فانوس رمضان أحد المظاهر الشّعبيّة الأصلية في مجتمعنا وهو أيضا واحد من الفنون الّتي نالت اهتمام الفنّانين والدّارسين حتّى أن البعض قام بدراسة أكاديميّة لظهوره وتطوره وارتباطه بشهر الصّوم ثمّ تحويله إلى قطعة جميلة من الدّيكور العربي في الكثير من البيوت المصريّة الحديثة, وقد نوقشت أكثر من رسالة للماجستير والدّكتوراه عن تاريخ الفانوس الّذي ظلّ عبر العصور أحد مظاهر رمضان وجزءا لا يتجزأ من احتفالاته ولياليه. الفانوس في صدر الإسلام استخدم الفانوس في صدر الإسلام في الإضاءة ليلاً للذهاب إلى المساجد وزيارة الأصدقاء والأقارب. أما كلمة الفانوس فهي إغريقية تشير إلى إحدى وسائل الإضاءة، وفي بعض اللغات السامية يقال للفانوس فيها 'فناس'،ويذكر الفيروز أبادي مؤلف القاموس المحيط، أن المعني الأصلي للفانوس هو "النمام" ويرجع صاحب القاموس تسميته بهذا الاسم إلي أنه يظهر حامله وسط الظلام والكلمة بهذا المعني معروفه. أصل نشأته هناك العديد من القصص عن أصل الفانوس. أحد هذه القصص أن الخليفة الفاطمي كان يخرج إلى الشوارع ليلة الرؤية ليستطلع هلال شهر رمضان، وكان الأطفال يخرجون معه ليضيؤوا له الطريق.كان كل طفل يحمل فانوسه ويقوم الأطفال معاً بغناء بعض الأغاني الجميلة تعبيراً عن سعادتهم باستقبال شهر رمضان. وهناك قصة أخرى عن أحد الخلفاء الفاطميين أنه أراد أن يضئ شوارع القاهرة طوال ليالي شهر رمضان، فأمر كل شيوخ المساجد بتعليق فوانيس يتم إضاءتها عن طريق شموع توضع بداخلها.وتروى قصة ثالثة أنه خلال العصر الفاطمي، لم يكن يُسمح للنساء بترك بيوتهن إلا في شهر رمضان وكان يسبقهن غلام يحمل فانوساً لتنبيه الرجال بوجود سيدة في الطريق لكي يبتعدوا. بهذا الشكل كانت النساء تستمتعن بالخروج وفى نفس الوقت لا يراهن الرجال. وبعد أن أصبح للسيدات حرية الخروج في أي وقت، ظل الناس متمسكين بتقليد الفانوس حيث يحمل الأطفال الفوانيس ويمشون في الشوارع ويغنون. أياً كان أصل الفانوس، يظل الفانوس رمز خاص بشهر رمضان خاصةً في مصر. لقد انتقل هذا التقليد من جيل إلى جيل ويقوم الأطفال الآن بحمل الفوانيس في شهر رمضان والخروج إلى الشوارع وهم يغنون ويؤرجحون الفوانيس. قبل رمضان ببضعة أيام، يبدأ كل طفل في التطلع لشراء فانوسه، كما أن كثير من الناس أصبحوا يعلقون فوانيس كبيرة ملونة في الشوارع وأمام البيوت والشقق وحتى على الشجر. انتشار ظاهرة الفانوس المصري إلى العالم انتقلت فكرة الفانوس المصري إلى أغلب الدول العربية وأصبح جزء من تقاليد شهر رمضان لاسيما في دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها. وقد وصل الاهتمام بالفانوس لدرجة أن العديد من الدول غير الإسلامية صارت تنافسنا في صناعته وتورده لنا بأسعار أرخص مما نصنعه بها وبأشكال مبتكرة وجذابة ومن تلك الدول الصين وتايوان وهونغ كونغ، والتي تورد لنا فوانيس مصنوعة من البلاستيك وتتخذ أحجاما تبدأ من الصغيرة جداً والذي قد يُتخذ كسلسلة مفاتيح إلى الأحجام المتوسطة والكبيرة نسبياً، وتضاء جميعها بالبطارية ولمبة صغيرة، وتكون أحياناً على شكل عصفورة أو جامع أو غير ذلك من الأشكال التي تجذب الأطفال، وأحيانا مزودة بشريط صغير يُردد الأغاني والأدعية الرمضانية، فضلاً عن بعض الأغاني الشبابية المعروفة للمغنين الحاليين. ليست صناعة الفوانيس صناعة موسمية، ولكنها مستمرة طوال العام حيث يتفنن صناعها في ابتكار أشكال ونماذج مختلفة، وتخزينها ليتم عرضها للبيع في رمضان الذي يعد موسم رواج هذه الصناعة.وتعد مدينة القاهرة المصرية من أهم المدن الإسلامية التي تزدهر فيها هذه الصناعة.وهناك مناطق معينة مثل منطقة تحت الربع القريبة من حي الأزهر.. والغورية.. ومنطقة بركة الفيل بالسيدة زينب من أهم المناطق التي تخصصت في صناعة الفوانيس. أنواع الفوانيس وتوجد بعض الفوانيس المعقدة من ناحية تصميمها مثل الفانوس المعروف "بالبرلمان "والذي سمى بذلك نسبة إلى فانوس مشابه كان معلقا في قاعة البرلمان المصري في الثلاثينات من القرن الماضي.وكذلك الفانوس المسمى "فاروق" والذي يحمل اسم ملك مصر السابق والذي كان قد صمم خصيصاً لاحتفال القصر الملكي بيوم ميلاده، وتم شراء ما يزيد على 500 فانوس من هذا النوع يومها لتزيين القصر الملكي. صناعة الفوانيس وقد ظلت صناعة الفانوس تتطور عبر الأزمان حتى ظهر الفانوس الكهربائى الذي يعتمد في إضائته على البطارية واللمبة بدلا من الشمعة.ولم يقف التطور عند هذا الحد بل غزت الصين مصر ودول العالم الإسلامي بصناعة الفانوس الصينى الذي يضيء ويتكلم ويتحرك بل تحول الأمر إلى ظهور أشكال أخرى غير الفانوس ولكن لا تباع إلا في رمضان تحت اسم "الفانوس". رحم الله الأيام فقد تغير الفانوس وتبدل وأصبح نادرا ما ترى طفلا يمسك بالفانوس الزجاجى الملون المحتضن للشمعة المضيئة. وفى جولة في منطقة تحت الربع تجد أشهر ورش الصناعة وكذلك أشهر العائلات التي تتوارثها جيلا ًبعد جيل. وتعتبر الفوانيس المصرية عمرها طويل، وقد شهدت هذه الصناعة تطوراً كبيراً في الآونة الأخيرة، فبعد أن كان الفانوس عبارة عن علبة من الصفيح توضع بداخلها شمعة، تم تركيب الزجاج مع الصفيح مع عمل بعض الفتحات التي تجعل الشمعة تستمر في الاشتعال. ثم بدأت مرحلة أخرى تم فيها تشكيل الصفيح وتلوين الزجاج ووضع بعض النقوش والأشكال.وكان ذلك يتم يدوياً وتستخدم فيه المخلفات الزجاجية والمعدنية، وكان الأمر يحتاج إلى مهارة خاصة ويستغرق وقتا طويلا. وقد قدر الخبير الاقتصادي المهندس رأفت رضوان الرئيس السابق لمركز معلومات مجلس الوزراء المصري حجم ما تستورده مصر من فوانيس رمضان سنويا ب۲ مليون دولار من الصين في الوقت الذي بدأت فيه المنتجات الصينية تغزو كافة الأسواق المصرية بشتى منتجاتها حيث تحولت قضية الفانوس إلى قضية شائكة ومن مجرد احد ملامح الشهر الكريم إلى قضية اقتصادية من الطراز الأول. بهدف جذب الاطفال الى الموديلات الجديدة. أسعار الفانوس بدأت المحال التجارية في مصر عرض فوانيس شهر رمضان المبارك مبكرا ابتهاجا بقدوم الشهر، حيث زينت المتاجر بالفوانيس الملونة وبأشكالها المختلفة الجميلة التي تحمل أسماء عربية مثل بكار وحبيبة وغيرها من الأسماء الشهيرة في المسلسلات المصرية، وتشهد الأسواق المصرية حاليا إقبالا من الأطفال والكبار على شراء فانوس رمضان خاصة مع اختلاف أسعارها والذي يمكن أن يصل في كثير من الأحيان الى مائتي جنيه أو ثلاثمائة «۵۰ دولار تقريبا» ويصل اقل سعر له ۳۰ جنيها مصريا طبقا لإمكانياته ومميزاته، وقد لوحظ تراجع الفانوس المصري ليجلس في مقاعد المتفرجين كعادة كل عام ليتفوق عليه الفانوس الصيني، وذلك بالرغم من وجود أماكن بعينها تعد معقل صناعة الفوانيس في مصر مثل باب الخلق وغيرها والتي تعد أشهر وأعرق مناطق تصنيع الفوانيس في القاهرة، إذ تراجع الفانوس المصري أو البلدي كما يطلق عليه شيوخ المهنة أمام الصيني الذي بات يقدم كافة المظاهر الإسلامية بداية من التكبير والتهليل والأذان وترديد ألاغاني مثل وحوي يا وحوي وغيرها، وذلك في الوقت الذي يبتعد فيه الفانوس المصري عن المنافسة نظرا لعدم استطاعته مواكبة التغيرات التي تحدث من حولة، وهذا على ما يبدو ما دفع أصحاب الورش لأن يطالبوا وبشدة تنظيم هذا السوق ووضع قيود على عملية الاستيراد خاصة وان موضوع مثل «إغراق الفوانيس الصينية للأسواق المصرية» قديم ودخل أروقة ومناقشات البرلمان المصري منذ عدة سنوات، مما أدى لحصار الفانوس المصري وخاصة المعروف بالبلدي وانهيار صناعته اليدوية وإغلاق ورشها.