كبير فمثلا أين الإعلام من التحليل العميق لمثل هذه القضية سواء بالمتابعة أو شرح البعد التاريخى لها والأماكن التى تقع فيها وهل هى أحداث متناثرة أم متأصلة وأرى أن الحمض العضوى والمعنوى للشخصية المصرية يرفض بكل شدة المفهوم الطائفى وأن الشعب المصرى يعيش فى سلام وهذا موجود بالفعل على أرض الواقع ومن هنا على الإعلام أن يناقش هذه القضية بعمق وحرية وفى نفس الوقت دون مزايدة أو تأجيج للمشاعر ويختار الضيوف بعناية من فئات المجتمع ومن شخصيات ذات ثقل سياسى وإجتماعى والإبتعاد عن السطحية والإثارة وأن يواصل المتابعة ويبث الموقف من قلب الحدث وعلى وسائل الإعلام أن يكون لديها مراكز بحوث وسجل ورصيد عن القضية بتاريخها وأسبابها ومراكزها حتى نقف على هذه القضية من كل جوانبها وإتخاذ الإجراءات الرادعة ضد المخطئ. وأشار د.سامى عبد العزيز إلى أن هناك أيضا دورا مهما لقصور الثقافة والإعلام الإقليمى والدراما بينما نحن دائما نفتقد الرؤية المتكاملة ويعزف الجميع العزف المنفرد الذى يغلب عليه نسب الفشل أكثر من النجاح ، أيضا هناك مشكلة فى المهنية الإعلامية فالكل يتحدث دون إدراك بالمسئولية ودون رؤية للأحداث ودون معلومات كافية ولذلك يضع الإعلام نفسه فى موقف سيئ فى كثير من مضمونه بسبب التسرع وغياب المعلومة والضمير والبحث عن الإثارة فى قضايا حساسة قد تضر بالوطن على المستوى الداخلى والخارجى فى ظل ظروف تحتاج إلى شعب يعمل كفرد واحد لعبور أزماتنا الحالية والمستقبلية. وهو ما أكدته د.هويدا مصطفى أستاذ الإعلام قائلة: قضية الفتنة الطائفية لابد أن تعمل عليها كل المؤسسات لمواجهتها فإلى جانب وسائل الإعلام لابد من تكاتف من المؤسسات الثقافية والتربوية والدينية، والتعاون مع الإعلام لما له من دور مهم وتأثير فى توجهات المواطن، وأطالب هنا بخطاب عام فى وسائل الإعلام لا يحض على العنف وينبذ الكراهية والتعصب، لأننا للأسف لا نهتم بهذه القضايا إلا عندما تحدث أزمات، بينما لابد أن يهتم الإعلام بها طوال الوقت بتقديم رسائل مباشرة تعكس فكرة المواطنة وقبول الآخر ويتم التركيز على ذلك فى الإعلام والأعمال الدرامية أيضا. وتضيف د.هويدا: لابد أن تقدم القنوات المختلفة برامجا تعمق فكرة تكريس المواطنة وتحذر من المصطلحات الطائفية كالأقليات وغيرها، أيضا لابد من تفعيل القانون وإبراز الإجراءات على الشاشات، وأن يتابع الإعلام الإجراءات الرادعة لمؤججى الفتنة ومثيريها، والتأكيد على أن مصر بلد التسامح دائما وليس بها أى نزعات طائفية، فمن المهم طريقة تناول الإعلام للأزمة والبعد عن التهويل والتهوين أيضا، فالبرامج المختلفة تهتم فقط بالحادث لدى حدوثه ثم يفتقد المتابعة للحادث والتركيز على الإجراءت التى يتم اتخاذها وطرق العلاج ومواجهة الظاهرة. وتقول د.ماجى الحلوانى أستاذ الإعلام: إن مصر تحارب الإرهاب والوضع الإقتصادى وتحاول التقدم فى شتى مناحى الحياة ولسنا فى حاجة على الإطلاق الى أزمات بين مسلم ومسيحى فنحن كنا ومازلنا أخوة وأصدقاء وزملاء ونعمل من أجل الوطن. وتضيف: هذه القضية تتطلب من الإعلام أن يكون على قدر المسئولية فى تناولها ويكون التناول موضوعيا ومتعدد الأطراف والمذيع فاهم لمعطيات المرحلة ولديه حس وطنى وثقافى ومعلوماتى ولايتحدث بصورة سلبية فكرسى المذيع أخطر من كرسى المسئول، وأطالب بتكثيف برامج التوعية لمثل هذه الأحداث بتقديم برامج للشباب والمرأة ورجال الدين وأتساءل أين الإعلام الإقليمى؟ خاصة ان معظم هذه الأحداث تقع فى قرى الصعيد ومن يبرز دور الإعلام الإقليمى فى التوعية طوال العام وليس فى تغطية الحدث والسلام وأشارت إلى أن الإعلامى المتميز عليه التحقق من مصداقية الخبر قبل نشره وألا يعتمد على مواقع التواصل الإجتماعى التى تقع فى أخطاء مهنية كبيرة وهى بعيدة عن المراقبة والمسئولية ومن هنا أيضا يأتى دور التليفزيون المصرى الذى يستطيع تقديم منظومة إعلامية راسخة عن مفهوم المواطنة وحب الوطن من خلال برامج التوعية والندوات الثقافية وإستضافة الأهالى من المسلمين والمسيحين لبحث المشكلة مع ضرورة طرح الحلول المناسبة لها. ويقول د. عادل عبدالغفار أستاذ الإعلام: قضية الفتنة الطائفية تحتاج إلى تعامل بجدية لأنها من القضايا الحساسة التى تؤثر على تقدم الوطن داخليا وخارجيا وهناك دور مهم للإعلام وهو تكريس المواطنة ومفهوم ثقافى يحتاج الى شرح وتحليل وعمل لقاءات فى كل وسائل الإعلام دون مزايدات أو شحن للمواقف هنا وهناك وعلى مؤسسات الدولة أن تكون داعمة للإعلام لكى يقوم بدوره على أكمل وجه أيضا مطلوب حملات إعلامية وخطاب إعلامى مختلف فالأحداث تقع منذ عشرات السنوات والحلول هى هى لم تتغير فلا يمكن حلها بالجلسات العرفية كما كان يحدث فى كل الأوقات السابقة لأننا نحتاج إلى تفعيل القانون ومحاسبة المخطئ فورا لأن الزمن تغير والإعلام أصبح ذات تأثير قوى والجلسات العرفية كانت جيدة فى فترة من الفترات ولكن فى الوقت الحالى القانون فقط هو القادر على وأد هذه المشكلة من بدايتها وعلى الإعلام أن يبرز دور وأهمية تفعيل القانون وأن يبرز أهمية العدالة الناجزة ببطء مع تقديم التحليل العلمى للقضية من كل جوانبها وضرورة طرح الحلول العلمية أيضا مطلوب تكوين كود مهنى من خبراء الإعلام الكبار لكى يضعوا روشته للإعلام لكيفية التناول فى مثل هذه القضايا ليكون التناول مخطط ومدروس ولايخرج الإعلامى عن إطار هذه الخطط.