وقف صلى الله عليه وسلم على مشارفَ مكة، لما عزم الهجرة إلى المدينة، بعدما نكّلت به قريش وبصحبه المستضعفين، وأصمّت آذانها عن سماع دعوته، والدخول فى دين الإسلام، يُردد مقولة تؤصل لحب الوطن والانتماء للأرض، فقال صلى الله عليه وسلم: ( والله إنك أحبُ بلاد الله إلى الله، وأحبُها إلى قلبى، ولولا أن أهلك أخرجُونى منك ما خرجت). هذه العبارة التي نطق بها حبيبُنا وأسوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، ما أحوجنا إلى ترديدها والعمل بمُقتضاها، لنُقيل عثرة مصر مهدِ الحضارة والتاريخ. إننا كمصريين بحاجة ماسة لأن نُلقى خلف ظهرانينا، العصبية المقيتة، سواء لحزب أو جماعة أو تيار، ونلتف جميعا حول راية واحدة، تسعى للنهوض ببلدنا وتحقيق الريادة لها، كما كان من قبل. إن مصر دولة محورية، حباها الله بعبقرية المكان، الذي جعلها مطمعا لكل الدول على مر العصور والأزمان، ولكن الموقع وحده، لا يصنع نهضة ولا يُشيد حضارة، إذ لابد إلى جواره من مُقوم بشرى وإرادة سياسية. إننا جميعا في مركب واحدة، والوصولُ بها إلى بر الأمان، نجاةٌ للجميع، أما التقاعس وتوفير الجهد، وشيوع روح الفوضى، واللامبالاة، والإهمال، والنفخ فى نار الفتن والخلافات، وعدم احترام وقت المصالح والمؤسسات، وغيرها من السلوكيات المستهجنة، التي حققنا – وللأسف - فيها الريادة والسبق، كفيلةٌ بغرق المركب، والوصول بالبلاد إلى مالا تُحمد عقباه. إن حُب الوطن الذي أصلّه في نفوسنا المصطفى، والذي تجلى في عبارته السابقة ليس كلمةً تقال، بل هو منهجُ حياة، يتحقق بالعمل الجاد والمُتقن، امتثالا لقول نبينا الذي نحتفل هذه الأيام بذكرى مولده: ( إن الله يحب إذا عمل أحدُكم عملا أن يُتقنه). حبُ الوطن يتحقق بالحفاظ على وقت المؤسسات والمصالح الحكومية، لأن الوقت هو الحياة، وبالإخلاص للهدف الذي ننشده، ونعمل جادين من أجله، وهو رقى وطننا ونهضة بلادنا، دون استصغار لجهد، أو تحقير لعمل، فالمهم المداومة، لأن أفضل الأعمال أدومُها وإن قل. أضف إلى هذا كله لابد من إرادة سياسية، تُكافئ المُخلص، فيتفانى في عمله، وُتقوم المُعوج فينزجر ويستقيم. وغيرها من السلوكيات الحميدة، والأخلاق القويمة التي لو ترجمناها على أرض الواقع، سنجنى إلى جانب نهضة مصر، طاعة المصطفى، التى تُعد الإحياء الحقيقى لذكراه. Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى