لا أعرف كيف أعبر عن أحزاني إزاء المشهد المأساوي الذي يغطي معظم أرجاء الأمة العربية من المحيط إلي الخليج... ليست هذه هي الأمة التي حلمنا بها منذ نعومة أظافرنا طلبا للوحدة العربية واشتياقا إلي العيش الحر الكريم تحت رايات الاستقلال والسيادة.. لماذا غاب الأمن والاستقرار عن أوطان الأمة وانكفأ كل قطر عربي علي نفسه بعد أن سالت الدماء أنهارا في ليبيا والعراق واليمن وسوريا وأزهقت ملايين الأرواح وتحولت بعض الأوطان إلي دويلات واضطرت الملايين من المشردين إلي ركوب البحار بحثا عن ملاذ آمن خارج الديار! هل هذا هو ثمن الحرية والديمقراطية التي رفع البعض راياتها وتراقصوا في الشوارع يهتفون « الشعب يريد إسقاط النظام» فإذا هم - بوعي أو دون وعي ينزلقون إلي المحظور الأكبر وهو إسقاط الأوطان في مستنقعات التقسيم والتفتيت لدوافع مذهبية أو طائفية! أين ذهبت أمتنا العربية ولماذا اتجهت نحو المجهول وتباينت توجهات أوطانها بين دعاة للتقوقع والانكفاء علي النفس إيثارا للسلامة وبين من يرفضون شعارات الثورة حتي آخر مواطن وإلي آخر العمر بينما يسعي غيرنا للوحدة والتكامل طلبا للقوة رغم أنهم لا تجمعهم لغة واحدة مثلنا ولا ينتمون لقومية ذاتية تربط بينهم. والكارثة الأكبر والأخطر تتمثل في حدوث انقلاب جذري في العقل العربي الذي يشهد عليه تاريخه بأنه عقل معتدل ومستنير في الأغلب الأعم فإذا بنا أمام ظاهرة منفرة تستفز مشاعر الدنيا كلها ضدنا بسبب تكفير الآخرين واستباحة أرواحهم وممتلكاتهم واعتبار أن تلك السلوكيات المشينة سلوكيات إيمان تقود صاحبها إلي جنات النعيم! وحتي لو كان صحيحا أن للتآمر العالمي دور في صناعة هذا التدهور والانهيار حماية للمصالح الدولية بأوجهها المتعددة فإن اللاعب الأكبر والأخطر هم رجال الطابور الخامس الذين يساهمون في تنفيذ هذا المخطط الجهنمي الذي جعلنا اليوم نتباكي علي جريمة « سايكس بيكو» ونتمني الحفاظ علي حدودها بعد أن عشنا ما يزيد عن مائة عام نحلم بتحطيم الحدود المصنوعة بين أقطار الأمة! خير الكلام: ذهبت هموم حرت في أسمائها.. وأتت هموم ما لهن أسامي ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله