لم يكن غائبا عند وضع خطة العبور أن قناة السويس تنفرد عن سائر الممرات والموانع المائية فى العالم بأنها ذات شاطيء شديد الانحدار ومغطى بستائر أسمنتية وحديدية رأسية تمنع نزول وصعود المركبات البرمائية إلا بعد توفير تجهيزات هندسية دقيقة ومسبقة وأيضا فإن قناة السويس يتراوح عرضها بين 220,180 مترا ويصل طولها إلى 175 كيلو مترا يبلغ عمقها مابين 16 و18 مترا وينخفض سطح المياه فيها عند حافة الشاطيء بنحو مترين الأمر الذى يتعذر معه إتمام أى عملية عبور لا طفوا ولا خوضا ولا سيرا على القاع خصوصا وأن الإسرائيليين عمدوا إلى تحويلها إلى ما يشبه السد المنيع الذى يدفع مصر إلى التفكير ألف مرة قبل التفكير فى العبور بعد أن أقاموا ساترا رمليا يزيد ارتفاعه فى بعض المناطق على 20 مترا ويلامس حافة القناة مباشرة بزاوية ميل تزيد على 45 درجة وفى داخل هذا الساتر وفوق قمته وإلى الخلف منه شيدت عدة قلاع حصينة هى التى اصطلح على تسميتها باسم خط بارليف. كان لا بد أن يضع المخطط المصرى فى اعتباره أن المرحلة الأولى لاقتحام القناة بجحافل العبور سوف تكون أصعب وأخطر المراحل بالنسبة لنا وأسهلها وأيسرها بالنسبة للعدو المتمركز داخل حصونه المطلة على القناة.. ومن ثم فإنه كان لابد من إعداد الجندى المصرى لكى يكون مستعدا لتسلق الساتر الترابى بعد وصول القوارب المطاطية إلى حافة الشاطيء الشرقى للقناة وتأهيل نفسه للقتال مع مدرعات العدو لمدة لا تقل عن 6 ساعات قبل أن يصله دعم الدبابات والأسلحة الثقيلة فور الانتهاء من إنشاء كبارى العبور. والحقيقة أن هذا الجهد الجبار فى رصد كل كبيرة وصغيرة أسهمت فيه كافة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة وأخص بالذكر القوات البحرية وهيئة البحوث العسكرية وفرع المعلومات وفرع الاستطلاع بالمخابرات الحربية.. وكانت هناك عملية حصر وتنسيق بين مختلف المعلومات والوثائق تولاها بنفسه اللواء محمد عبد الغنى الجمسى من خلال تسجيلها بقلمه فى كشكول خاص عرف فيما بعد باسم كشكول الجمسي! ..وغدا نواصل الحديث.. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله