21 خلال الاجتماع التاريخى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة فى نهاية عام 1972 كان السؤال المطروح هو: هل سيكون عملنا فى إطار وحجم ما مارسناه من قبل فى ظل حرب الاستنزاف أم أنه من الأفضل أن نفكر فى تنفيذ عمل أكبر من هذا الإطار؟. كان هناك إجماع على أن حرب الاستنزاف قد استنفدت أغراضها فضلا عن أن إسرائيل لن تقبل بممارستنا لاستنزاف حقيقى ضدها ومن ثم فإن الاختيار الوحيد أمام إسرائيل سوف يكون فى إطار الرد بضربة قوية يمكن أن تؤثر على ما تم إنجازه فى عملية إعادة بناء القوات المسلحة. وقد أقر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى اجتماع لاحق فى ربيع عام 1973 حدود العملية العسكرية بأنها عملية حربية هجومية ذات طابع خاص تتم بتنسيق كامل وفى إطار عمل مشترك مع سوريا بعد أن أبلغ السادات المجتمعين بأن الرئيس حافظ الأسد وافق من حيث المبدأ على فكرة العمل المشترك للعملية الهجومية وكانت هذه مفاجأة سارة للمجتمعين. كان مفهوم العملية الحربية الهجومية أن تعبر القوات المصرية قناة السويس وتلك فى حد ذاتها مشكلة.. وكان على قوات العبور المصرية أن تواجه بعد ذلك خط بارليف وذلك أيضا مشكلة.. وأهم من ذلك كله كانت هناك مشكلة رئيسية هى كيف يمكن أن نخفى نوايانا عن العدو ونحرمه من احتمال اكتشاف هذه النوايا والتمكن من تنفيذ ضربة وقائية تجهض مخططاتنا قبل ساعة الصفر؟ وفيما يتعلق بالمانع المائى فإن قناة السويس تعتبر مانعا مائيا فريدا له مواصفات خاصة بسبب الانحدار الكبير لشاطئيها مما يتسبب فى إعاقة نزول أو صعود المركبات البرمائية إلا فى ظل تجهيزات هندسية خاصة وفيما يتعلق بالساتر الترابى فقد كان ارتفاعه يتراوح بين 10 و 24 مترا ودرجة انحداره على شاطيء القناة مباشرة تجعل من المستحيل على أى مركبة برية أو مائية اعتلاءه أو اجتيازه إلا بعد إزالته تماما. وكانت المفاجأة الأخرى فى هذا الاجتماع التاريخى أن اللواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات كان جاهزا بحلول عملية لقهر كل المستحيلات دونها فى كشكوله الخاص بخط يده وبالقلم الرصاص استنادا إلى مجموعة عمل موسعة استعان فيها مع أركان هيئته بعدد كبير من أساتذة الجامعات المتخصصين فى شتى المجالات. .. وغدا نواصل الحديث [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله