طلب مناقشة أمام «الشيوخ» بشأن جودة التعليم العالي | الإثنين المقبل    تعزيز التعاون الاقتصادى وحرب غزة تتصدر مباحثات السيسي ورئيس البوسنة والهرسك بالاتحادية    بدء جلسة الشيوخ لمناقشة سياسة الحكومة بشأن تحقيق جودة التعليم العالي    ورشة عمل حول القصص الصحفية عن الأحداث العربية ب "إعلام بني سويف"    محافظ المنوفية يستقبل رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية    وزارة العمل تنظم ورشة لمناقشة أحكام قانون العمل بأسوان    ضوابط تحويل الإجازات المرضية ل سنوية وفقا للقانون    غدا.. انتهاء مهلة تقديم الإقرارات الضريبية إلكترونيا للممولين من الأشخاص الاعتباريين    أسعار الريال السعودي في البنوك اليوم الإثنين    "المؤتمر": كلمة السيسي بافتتاح مركز الحوسبة السحابية رسمت صورة متكاملة للمستقبل الرقمي    وزير الإسكان يتابع مشروعات الخدمات ورفع الكفاءة والتطوير بالمدن الجديدة    بعد بيان الضرائب.. صعود جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل التعاملات    «معلومات الوزراء» يصدر تقريراً حول الإطار العام لتخضير النظام المالي العالمي    إعلام إسرائيلي: مطلب انسحاب حزب الله شمال الليطاني حذف من مقترح فرنسا للتسوية    رئيس الوزراء الأردني: على إسرائيل تمكين النظام الأممي من ممارسة مهامه لإدخال مزيد من المساعدات    مدبولي: يجب بذل أقصى الجهود لتفادي أي اعتداء على رفح الفلسطينية    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    شوبير عن احتفال مصطفى شلبي أمام دريمز: كل تصرفاتك محسوبة عليك    برشلونة يسعى لاستعادة نغمة الانتصارات أمام فالنسيا بالدوري الإسباني    الخطيب غاضب من السولية والشحات" ويطالب خالد بيبو بأمر عاجل    الداخلية تضبط عنصرًا إجراميًا بحوزته «ترسانة أسلحة» بالجيزة    «جثة في جزيرة مطيرة».. كواليس جريمة راح ضحيتها شاب بقنا    انطلاق اختبارات المواد غير المضافة للمجموع لصفوف النقل بالقاهرة    احالة 373 محضرًا حررتها الرقابة على المخابز والأسواق للنيابة العامة بالدقهلية    مصرع شخض مجهول الهوية دهسا أسفل عجلات القطار بالمنيا    ضبط شخصين لقيامهما بإضرام النيران عمدا بإحدى الصيدليات بالقاهرة    قنوات ART تنعي المخرج والسيناريست عصام الشماع: أعماله ستظل خالدة في وجدان المشاهد العربي    «الرعاية الصحية» تشارك بمؤتمر هيمس 2024 في دبي    ختام فعاليات الدورة التدريبية لإعداد المثقفين الصحيين بدمياط    طلب من حسام حسن.. عامر حسين يكشف موعد توقف الدوري المصري    خسائر جديدة في عيار 21 الآن.. تراجع سعر الذهب اليوم الإثنين 29-4-2024 محليًا وعالميًا    رمضان السيد: الأهلي قادر على التتويج بدوري أبطال إفريقيا.. وهؤلاء اللاعبين يستحقوا الإشادة    احتفاء بفوز باسم خندقجي بالبوكر: فلسطين ملء العين والسماء دائما    تعرف على الجناح المصري في معرض أبو ظبي للكتاب    أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على طلاقها من أحمد العوضي    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    مجموعة الصعود.. بتروجت يستضيف وادي دجلة بدوري المحترفين    اتحاد الكرة: قررنا دفع الشرط الجزائي لفيتوريا.. والشيبي طلبه مرفوض    مصرع عامل وإصابة آخرين في انهيار جدار بسوهاج    من هي هدى الناظر زوجة مصطفى شعبان؟.. جندي مجهول في حياة عمرو دياب لمدة 11 سنة    لأول مرة.. تدشين سينما المكفوفين في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    مدبولي: أكثر من 85% من المساعدات الإنسانية لغزة كانت من مصر    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    رئيس كوريا الجنوبية يعتزم لقاء زعيم المعارضة بعد خسارة الانتخابات    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    "استمتع بالطعم الرائع: طريقة تحضير أيس كريم الفانيليا في المنزل"    مفاوضات الاستعداد للجوائح العالمية تدخل المرحلة الأخيرة    أموك: 1.3 مليار جنيه صافي الربح خلال 9 أشهر    البحوث الفلكية: غرة شهر ذي القعدة فلكيًا الخميس 9 مايو    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    أول رد رسمي من الزمالك على تصرف مصطفي شلبي أمام دريمز    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدفع قبل العلاج..شعار الطوارئ بالمستشفيات
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 11 - 2014

«ادفع أولاً» .. شعار ترفعه المستشفيات بجميع مستوياتها وتخصصاتها مهما كانت حالة المريض أو المصاب الذى يلجأ إليها .. قد يكون شخصا يعانى من نزيف يهدد حياته أو جلطة يجب الاسراع بإذابتها حتى لا يصاب بالشلل أو يحتاج لجراحة عاجلة وإلا تعرضت حياته للموت.
ليس من المعتاد أن يمضى الانسان يومه متحركاً من عمله إلى بيته أو النادى أو غيرها من الأماكن العامة وهو يضع فى محفظته آلاف الجنيهات حتى اذا تعرض لحادث مفاجئ أو أزمة صحية يكون حاملاً للأرقام الكبيرة التى تشترطها المستشفيات، وإذا كان معه وسرقت محفظته فى الحادث الذى تعرض له ماذا سيدفع لينقذ حياته.. والأكثر من ذلك قد يتعرض الانسان لأزمة صحية ليلاً أو فى الاجازات الأسبوعية أو الرسمية وتكون البنوك مغلقة ولا يمكن لأهل أو أقارب أو أصدقاء المريض توفير المبالغ المطلوبة للمستشفى فى توقيت الحادث أو الأزمة لكنهم يتعهدون جميعا بسداد أى مبلغ مهما كان حجمه أو قيمته فور عودة البنوك للعمل ويكونوا على استعداد للتوقيع على أى فاتورة أو شيك أو إيصال أمانة أو غيرها مما يضمن للمستشفى حقها ولكن المسئولين فى المستشفى يرفضون قبول أية أعذار أو أية ضمانات ومهما كانت الحالة حرجة أو تواجه الموت يتركونها تواجه الموت بإصرار على سداد الفاتورة أولا ً!! وإذا كان المريض غير مقتدر ولا يملك هذه الآلاف أليس من حقه كإنسان أن تقدم له الخدمة العلاجية مجاناً إلى حين ميسرة؟
كل هذا يحدث بلا رحمة ولا إنسانية ولا مرونة ولا مبرر لإهدار أرواح الناس التى أثبتت التجربة أن حفنة جنيهات أغلى منها بكثير.. وأن الطوارئ أصبحت كاشفة فاضحة لمشاكل الطب فى مصر.
حدث هذا كثيرا وتكرر- ولنبدأ بأحدث المواقف فأقدمها، وهو مأساة الطفل يوسف عمرو، والذى توفى مؤخراً، إثر سقوط لوح زجاجى على رقبته، فى مدرسة عمار بن ياسر الابتدائية بالمطرية، وأصيب بتهتك فى الأوعية الدموية، وتم نقله لمستشفى المطرية، الذى رفض علاجه إلا بعد دفع مبلغ 10 آلاف جنيه فضلا عن عدم وجود طبيب متخصص فى حالته، مما أدى لنقله إلى مستشفى الزيتون، والذى لم يكن مجهزة طبيًا لعلاجه، وعند نقله لمستشفى الدمرداش، تم إبلاغهم بأن «الطوارئ فى الصيانة»!!.
- سيدة تضع مولودها ولادة طبيعية وسط الطريق أمام المارة على الأسفلت أمام إحد المستشفيات بكفر الدوار رفض المستشفى أن يولدها إلا قيصريًا.
- كما رفضت احد المستشفيات استقبال سيدة حامل لتوليدها لعدم امتلاكها 150 جنيها.
- مستشفى يرفض استقبال أحد المصابين فى حادث طريق العلمين سبتمبر الماضى قبل سداد نسبة من رسوم العلاج وتم تحويلها للنيابة
- مهزلة إنسانية متكررة داخل إحدى مستشفيات الإسكندرية الذى يتبع هيئة التأمين الصحى، كان أخرها رفض استقبال مريض (75 عاما)، يعانى من ارتفاع بنسبة البولينا فى الدم، وجلطة فى القلب بحجة عدم وجود أطباء لبدء أجازة عيد الأضحى وطلبوا منه الرجوع للمستشفى بعد إجازة العيد!! بالطبع الأطباء «بيعيدوا» ولا يجب لأى أحد أن يمرض فى الأجازات أو أن يؤجل لمرضه لبعدها .. هذا هو المنطق الذى نستخلصه من هذا الموقف الغريب!!
وقبل الثورة نتذكر انتهت حياة رجل أعمال مصرى روسى داخل أحد المستشفيات الكبرى بسبب 30 ألف جنيه، كان مصابا بتضخم فى الشريان الأورطى وأن مسئول الحسابات بالمستشفى طلب من زوجته دفع 100 ألف جنيه تحت الحساب، وأنه كان بحوزتها 70 ألف جنيه ولخطورة حالة زوجها طلبت منه وضع سيارتهما تحت أمر المستشفى لكنه رفض، واتصلت الزوجة بمدير فندق تقيم به فى الغردقة والذى تحدث إلى مسئول الحسابات وأخبره أن المريض رجل أعمال ثرى وأن أمواله فى خزينة الفندق وأنه متكفل بإحضارها له فى الصباح، لكنه رفض وطلب المبلغ كاملا، دخل المستشفى وتعطلت الجراحة اللازمة التى أفادت التقارير انها ستنقذ حياته خلال 8 ساعات ولفظ أنفاسه الأخيرة.
كما أن عدم توفر طبيب مختص فى إحدى حالات الطوارئ يطرح سؤالاً جديداً أليس من المفترض أن تضم المستشفيات جميع التخصصات لأنها هى الملجأ لأى انسان لينقذ حياته، أم أن الحالات الحرجة والطوارئ من المفترض أن يمهلها القدر فرصتها كاملة لأن تلف وتدور على جميع أنواع المستشفيات تستجدى كل منها لتقبلها بدرجة من الانسانية دون تقديم المال أولا أو تبحث عن التخصص الذى تحتاجه؟
النجدة .. الاسعاف .. الانقاذ .. كلها مفردات تدل على سرعة التدخل للحفاظ على الإنسان على قيد الحياة، ولكن هذا عكس الواقع وهو ما يعنى أن المنظومة الطبية محيرة فى بلدنا وتواجه مشكلة حقيقية وحياة المصريين رخيصة جداً رغم انهم الأيدى العاملة التى من المطلوب منها النهوض بالبلاد، وهذا لا توافق عليها الأديان السماوية ولا الانسانية ولا آداب المهنة ولا حتى القانون ولا قرارات وزارة الصحة .. ومن هنا نطرح السطور القادمة لتحمل بين طياتها أين تكمن المشكلة وكيف يكون الحل .. خاصة وإن الوضع مستفحل فى المحافظات والأماكن النائية.
الإمتناع عن العلاج جريمة
د.منى مينا أمين عام نقابة الأطباء تبدأ كلامها بطرح المادة رقم 18 من دستور مصر الخاصة بالصحة وتنص على “يجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة”، وهذا يعنى أنه لا يمكن الامتناع عن تقديم الخدمة الطبية لمريض طوارئ لأنه لم يسدد المقابل المادى لهذه الخدمة، وقد سبق أن طالبنا بالحق فى الصحة، وقمنا بعديد من الضغوط والمطالبات فى الدفاع عن الحق عن الحق فى الصحة بقرار1063 لرئيس الوزراء، والذى يلزم جميع المستشفيات بتقديم الخدمات للطوارئ ولحالات الحوادث بالمجان لمدة 48 ساعة, على أن تتحمل الدولة تكاليف العلاج من موازنة العلاج على نفقة الدولة.. ويشمل هذا القرار جميع المستشفيات سواء كانت حكومية أو خاصة أو جامعية أو تتبع التأمين الصحى أو استثمارية، ومما لا شك فيه أن نقابة الأطباء للدفاع عن «الحق فى الصحة» كحق أساسى للمواطن,لا يمكن أن يخضع لمنطق السوق, فلا يمكن أن يقتصر تقديم الخدمات الصحية على من يملك دفع مقابلها فقط، بل تقدم أيضاً للمواطن العادى والبسيط ولكن هذا القرار رغم أهميته القصوى إلا أنه للأسف الشديد غير مفعل ويحتاج لآليات لتنفيذه فقمنا بعقد ندوة لمناقشة هذه الأليات ومنها: رصد بند مالى كافى لتمويل القرار فى ميزانية العلاج على نفقة الدولة وهذا البند لا يقل عن 2أو3مليارت جنيه، لأن الخدمة الطبية فى أول 48ساعة هى أعلى الخدمات تكلفة، فربما يحتاج المريض لحجرة العمليات أو لإذابة جلطة أو آشعة مقطعية أو رنين مغناطيسى وغيرها، فهذا التصريح لا يمكن أن يؤخذ باستخفاف، كما يجب إرسال صورة من القرار لكافة المستشفيات والمنشآت الطبية، وعقد اجتماع مع المسئولين عنها للاتفاق على آلية واضحة لتفعيلة، مع نشر هذا القرار فى وسائل الاعلام المختلفة حتى يعرف كل مواطن حقه ويطالب به
وتشير د.منى مينا إلى أن هذا العام تم تخفيض الميزانية إلى 2مليار ونصف والغريب أنه تم ربط العلاج على نفقة الدولة عليها وأيضا علاج الطوارئ فضلاً عن عقار السوفالدى لمرضى التأمين الصحى، وبالتالى يصعب أن تكفى هذه الميزانية كل هذا.. كما يجب ألا تدار المستشفيات بخطة هدفها الربح فالمريض فى حالة الطوارئ ضعيف جداً والدقائق التى تمر وهو فى حالته المرضية غالية، ولا أخلاق أو أصول المهنة ولا نصوص القانون ولا الدستور توافق على ترك مريض طوارئ دون انقاذه، لابد أن تلتزم المستشفيات بكلمة «مجاناً» على أن يتم توفير المال اللازم لها حتى لا تتهرب من تقديم الخدمة، و من الممكن عمل صندوق لجمع التبرعات لحالات الطوارئ خاصة غير المقتدرة وفرض الضرائب على السجائر وكل ما هو ضار بالصحة لهذا الصندوق كما يجب المراقبة على المستشفيات للتأكد من التزامها بتنفيذ القرارات
ليست منظومة استثمارية
اما د.محمد منير أستاذ جراحة الأورام بالمستشفيات التعليمية فيشرح المشكلة فى أن علاج المريض يتكلف مبلغا ماليا لابد من سداده ولا يتوفر لبعض المستشفيات هذا المبلغ كما توجد لوائح تشترط الدفع قبل العلاج، ولا يمكن توفير العلاج المجانى لأن التكلفة الفعلية تفوق ميزانية للدولة، فآخر ميزانية كانت 42مليار جنيه والتكلفة الفعلية من 85 الى90مليار جنيه الفارق بين الرقمين يسدده المواطنون من جيوبهم، تشمل تلك الميزانية رواتب الاطباء وكل من يعمل فى هذا المجال وبالتالى تمنح الحكومة رواتب متدنية جدا
فى عام 2008 كانت الحكومة تخصص مبلغ 6مليارت جنيه لميزانية الصحة وينفق المرضى 31مليارا فى المجال الصحى، وفى الفترة السابقة لثورة يناير وجدوا أن هذا استثمار جيد فتغيرت النظرة إلى الصحة على انها منظومة استثمارية، وصدر قرار فى عام 2008 بإنشاء الشركة القابضة للتأمين الصحى برئاسة وزير الصحة بصفته، وهذه الشركة لها الحق فى المضاربة فى البورصة وشراء أسهم انشاء شركات وبيع غيرها و... أى كيان اقتصادى مستقل فى حين أنه فى جميع دول العالم نجد أن الاستثمار الحقيقى فى أى شئ إلا حق المريض فالمرضى هم الأيدى العاملة التى تبنى المجتمع فلابد من رعايتها والحفاظ عليها.
ثم خرجت علينا مؤخراً قرارات وشعارات فى ظاهرها الرحمة وفى باطنها العذاب حيث تبدو أن الخدمة الطبية سوف تقدم مجانا لمن يحتاجها حيث انها الجهة المقدمة والمراقبة للخدمة فى نفس الوقت والتى تحصل الاموال أيضاً لكن الواقع أنه لا يمكن أن تقوم بعلاج المرضى لأن الميزانية قليلة ومحدودة للغاية
ويتساءل الناس لماذا يدخل مريض طوارئ الى المستشفى بحثاً عمن ينقذ حياته ولا يجد الطبيب المتخصص فى حالته أو أن الأطباء الموجودين يكونون من حديثى التخرج الذين لا يمتلكون الخبرة اللازمة للحفاظ على حياة المريض .. الاجابة يلخصها د.منير فى أن الأطباء الكبار لا يمكن أن يتواجدوا لأن «النبطشية» لمدة 8ساعات بمقابل مادى يتراوح مابين 50 إلى 80 جنيه والطبيب مثله مثل أى مواطن لابد أن يتوفر لديه ما يضمن له متطلبات حياته اليومية، وبالتالى أغلب المستشفيات بلا أطباء، فضلاً عن أن المريض او المصاب الذى يلجأ للطوارئ قد يحتاج إلى أشعة مقطعية أو تحاليل أو سونار او فتح غرفة العمليات وغيرها مما يكلف المستشفى اموالا كثيرة لكنها للأسف غير متوفرة لذا يطالبون المريض بالدفع قبل العلاج، لكن اذا كان المصاب تعرض لحادث وتمت سرقة محفظته منه أو انه لا يملك التكلفة أو لا تتوفر معه النقود فى هذه اللحظة لكنه من الممكن أن يأتى بها بعد ساعات قليلة.. فى هذه الحالة لا يتم قبول أى مبرر لعدم الدفع ولا تقدم له الخدمة الطبية الا بعد أن يسدد الفاتورة أولاً لأن المستشفى أيضا ليس به ما يسدد هذه الفاتورة ولو بصفة مؤقتة، وإذا كان هناك ميزانية تكفى مريضا أو اثنين إذن ماذا لو دخل المستشفى عشرات المرضى أو مصابين فى حوادث؟ فعلى سبيل المثال نجد مستشفى المطرية يدخله حوالى 10آلاف مريض فى السنة تكلفة علاجهم تستلزم 2مليون جنيه أى لابد أن يتوفر لقسم الطوارئ هذا المبلغ ليتمكن من تقديم الخدمة المجانية للمرضى، ومثلاً نجد ميزانية مستشفى المطرية التعليمى 5،5مليون جنيه يدخل له 12مليون جنيه من الخدمات مدفوعة الأجر يورد منه 20%للخزانة العامة بقرار من وزارة المالية، أما ال80% المتبقية يتم توزيعة على المستلزمات المستهلكة وصيانة الأجهزة الطبية والعاملين بالمستشفى والتمريض والأطباء، لنجد أن أجر التمريض فى النبطشية يصل إلى 15جنيها كل 8ساعات وبالتالى اطقم التمريض لا تذهب للمستشفيات، فتضطر أن ترفع الادارة أجر النبطشة إلى 30جنيها من صندوق تحسين الخدمة،
الحل المؤقت أن يتم الآن تحديد تكلفة خدمة الطوارئ - من الواقع – وتمويل التكلفة لأن المواطن المصرى من حقه الحصول على العلاج المجانى مثله مثل أى مواطن آخر فى دول العالم مثل انجلترا وأمريكا التى تقوم أيضاً بخصم تبرعات الأفراد للمستشفيات من الوعاء الضريبى، وفى مصر من الممكن توفير الأموال بعدم الاسراف فى البنود غير الضرورية فمثلا ينفق ديوان عام الوزارة الكثير على عدد ليس كبيرا من الموظفين، كما أن هناك مبالغ مالية مرصودة لمشروعات لا فائدة منها.. ولقد كانت لمصر الريادة فى المنظومة الصحية فى المنطقة العربية أما الآن فالرؤية المستقبلية معدومة
مطلوب ميزانية ورقابة
د.أحمد حسين عضو مجلس النقابة العامة للأطباء يوضح أنه فى عام 2001 صدر قرار رقم186 من وزير الصحة يلزم المستشفيات باستقبال حالات الطوارئ لمدة 24ساعة مجاناً ثم تطور هذا القرار ليأتى قرار رئيس الوزراء ابراهيم محلب رقم1063 لسنة 2014 منذ عدة أشهر بإلزام جميع المستشفيات بتصنيفاتها المختلفة سواء التابعة لوزارة الصحة أو الجامعية أوالخاصة بتقديم العلاج المجانى لحالات الطوارئ لمدة 48ساعة .. بالطبع كلا القرارين محمودين لكنهما مجرد «حبر على ورق»، لأن تنفيذ أى قرار يحتاج إلى توفير الأموال التى تنفق على هؤلاء المرضى خاصة أن المستشفى القائم بالتمويل الذاتى وتنفق على نفسهومنه التابع لأمانة المراكز الطبية المتخصصة (مثل معهد ناصر – الزيتون- الشيخ زايد.. وغيره) على مستوى الجمهورية لابد أن يتم امداده بمقابل مادى يمكنه من تنفيذ القرار، وأن تكون هناك رسالة مباشرة وثقة من المستشفيات بأن الحكومة أو الموازنة العامة سوف تقوم بتسديد فاتورة هؤلاء المرضى.
ورغم أن الامتناع عن علاج مريض الطوارئ - غنى أو فقير- يعتبر جريمة وأن أخلاقيات المهنة والمنصوص عليها فى لائحة آداب المهنة فى النقابة أنه لا يجوز للطبيب أن يمتنع عن علاج حالة طوارئ وفى حالة عدم وجود تخصص بديل له لابد ان يقدم الخدمة الطبية حتى لو هناك خصومة بين الطبيب والمريض، وقد يلتزم الأطباء بالقرارت وآداب المهنة لكن يتعرضون للعقاب غير المباشر لأنهم لم يشترطوا سداد الفاتورة مسبقاً على المريض، لهذا لابد من توفير الحماية للأطباء من التعسف فى حالة تنفيذهم للقرارت.
كما يجب تفعيل الرقابة على المستشفيات فنحن كنقابة لا يمكننا تنفيذ ذلك بل هى مهمة الإدارة المركزية للعلاج الحر، ويجب مراقبة المستشفيات الخاصة أيضاً والوقوف على أسباب عدم الرقابة هل لأن عدد المستشفيات قد يفوق عدد الموظفين أم هناك تقصير ما؟ مع ضرورة وضع ملصقات «بوسترات» على حوائط الطوارئ بالمستشفيات لتوعية المرضى بحقهم فى العلاج المجانى لمدة 48ساعة حتى لا تستغل المستشفيات جهل المواطنين بهذا الحق ونحن من جانبنا كنقابة على استعداد لتجهيز هذه البوسترات.
انقاذ الحياة
د.أحمد عبد الهادى اخصائى جراحة عامة بمستشفى أحمد ماهر يرى أن المشكلة تكمن فى سوء توزيع الميزانية داخل الوزارة .. فهناك مستشفيات تتبع هيئة الأمانة العامة ويتم العلاج فيها بمقابل مادى ومستشفيات مجانية وأخرى تستقبل حالات التأمين الصحى وكثير من المواطنين لا تشملهم مظلة التأمين الصحى، واذا كان العلاج المجانى بالمستشفيات الحكومية والتعليمى لا يمكن أن يحول مريض الى غيرها، ولا يصح مطلقاً أن نطالب المريض أو المصاب بأن يترك المستشفى لأنه لا يملك ثمن العلاج أو مقابل انقاذ حياته وهو ما جعل وزارة الصحة تصدر قرارا بإستثناء أى حالة طوارئ فى أول 48ساعة من أى قاعدة حتى لو كان المستشفى استثماريا أو خاصا لأن هذه الفترة الأولى من المرض أو الاصابة هى مرحلة تثبيت الحالة أو انقاذها الحياة ورفع صفة الطوارئ عنها ويقدم لها فى هذه الفترة كل الخدمات الطبية اللازمة من نقل دم أو جراحة أو غيرها، وبعد هذه ال48ساعة وانقاذ حياة المريض يتم سؤاله هل يفضل أو يقدر على الاستمرار فى العلاج بنفس المستشفى ويمكنه سداد نفقاته أم يرغب فى الانتقال إلى غيره مجانا أو أقل فى التكلفة بما يناسب ظروفه؟
هذا القرار هام للغاية وكان يجب متابعة تنفيذه فى جميع المستشفيات لتفعيله خاصة وان الدستور يعطى لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
وقد كشفت حالة الطفل يوسف أن مستشفى الزيتون قام بتحويله لعدم وجود طبيب متخصص فى حالته وهو ما يوضح أن جميع مستشفيات وزارة الصحة تضم جميع التخصصات والضغط عليها فوق طاقتها وهو ما يستلزم توفيره فى هذه المستشفيات، مثلما نجد فى المستشفيات الجامعية التى لا تخلو من أطباء فى جميع التخصصات، وجدير بالذكر أن المستشفيات خارج القاهرة قد تعمل الواحدة منها بطبيب واحد أو اثنين على الأكثر وهذا يوضح سوء التوزيع أيضاً، فهناك حافز للأطباء يعادل 30% فى حين أن ال70% الأخرى فى المناطق النائية، فالأطباء حديثو التخرج لا يرغبون فى الذهاب إلى مستشفيات المناطق النائية لأنها تخلو من أى استشارى كبير يقدم له التعليم فى هذه المهنة التى تتطلب التعليم المستمر واذا عمل هناك عدة سنوات من اجل الحافز المادى يعود بعدها يجد زملاءه من دفعته قد تفوقوا عليه فى التعليم والخبرة، لذا يفضل أن يستمر فى القاهرة حتى يحصل على الخبرة والتعليم الذى يحتاجه فى هذه المرحلة من حياته ولا يهتم بالحافز المادى، وهذا يوضح نقطة جديدة وهى نقص الكفاءات فى المستشفيات، فى حين أن عدد أساتذة الجامعة بالنسبة لقوة كل جامعة يفوق حاجتها وليس جميعه ملتزم بالدراسة لذا يجب تدعيم المستشفيات الحكومية بهؤلاء الأساتذة وحسن توزيعهم حتى يشمل التعليم والخبرة كل منها، وتجدر الاشارة الى انه لقد تم اطلاق اسم المستشفيات التعليمية على المعاهد والمستشفيات سنة 1956فى عهد الرئيس عبد الناصر كى يشرف عليها أساتذة الجامعة بطريقة غير مباشرة، وهذا ما لا يحدث الآن رغم أن القرار الذى صدر فى 2012
ويتم استنزاف واستهلاك ميزانية وزارة الصحة فى خدمة نفس المريض عدة مرات - كما يوضح د.أحمد عبد الهادى - فنجد أن ميزانية العلاج المجانى تتجه للفقراء وميزانية التأمين الصحى أيضاً للفقراء وكذلك العلاج على نفقة الدولة يتجه للفقراء، الثلاثة ميزانيات تخدم الفقراء الذى ليس لديهم القدرة المادية على سداد فاتورة العلاج، وهو ما يجعل الانفاق يتكرر ثلاثة مرات حيث كل جهة لها مرضاها وأطباؤها والإداريون الذين يعملون فيها وغيرهم من العاملين كل هذه الجهات تتطلب نفس النفقات فتنفق ثلاث مرات لذا يجب توحيد هذه الجهات الثلاثة فى جهة واحدة تضخ فيها الميزانية كلها فى باب واحد لتشمل عدد أكبر من المرضى ويمكن الاستفادة منها بالقدر المطلوب فقط وهذا ما تم طرحه من فترة لكن لم يؤخذ به حتى الآن، فالوزارة ليست فقيرة لكن هناك سوء توزيع .. كما يجب أن تشمل مظلة التأمين الصحى كل المصريين غنى وفقير مثلما يحدث فى غالبية دول العالم مثل انجلترا التى يطبق فيها نظام الشرائح حسب الراتب الشهرى وإذا كان الشخص يعمل حرا يتم تحديد شريحته من أوراق الضرائب التى يسددها، فمن حق كل مواطن العلاج فى حالة الطوارئ فى أى مستشفى كان، ومن واجب الحكومة أن تدفع للمستشفيات الخاصة الفاتورة.
مما لا شك فيه أن عددا كبيرا من المستشفيات لا يلتزم بالقرار الوزارى باستقبال الحالات الطارئة بالمجان، مما يستلزم فرض الرقابة عليها والتعامل بحزم مع مديريها، ولابد من المحاسبة والعقوبة على المخالفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.