اثارت حادثة كنيسة القديسين بالإسكندرية قضية هامة وهي كيف يكون الدور الإعلامي في مواجهة القضايا الساخنة والملفات الحساسة خلال المرحلة القادمة وذلك لمعالجة القصور وتصويب الاخطاء في مواجهة التيارات التي تجرفنا الي مخاطر جسيمة تهدد الأمن والاستقرار. "المساء" فتحت الملف مع خبراء الاعلام لمعرفة الاستراتيجية الجديدة والاجندة الإعلامية لنبذ الخلافات والتعصب وتعميق التفاهم والتفاعل بين ابناء المجتمع. الجميع اتفقوا علي ضرورة العمل وفق منظومة متكاملة تهدف الي تنوير الرأي العام وفتح الملفات دون تزييف وبعيدا عن الحسابات والمصالح الخاصة التي تضر باستقرار المواطن والوطن. اكدوا علي ضرورة الالتزام بسياسة اعلامية بناءة تقوم علي حرية التعبير المسئولة. طالبوا بضرورة وجود آليات واضحة ومحددة ضد جميع القنوات المحرضة بل وعقوبات مشددة لان أمن واستقرار الوطن فوق الجميع. * عبدالله حسن رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير وكالة انباء الشرق الأوسط.. اكد علي أهمية دور الإعلام في المرحلة القادمة في التصدي لكل المحاولات التي تسعي لتدمير الوطن وذلك لن يكون الا بايضاح الحقائق وتنوير الرأي العام وعرض الاحداث بموضوعية ومصداقية فمن حق المواطن ان يعرف الحقائق والمعلومات دون تزييف ودون متاجرة بمشاعر البسطاء أو اشعال للتوترات والمشاكل. قال أن حادثة القديسين فتحت ملفا هاما ينبغي أن يتصدر الاجندة الاعلامية بكل وسائلها قضية المواطنة والانتماء وكيفية التصدي للإرهاب.. وكل هذه القضايا يندرج تحتها عدة موضوعات تمس أمن واستقرار المصريين جميعا وبالتالي ينبغي أن تراجع وسائل الإعلام منهاجها وبصفة خاصة الصحف الخاصة والفضائيات.. الكل يجب أن يعمل بعيدا عن أية حسابات وأجندات تضر بمصلحة الوطن. اضاف ان تناول القضايا الحيوية الهامة ومناقشة المشاكل المتراكمة عبر السنوات ينبغي أن يتم ولكن بلا إثارة.. لابد أن يبتعد الاعلام عن كل ما يثير الفتنة الطائفية فعلينا التوقف عن الحديث عن مصر بمنطق الدين اي كمسيحي ومسلم نحن جميعا مصريون ولابد أن يبتعد الإعلام تماما عن تغذية اي نعرات طائفية تحرك مشاعر الغضب والتوتر. أشار إلي ضرورة تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي الصادر عن جامعة الدول العربية والذي يهدف لوضع ضوابط ومعايير يلتزم بها الإعلام الفضائي من اجل تحقيق سياسة اعلامية بناءة علي الصعيدين القومي والإنساني وفي نفس الوقت ليست هذه الضوابط قيودا تحد من حرية الاعلام كما يروج البعض بل هي منظمة للعمل الإعلامي خاصة بعد شيوع اعداد من الفضائيات الخاصة التي تضع مصلحتها ومكاسبها فوق اي اعتبار وعلي حساب المادة الإعلامية دون مراعاة لعقلية وثقافة الشرائح المختلفة من المواطنين. اكد ان حرية التعبير شرط اساسي للإعلام الناجح لكن المسئولية شرط اساسي لممارسة الحرية. حس وطني .. عال * عبداللطيف المناوي.. رئيس أخبار مصر باتحاد الإذاعة والتليفزيون اكد علي أن اجندة الإعلام بكل وسائله وبقطاعيه الرسمي والخاص ينبغي عليها التعامل مع القضايا المطروحة بحس وطني يساعد علي البناء والتصحيح والا يتم تغليب الرغبة علي ما يعتقد البعض ولو للحظة أنه سبق اعلامي أو نصر صحفي في حين انه يسبب اثارا سلبية خطيرة علي استقرار الوطن. قال أن اسلوب طرح القضايا الدينية تحديدا يحتاج الي اعادة مراجعة شاملة سواء بالنسبة للفضائيات أو الصحف لان التعامل في بعض الموضوعات المرتبطة بها يتم علي كونه هزيمة أو نصراً هو خطأ ينبغي الا يقع فيه الإعلام لان هذا الاسلوب يتنافي تماما مع أهداف ومباديء الرسالة الإعلامية. أشار الي ضرورة ان يقوم القائمون علي العمل الإعلامي بكل وسائله الي عملية مراجعة شاملة لكل ما تم تقديمه أو نشره من موضوعات تتعلق بالقضايا الوطنية لتقييم المنهاج الإعلامي وهل تم بموضوعية ومصداقية تامة وبرؤية اكثر شمولا.. ونحن بحاجة ماسة الي التقييم والمتابعة للوقوف علي الأخطاء وما ينطبق علي الإعلام الرسمي ينطبق ايضا علي الخاص فلابد أن تكون أجندات العمل اوسع افقا واكثر ارتباطا وشمولا لقضايا الوطن سواء اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية فليس الهدف تحقيق المكاسب الشخصية أو اشعال النار. أوضح أن اغلاق الملفات أو تجاهلها ليس هو الحل انما المواجهة والطرح الموضوعي والتعامل بنظرة كلية تغطي كافة جوانب الموضوع هي الرؤية المطلوب استمرارها والتركيز عليها ليس فقط عند نشوب مشكلة أو حادث ما وانما هي خطة ينبغي الاهتمام بها في اولويات العمل الإعلامي. دور أكبر * د.درية شرف الدين رئيس القطاع سابقا : اشارت الي أن المرحلة القادمة تتطلب من الاعلام الرسمي دورا اكبر في مواجهة القضايا الهامة والحساسة الوطنية والتي لابد أن يعلو فيها أمن ووحدة الوطن وسلامته لان الفضائيات الخاصة ومهما بلغت رغبتها في معالجة هذه القضايا لها ايضا حسابات أخري. اكدت علي ضرورة تعدد الوسائل البرامجية الجاذبة للمشاهدين في هذه المرحلة ولايقتصر الأمر علي الشعارات والاغاني الوطنية.. لابد من عرض الحقائق وطرح المشاكل علي مائدة الحوار والبحث لان اللعب علي وتر النسيان الذي يضيع الحقائق لبعض الوقت أمر خطير فالحقيقة توضح الرؤية وتنير المعرفة المهم اسلوب الطرح والمعالجة. اضافت اننا بحاجة الي آليات واضحة ومحددة ضد جميع القنوات المحرضة.. فأي قناة تكرس أو تعمل ضد الآخر لابد من اغلاقها فورا فكل ما يضر باستقرار وسلام الوطن يحتاج لاشد المحاسبة.. ومن الضروري الا يقتصر الامر علي مجرد كتابه تقارير وتوصيات من اللجان المكلفة بتقييم الاداء الإعلامي. اشارت الي أن وسائل الإعلام تقع عليها مسئولية خاصة تجاه المواطنين في ترسيخ ايمانهم بالقيم وتنمية حسهم تجاه المجتمع وايضا طرح قضاياهم وهمومهم فلابد من الاستماع اليهم. حيادية وموضوعية * د. محمد خضر مدير قطاع الانتاج والبرامج بقناة دريم أكد علي ضرورة ان يتم تناول قضايا الوطن والمواطن في كل المجالات بموضوعية تامة وحيادية وهذا هو الخط الذي ننتهجه في أسلوب عملنا. قال ان الطائفية انه تفاقمت في السنوات الأخيرة في بعض وسائل الاعلام الخاص علي الرغم من أنه ينبغي عدم اثارة الحساسيات بين أبناء الوطن الواحد بل ينبغي البحث عما يوحد بينهم. أضاف ان طرح هذه القضايا تحديدا لابد أن يتم بعقلانية وبواسطة متخصصين حتي لا نترك الفرصة أمام الغير لاشعال المزيد من الاحتقانات والحرائق وخروج الاشاعات التي تغذي الصراعات. أشار إلي أن مصر في فترة حساسة ودقيقة ولابد أن يعمل الاعلام وفق منظومة متكاملة في مواجهة الأزمة قبل أن تصبح بلادنا عرضه للمزيد من عوامل هدم وحدتها الوطنية لأن المتربصين موجودون بيننا وعلينا جميعا كمسئولين عن توضيح الحقائق وفتح الملفات أن نعي هذه المسألة وان نرسم سياسة اعلامية تتصدي لكل الأخطار وتغير من لغة الخطاب المعتاد.. لابد من تنوير الرأي العام وابصاره بالحقائق كاملة والمصارحة أيضا تقتضي الاعتراف بالأخطاء المتراكمة ومحاولة تصويبها لأن ترحيل الأزمات ليس حلا جذريا كما يعتقد البعض. أكد علي أهمية صياغة واعداد المواد الاعلامية خاصة فيما يتعلق بالقضايا الخلافية بين المسلمين والمسيحيين خاصة ان البعض يسعي من خلالها إلي تعميق الخلافات والانقسام وهو الخطر الذي ينبغي محاربته بقوة وحسم. تيار الاثارة * معتز صلاح الدين المستشار الاعلامي لقنوات الحياة.. أكد ان المنهاج الاعلامي والسياسة الواضحة للقناة هي عدم الانجراف وراء تيار الاثارة حتي في مجال الرياضة كما يحدث في قنوات أخري. أضاف ان السبق الاعلامي ليس أهم من الحفاظ علي أمن واستقرار الوطن وارساء قيم المواطنة والتسامح ولابد أيضا ألا يعتلي المنبر الاعلامي أشخاص هدفهم اثارة الفتن ومشاعر الغضب بين المواطنين فقضية الاعلام أعمق وأكبر من السياسة التي ينتهجها البعض. أوضح ان قنوات الحياة لديها اهتمام خاص بكل ما يمس قضايا الوحدة الوطنية ونشر ثقافة التسامح وفتح أبواب الحوار المثمر البناء دون اثارة وضجيج ودون اتباع الأساليب التي تتعرض بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للتفرقة والتجريح وذلك حرصا علي قدسية الرسالة الاعلامية وأخلاقيات المهنة وشرفها. قال ان الفترة المقبلة سوف تشهد اهتماما مكثفا وتوظيفا شاملا لعمل مراسلي القناة في الدول الأوروبية في تصحيح وتصويب الأخطاء التي تتعلق بكل ما يمس الأمن القومي وقضايا الوحدة الوطنية فنحن نعتمد ميثاق الشرف المهني سعيا لتحقيق الرؤية والمهمة من كل قضية وخبر. لقد أثبت الاعلام المصري مصداقيته ووطنيته في الكثير من المواقف الصعبة.. كذلك القنوات الخاصة المشهود لها بالاعتدال لعبت دورها بدقة مع الالتزام بالممارسات الصحيحة وهذا الأمر ينبغي الاستمرار والثبات عليه خاصة في تلك المرحلة الحساسة فلابد أن تسهم امكانيات الجميع في تدعيم التفاهم والتلاحم ونبذ الاساءة والحملات ذات الطابع الشخصي. قال انه يوجه الدعوة لكل القنوات الفضائية الخاصة أن تتوحد لاصدار ميثاق شرف اعلامي لتنظيم العمل المهني الذي يستهدف سياسة اعلامية بناءة. أشار إلي أن ميثاق الشرف الاعلامي العربي الذي وضعته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تنص مبادئه علي المعايير الاعلامية التي ينبغي علي الرسالة الاعلامية الالتزام بها وهذا الميثاق خطوة هامة تصحح المسار الاعلامي خاصة فيما يتعلق بقضايا الحرية وأمن واستقرار المجتمعات العربية وجميع الضوابط التي تم وضعها تستهدف الا يتحول الاعلام إلي أداة للتحريض والعنف. لابد أيضا من اختيار دقيق لكل من يعمل في الساحة الاعلامية.. لابد أن يكون مشهوداً لهم بالخبرة والمصداقية والحيادية خاصة إذا نظرنا إلي الاحصائيات التي تشير إلي ارتفاع نسبة القنوات الخاصة إلي أكثر من 80% وهناك عدد كبير منهم ليس له هدف واضح ومنهاج محدد ومن هنا يأتي الخطر.