تواصل "المساء" نشر القصص البطولية "معارك وبطولات" إهداء من القوات المسلحة البطولية تخليدا لذكري القائد بطل الحرب والسلام الرئيس محمد أنور السادات وتخليدا لشهداء حرب أكتوبر 1973 من قادة وضباط وصف وجنود. نقدم اليوم حلقة جديدة من معارك وبطولات لقواتنا الباسلة وهي معركة النقطة .149 معركة كبري لم تكن هزيمة العرب في الخامس من يونيو عام 1967 إلا نذيرا لهم وناقوسا يدق بعنف معلنا خطورة الموقف وجسامة الهزيمة وفداحة الخطب الذي ألم بالأمة العربية ولكن بعد ست سنوات من المرارة بل ست سنوات من الاستعداد الضخم الذي شمل كافة المجالات لقواتنا المسلحة وبإشراق يوم السادس من اكتوبر العاشر من رمضان أعلن عن ميلاد يوم مجيد في تاريخ الأمة العربية ايذانا بالثأر لهزيمة يونيو 1967 وكان نصر الله مبينا. لقد كان أهم ما قامت به القوات المسلحة عن الاعداد ونتائجه في تلك المعارك الصغيرة والتي أظهرت المعدن الأصيل للمقاتل المصري وبطولته وشجاعته وتضحيته فداء وانكارا للذات إلي غير ذلك من صفات موروثة متأصلة في أعماق التاريخ القديم والحديث وما نحن بصدد عرضه ليس نموذجا من النماذج للمعارك الصغيرة وهي معركة الاستيلاء علي النقطة القوية رقم 149 في خط بارليف الحصين في معركة أكتوبر .1973 أسلوب دفاع العدو كانت الخطة الدفاعية حيث اتخذ العدو نظام الدفاع المتحرك للدفاع عن المناطق التي احتلتها علي جبهة سيناء نظرا لأنه يتلاءم مع طبيعة الأرض وامكانيات العدو البشرية حيث يتحقق له الاحتفاظ بأقل عدد ممكن من القوات علي المواجهة مع الاحتفاظ باحتياطيات متعددة علي أعماق مختلفة وقد ساعد علي نجاح تلك الخطة انشاء خط دفاعي معين علي طول القناة واستخدم في اعداده أحدث ما وصل اليه الفن الهندسي والفن العسكري. خط بارليف الحصين يعتبر خط بارليف من أحدث الخطوط الدفاعية التي انشئت في القرن العشرين نظرا لأنه يعتمد علي نظريات تكتيكية تهيئ قدرات نيرانية وهندسية تحقق للمدافع مزايا فائقة بل وتكبد المهاجم أكبر خسائر ممكنة والذي يجعله يتصور ان اقتحامه قد يكون أمرا مستحيلا. زاد من قوة هذا الخط استناده علي المانع المائي "قناة السويس" فزادته قوة مما جعل القادة العسكريين الاسرائيليين يتفاخرون به وبلغت تكاليف انشاء هذا الخط 238 دولارا أو ما يزيد عن نصف تكاليف انشاء السد العالي. قام العدو ببناء هذا الخط علي الضفة الشرقية للقناة وعلي طول المسافة من بورفؤاد شمالا حتي رأس سدر جنوبا وقد تم اختيار مواقع النقط الحصينة في أنسب الأماكن الصالحة لعبور قناة السويس والمتحكمة في محاور التقدم الرئيسية عبر سيناء مثل سدر متلا الحربي المحور الشمالي في القنطرة وعندما بلغ عدد المواقع الحصينة 22 موقفا اشتلمت في مجموعها علي 31 نقطة قوية يصل عمق الواحدة حتي حوالي 300 متر. تم تجهيز هذه المواقع الحصينة بتجهيزات هندسية علي أحدث ما وصل اليه العلم العسكري الحديث فشملت دشما وملاجئ ومرابض نيران لمختلف الأسلحة والدبابات ونقط شئون إدارية من مطابخ ومخازن ونقط اسعاف تحت الأرض وقد زودت بأبراج للمراقبة ومزاغل للأسلحة علاوة علي تزويد بعض منها بخزانات للمواد الحارقة الشديدة الاشتعال وذلك لضخها علي سطح القناة واشعالها فتخيل سطح القناة أمام النقطة إلي جزر نيران بغرض تدمير القوات المهاجمة مع تغطيتها بنيران أسلحة النقطة القوية. كما تم اختيار المواقع واعدادها بحيث تتعاون بالنيران المتسقة تماما فيما بينها وتوفر وقاية لجميع الأفراد بداخلها ضد أكبر القنابل حجما والتي يصل وزنها إلي ألف رطل أو أكثر وذلك باستخدام سلك أرانب بداخله أحجار لتمتص رطل أو أكثر وذلك باستخدام سلك الأرانب وبداخله تلك الأحجار لتمتص الموجات الانفجارية لهذه القنابل مع بناء الدشم باستخدام قضبان السكك الحديدية والفلنكات الخشبية وشكاير الرمل في عدة طبقات متتالية وقد تم توفير الاحتياجات الإدارية بتكديس تعيينات ومياه كافية لإعاشة وقوة النقطة الحصينة لمدة شهر. قام العدو بعمل عدة أحزمة أحاطت بكل هذه المواقع الحصينة من موانع الأسلاك والألغام. كما جهزت مرابض نيران للهاونات ومصاطب للدبابات في الفواصل بين النقط الحصينة وذلك لاحتلالها بالاحتياطيات المحلية والغربية بالإضافة إلي اقامة سواتر ترابية في الفواصل لحصر القوات المهاجمة في مناطق قتل. كما قام العدو بتزويد المواقع الحصينة بأجهزة الرؤية الليلية الحديثة بالإضافة إلي أجهزة الكترونية للكشف عن التحركات عبر القناة وحتي مسافة 10كم هذا بالإضافة إلي أجهزة لتوجيه الطائرات. لم تكن النقط القوية وما بينها فقط هو كل ما شمله خط بارليف وانما كان هناك وعلي خطوط متعددة في اتجاه الشرق من حافة القناة والمسافة حتي 10كم هذا بجانب اقامة العديد من السواتر الترابية الرمل في عدة طبقات والمصاطب ونقط قوية أخري غير محتلة ومرابض لاستخدامها بواسطة الاحتياطيات وتدمير أي قوات تنجح في العبور والتقدم في اتجاه الشرق. حقائق عن المانع المائي يصل طول القناة 175كم ويتراوح عرضها بين 180م 220م والعمق بين 16م 18م وينخفض سطح الماء عن حافة الشاطيء بحوالي 2 م تتعرض القناة لظاهرة المد والجزر مما يؤدي إلي اختلاف منسوب المياه عدة مرات في اليوم الواحد. كما تتميز القناة بشدة التيار وسرعته التي تصل إلي 90 مترا في الدقيقة هذا بالإضافة إلي التغيير المستمر في اتجاه التيار من الشمال إلي الجنوب وبالعكس. لذلك فإنه يتمتم عند التخطيط لعمليات العبور اتخاذ اجراءات فنية دقيقة عند انشاء المعديات والكباري حيث يحد القناة شاطيء شديد الانحدار مغطي بالحجارة والأسمنت وستائر الصلب مما يعرقل تثبيت المعابر والكباري ويعطل اجتيازها بواسطة المركبات البرمائية أو رسو المعديات عليها مما يحتم معه عمل تجهيزات هندسية مسبقة لها. زاد من صعوبة عبور القناة ان العدو قام باستقلال ناتج الحفر المتراكم علي الضفة الشرقية للقناة وذلك بإزاحته إلي حافة القناة بارتفاع يصل في بعض الأحيان إلي 20م مع تسويته من أعلي ليصل عرض السطح العلوي في بعض الأحيان إلي 20م أيضا مع تغطية هذا المسطح ضمن خطة النيران وقد وصلت درجة الميل للسائر إلي أكثر من 45 درجة مما يزيد من الصعوبات التي تواجه القوات المهاجمة فيتم استنزاف جهودها في صعود الساتر والتغلب عليه علاوة علي التأخير الذي يتيح الفرصة لقواته الاحتياطية للوصول إلي أماكنها لتدمير القوات القائمة بالعبور وهي في مراحلها الأولي. الأهمية التكتيكية قام العدو بإنشاء هذه النقطة علي تبة مشرفة ومسيطرة علي المانع المائي "قناة السويس" وعلي الأرض حولها إلا ان أهمية هذه النقطة من الناحية التكتيكية ترجع إلي سيطرة هذه النقطة علي محور مثلا وهو طريق أسفلتي يوصل بين الشط وممر متلا ويمتد علي عمق سيناء. تتحكم هذه النقطة في مدخل محور الامداد الرئيسي للعدو والموصل إلي عيون موسي جنوبا وإلي جنوب البحيرات والاسماعيلية شمالا كما تتحكم في جميع الطرق والمدقات المؤدية إلي الشط. تم تجهيز هذه النقطة بحيث تتمكن القوات المدافعة السيطرة علي المنطقة المواجهة لمعدية الشط علي الضفة الغربية لقناة السويس والتعامل مع أي قوات تتحرك بها. التجهيزات الهندسية تم تجهيز النقطة هندسيا بما يحقق الوقاية وأمن القوات بها لتتمكن من تنفيذ خطة نيران سليمة تؤدي إلي تدمير القوات المهاجمة والتي كانت تشمل تجهيز دشم خرسانية وملاجيء وخنادق مواصلات تربط بينها جميعا وبين حفر الرشاشات ومرابض نيران الهاونات وكذلك مصاطب الدبابات ومواقع الصواريخ أرض أرض. تم تجهيز خطة النيران وأوضاع الأسلحة بحيث تكفل الدفاع الدائري وتتعاون في نفس الوقت بالنيران مع أسلحة الموقع الحصين عند علامة كم .148 تم عمل نطاق من الأسلاك الشائكة والألغام والشراك الخداعية حول النقطة الحصينة. كما قام العدو بإنشاء 11 مصطبة للدبابات علي جانبي النقطة علي حافة القناة في الساتر الترابي وعلي عمق يتراوح بين 1-3 كم بغرض منع تقدم أي قوات تنجح في التسلل. هذا بجانب قيام العدو بإنشاء برج للمراقبة فوق النقطة يمكنه من ملاحظة أعمال قواتنا إلي حد عمق كبير. حجم قوات العدو بلغ حجم قوات العدو في هذه النقطة إلي فصيلة مشاة مدعمة بعدد 8 رشاش نصف بوصة وعدد 6 مدافع عديم الارتداد و3 هاون 81 مم و3 هاون 120مم وعدد 2 دبابة وعدد 2 عربة صواريخ أرض أرض.. الحلقة القادمة نواصل فيها الجزء الثاني لمعركة النقطة 149 لشرح قواتنا وقرار الاقتحام للنقطة القوية.