كنا قبل أسبوعين قد طرحنا مجموعة من الأسئلة الواجبة بشأن إعلانات التبرعات التى تحاصرنا منذ أول رمضان بحجة أنها ستعود فى النهاية إلى الفقراء فى خدمة صحتهم وعافيتهم وإنقاذهم من الأمراض القاتلة والخطيرة، وما بين إعلان استهلاكى يدعو لشراء سلع فاخرة، وإعلان استفزازى تدعو لمنتجعات الرفاهية والطبقية، وإعلانات طلب الحاجه والإستجداء، نكتشف أننا وقعنا فى فخ من الإنفصام والطبقية، يزيد فى تدليل الأغنياء ورفاهيتهم ويفرض تبرعات شبه إجبارية على الفقراء إذا كانوا يرغبون فى علاج أنفسهم، فلا يوجد هناك من يتبرع لعلاجهم غيرهم، خاصة وأن الفقراء يعرفون حقيقة أنهم الأغلبية العظمى والأكثر إصابة بتلك الأمراض الخطيرة. لقد زاد الأمر على حده وتجاوزت هذه الإعلانات فى قسوتها واستفزازها للمحتاجين ومحدودى الدخل مما يدفعنا أن نسأل : إذا كان فى بلادنا الاف من الأثرياء تتسابق عليهم منتجعات الرفاهية التى تنتشر وتزداد يوماً بعد يوم، فلماذا لا تلجأ شركات الإعلانات الداعية للتبرع بمخاطبة هؤلاء على الأقل تساعدهم فى أن يسددون عن كاهلهم زكاة المال فى رمضان. والأسبوع الماضى عندما تناقشت مع عدد من خبراء الإعلان المطلعين على كواليس هذا البزنس الملىء بالأسرار والصفقات الحرام، عرفت أن صاحب شركة إعلانية نجح فى أن يتحصل وحده على أكثر من 300 مليون جنيه من جراء إحتكاره لإعلانات التبرع والتسول وكلها من جيوب فقراء باحثين عن الدواء والشفاء ومحتاجين لكل قرش يساعدهم فى رحلة علاجهم من تلك الأمراض الخطيرة التى إذا دخلت بيوتاً وأجساداً أهلكتها ودمرتها. إذن نحن وبصريح العبارة أمام «سبوبة» ترفع شعار .. المكسب لسماسرة الإعلانات والتبرع للجميع، فيكفى أن تعرف أن عددا من مرضى الكبد الفقراء ولدينا أوراق ومستندات تثبت صحة شكواهم وشهاداتهم تقول إنهم بمجرد ذهابهم إلى واحدة من هذه المستشفيات التى تملأ إعلاناتها شاشات الفضائيات وتلح علينا ليل نهار بالتبرع لها، فلقد فوجئ هؤلاء المساكين المغلوبون على أمرهم بأنهم لا يستطيعون سداد تكلفة الكشف المبدئى وتحاليل العينات التى بلغت 600 جنيه فى هذا المستشفى الموجود بإحدى القرى التابعة لمحافظة الدقهلية، فضلا عن أن الحصول على مكان للعلاج وإجراء جراحة هو المستحيل بعينه. لمزيد من مقالات أبوالعباس محمد