قصة نجاح بدأت منذ نعومة أظفاره، فرضتها عليه ظروف الحياة الصعبة، إذ مات أبوه وهو طفلٌ صغير، فرعته أمه وجدته، اللتان وفّرتا من قوتهما كي يكمل تعليمه، ويعوضهما آلام الفقر والحرمان. استوعب الطفل محمد عبد اللطيف الخولي الدرس جيدا، ووصل ليله بنهاره جدا واجتهادا، تحصيلا ومذاكرة، حتى تخرج في كلية الحقوق، وعمل بمصلحة الشهر العقاري.
بدأ السلم الوظيفي من أوله، ولأنه نشأ فقيرا، فكان يُقدر مصالح الناس خاصة البسطاء، دون إخلال بقوانين العمل، وبإخلاصه في عمله، وتفانيه فى خدمة الجمهور، حظي باحترام وثقة رؤسائه، فكانت تقارير تقديره السنوية لا تقل عن امتياز، مما أسهم في ارتفاعه في السلم الوظيفي، حتى صار رئيسا لمصلحة الشهر العقاري، أعلى درجة وظيفية في مجال عمله.
هو نموذج فريد، أيقنُ صاحبُه خلال رحلة عمله الطويلة، أن القيادة تكليفٌ وليست تشريفا، هي انضباط ونظام وعمل جاد.
آمن بدور القدوة، والتى تعنى أن يكون رئيس العمل قدوة لمرءوسيه، فكانت حياته العملية انضباطا في الحضور والانصراف، تأدية للعمل على أكمل وجه وأحسن صورة، التحاما بالجمهور، وليس الجلوس فى برج عاجى، فجابت شهرته الآفاق، وأشاد بكفاءته القاصي والداني، وتوالت له دعوات أصحاب الخدمات، الذين وفدوا إلى مصلحته فزلل لهم كل صعب، ويسر لهم كل عسير.
اتسمت علاقته بمرءوسيه بالود والحميمية، فما رفع على رقابهم سيف الحجاج يوما، بل كان يُؤثر النصح والتوجيه، ويُعلم المخطئ، ويقوم المعوج برحابة صدر ولين طبع، صنعا الأعاجيب.
أيقن خلال رحلة عمله التي زادت على 40 سنة أن القيادة ليست وجها عابسا وجبينا قاطبا، وجزاءات ع ( الفاضي والبطال)، بل هي حزمٌ لا يصل لحد القسوة، ولينٌ لا يصل لحد التسيب، بل هي الوسطية التي تحقق النجاح.
وإلى جوار عمله الذى حقق فيه النجاحات، حرص على العمل الاجتماعي، فرأس مجلس إدارة إحدى الجمعيات الخيرية بقرية إمياي بالقليوبية، التي تراعى الأيتام وتكفل الأسر الفقيرة.
هي رحلة طويلة عمل صاحبها في صمت، فلم يطمع يوما فى شهرة، ولم يحرص على منصب، بل رفض منصب رئاسة المصلحة، فاستدعاه وزير العدل آنذاك، وأقنعه مساعده بأن المصلحة تحتاج إلى جهده وخبرته، فامتثل للأمر؛ إيمانا بالواجب الذي يفرضه عليه الانتماء للبلد. حياة جادة لرجل آمن بأن الآخرة خيرٌ من الأولى، وأن جزاء الله خيرٌ وأبقى، فبدأ بسيطا، وارتقى درجات السلم الوظيفي حتى بلغ الذروة، وخرج منه للمعاش . Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى