ورشة في غاية التواضع لا تتجاوز مساحتها بضعة أمتار، لكن يكفي أن تمضي بداخلها بضع دقائق حتي تعلو ملامحك علامات الدهشة، فهاهي مخلفات البلاستيك تتحول أمام ناظريك إلي منتج ذي قيمة لا غني عنه، بعد أن كان مكانها صناديق القمامة! في تلك الورشة الصغيرة بمنشية ناصر، والتي أسسها « عم كمال» في تسعينيات القرن الماضي، يعمل معه أبناؤه الثلاثة خريجو كليات التجارة والحقوق والأداب، لم يجدوا فرص عمل كالعادة، فما كان منهم إلا أن توارثوا المهنة البسيطة التي تصنع من «الفسيخ شربات».
وبينما يعمل إبراهيم بهمة، حكي لنا شقيقه وليد أن مخلفات البلاستيك التي يجلبها جامعو القمامة ليست نوعا واحدا، وإنما يقومون بفرزها كل حسب جودته، وبالنسبة لهم يشترون أردأ الانواع والتي يكون أصلها غالبا لعب الاطفال أو الفوانيس أو «ريموتات» التلفزيون صينية الصنع، أما الأنواع الجيدة الأعلي سعرا فتشتريها المصانع الكبري. بعد تكسير البلاستيك ونقعه في الماء والملح للتخلص من أية إضافات، يتم بيعه للورش، حيث يتم طحنه وتفتيته، ومن خلال آلة يدوية، يتم صهر البلاستيك وصبه في قالب علي شكل «شماعة ملابس»، ليتم بعدها تعبئة الشماعات وبيعها لتجار الموسكي والعتبة . نحو 30 ورشة في المنطقة تعمل في إعادة تدوير البلاستيك، لكن أحوالها تبدلت مع الزمن للأسوأ، فبعد أن كان يعمل بعضها بماكينات آلية ، تنتج أكوابا وصحونا، تقادمت الآن ولم يعد بإمكان أصحابها استبدالها بالأحدث، فاعتمدوا على سواعدهم. ورغم المشقة، يعملون بكل سعادة ورضا.. وفخر.