18 ألفا و986 متقدمًا في أول أيام التقديم بمسابقة شغل وظائف معلم مساعد مادة    97 % معدل إنجاز الري في حل مشكلات المواطنين خلال 3 سنوات    وكيل «تعليم قنا»: امتحانات الرابع والخامس الابتدائي هادئة والأسئلة واضحة (صور)    ياسمين فؤاد: إنشاء موقع إلكتروني يضم الأنشطة البيئية لذوي الإعاقة    وفود أجنبية تناقش تجربة بنك المعرفة في مصر.. تفاصيل    سؤال يُحير طلاب الشهادة الإعدادية في امتحان العربي.. ما معنى كلمة "أوبة"؟    جامعة القناة تستقبل أحدث أجهزة الرفع المساحي لتدريب 3500 طالب    مسابقة 30 ألف معلم تسيطر على مناقشات الموازنة، وهذا موقف الأجور    باستثمارات أجنبية 10 مليارات دولار.. تسليم أراضي محطة إنتاج الكهرباء من الرياح بسوهاج    وزير الإسكان: بدء تسليم وحدات الحي السكني الثالث R3 بالعاصمة الادارية الجديدة    محافظ أسيوط يتفقد إحلال وتجديد موقف سيارات الغنايم (صور)    الرقابة المالية تطلق أول صحيفة أحوال للقطاع المالي غير المصرفي    في الذكرى ال 76 لنكبة الشعب الفلسطيني، الأزهر يؤكد: القضية الفلسطينية لن تموت    قبيل استضافتها للقمة العربية.. كيف تعاملت البحرين مع الحرب في غزة؟    من هو حسين مكي القيادي في حزب الله الذي اغتالته إسرائيل؟    رئيس الوزراء الفلسطيني: شعبنا سيبقى مُتجذرا في أرضه رغم كل محاولات تهجيره    وزير الخارجية: مصر حريصة على إنهاء أزمة غزة وإعادة السلام للمنطقة    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    الإسكواش، سيطرة مصرية على ربع نهائي بطولة العالم بالقاهرة    "لمواجهة الترجي في النهائي".. مصراوي يكشف قائمة الأهلي الأقرب لرحلة تونس    يوفنتوس وأتالانتا في قمة نارية بنهائي كأس إيطاليا    جوارديولا يرشح هذا المنتخب للفوز ببطولة يورو 2024    مفاجأة، من يحرس عرين ريال مدريد بنهائي دوري أبطال أوروبا؟    منها تقنية الباركود، خطة التعليم لمواجهة الغش بامتحانات الشهادة الإعدادية    تداول أسئلة امتحان الرياضيات للصف الأول الثانوى بشبرا الخيمة    ضبط عاطل انتحل صفة فتاة لابتزاز الشباب بمنطقة دار السلام    إصابة شخص في حادثة سير بطريق الفيوم القاهرة    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    التحفظ على نصف طن سمك مجهول المصدر بالقليوبية    خبيرة تكشف عن ألوان موضة صيف 2024 (فيديو)    إنعام محمد علي.. ابنة الصعيد التي تبنت قضايا المرأة.. أخرجت 20 مسلسلا وخمسة أفلام و18 سهرة تلفزيونية.. حصلت على جوائز وأوسمة محلية وعربية.. وتحتفل اليوم بعيد ميلادها    أوبرا أورفيو ويوريديتشي في مكتبة الإسكندرية    وسيم السيسي: العلم لم يثبت كلام موسى على جبل الطور.. أو وجود يوسف في مصر    أحمد حاتم عن تجربة زواجه: «كنت نسخة مش حلوة مني»    مسلسل دواعي السفر الحلقة 1.. أمير عيد يعاني من الاكتئاب    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة هيئتي النقل العام بمحافظتي القاهرة والإسكندرية لعام المالي 2024-2025    تداول 10 آلاف طن و675 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    اليوم.. بيراميدز يسعى لمواصلة الانتصارات في الدوري من بوابة سيراميكا    قناة الأقصى: 10 شهداء جراء قصف إسرائيلي بحي الصبرة    أولي جلسات محاكمة 4 متهمين في حريق ستوديو الأهرام.. اليوم    «الصحة» تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    بعد تصدرها التريند.. من هي إيميلي شاه خطيبة الفنان العالمي مينا مسعود؟    وزارة المالية تعلن تبكير صرف مرتبات يونيو 2024 وإجازة عيد الأضحى تصل إلى 8 أيام    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    بسبب الدولار.. شعبة الأدوية: نطالب بزيادة أسعار 1500 صنف 50%    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    شوبير: الزمالك أعلى فنيا من نهضة بركان وهو الأقرب لحصد الكونفدرالية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    بعد 7 شهور من الحرب.. تحقيق يكشف تواطؤ بايدن في خلق المجاعة بغزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر العتيقة من أول السطر !
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 09 - 2014

ربما تذكرك الشبابيك الخشبية التى تزين جامع عمرو والكنيسة المعلقة...بشبابيك بيت جدتك .فحى مصر القديمة هو الحلقة المفقودة- إن صح التعبير- بين رحابة و اتساع المكان، و بين التعايش بين البشر، والدليل وجود هذا الشارع الطويل المتسع الذى يبدأ بالمتحف القبطى والكنيسة المعلقة وحصن بابليون ومعبد عزرا الأثرى، وينتهى بمسجد عمرو عند قمته ويستطيع وحده أن يحكى القصة الحقيقية للقاهرة.
حى مصر القديمة أو «مصر عتيقة» كما يحلو للمصريين أن يطلقوا عليه، هو اسم على مسمى. فأصله يعود إلى زمن القدماء المصريين حين كان اسمها معناه «مكان المعركة».
وليس هناك غرابة فى الأمر، فمصر القديمة كانت مكانا لمعركة طويلة بين حورس و عمه ست الذى أراد أن يحصل على كل شئ فى هذه الدنيا بعد قتله لأخيه أوزوريس.
أما الحدث الذى لا ينساه الحى فهو زيارة العائلة المقدسة للمكان حين أرادوا الاختباء من بطش هيرودوس، لتصبح مصر القديمة دار أمان لاقباط مصر, حيث بنوا الكنيسة المعلقة أجمل كنائسهم على جدار حصن بابليون.
فى مصر العتيقة ولدت مدينة الفسطاط أول مستقر للمسلمين فى إفريقيا كلها عقب معركة أخرى فاصلة بين المسلمين الفاتحين والرومان، حيث سهلت جغرافيا المكان لعمرو ابن العاص مهمة إقامة أول حاضرة تقع عند رأس دلتا النيل، وهو موقع كما تشرح د. سعاد ماهر فى كتابها «القاهرة القديمة وأحياؤها» له أهميته من الناحية الحربية والعمرانية ويجعلها فى مأمن من هجمات العدو، وفى الوقت نفسه قريبة من الأراضى الزراعية ليسهل وصول المؤن والغذاء.
ومع هذا نسينا الحى المصرى العتيق الذى لم ينل حظ أحياء أخرى، رغم أنه يضم منطقة الروضة وفم الخليج والمدابغ وأثر النبى وأبو سيفين و ينتظر زيارة قريبة لأكبر الرموز السياسية فى الدولة. ولهذا وفى هذا التوقيت بعد وفاء النيل وبداية السنة المصرية القديمة نزوره لنتعرف على تاريخ مصر العتيقة من أول السطر.
أولنا ...حصن بابليون:
أولى الحكايات تخص حصن بابليون ، وهذا الحصن حسب رواية د. حسن الباشا أستاذ الآثار الإسلامية هو حصن رومانى، يمثل ما اصاب المصريين من محن على أيدى الرومان, الذين شيدوه على الطراز البيزنطى من الطوب والحجر، وقد بناه الحاكم الرومانى تراجان ثم قاموا بتوسعته. ويعتقد بعض المؤرخين ان اسمه يعود إلى قلعة بناها الفرس. وإن كان الأرجح ان بابليون اسم مصرى ويعنى مكان حابى «رمز النيل فى مدينة هليوبولس». ولهذا الحصن أبراج يصل ارتفاع جدرانها إلى 18 مترا.
ويرتبط الفتح الاسلامى بحصن بابليون، حيث إنه وحسب رواية د. أحمد شلبى فى موسوعة «التاريخ الاسلامى والحضارة الاسلامية» شهد أهم معركة بين الرومان والمسلمين، وقد حاصره المسلمون حصارا طويلا يمتد ستة أشهر.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد انتصر المصريون أكثر من مرة على هذا الحصن الذى يعلو- والكلمة للدكتور الباشا- برجان من أبراجه الباقية الكنيسة المعلقة و يعلو برج ثالث منه كنيسة مارجرجس كرمز لانتصار المسيحية على طغيان الرومان.
وهذا الحصن كما قالت لى حسنية محمد حلمى مدير عام منطقة مصر القديمة للآثار يحتاج فقط إلى معالجة الخفافيش التى تسكنه بعد أن هجرت أماكن مجاورة تجرى بها عمليات ترميم. فالمطلوب فقط إبادتها ليكون جاهزا.
ثانينا ... الكنيسة المعلقة:
الكنيسة المعلقة واحدة من أقدم وأجمل الكنائس ورمز للصمود وانتصار المصريين. فهى كما يقول القمص يعقوب سليمان كاهن الكنيسة المعلقة كبناء تعود إلى 150 عاما قبل الميلاد حين كانت معبدا رومانيا ثم تحولت إلى كنيسة فى القرن الرابع الميلادى. ونظام العمارة بها هو النظام البازيلكى على شكل سفينة نوح التى كانت وسيلة لنجاته ونجاة أبنائه، وكوسيلة للخلاص من الآثام والشرور الموجودة فى العالم.
والكنيسة مسماة باسم القديسة مريم العذراء والقديسة دميانة وتشتهر بالمعلقة لبنائها فوق حصن بابليون وملحقاته بارتفاع 13 مترا عن سطح الأرض. ويوجد بالكنيسة سبع مذابح وكثيرون يطلقون عليها السبع كنائس، حيث يوجد ثلاثه فى الصحن الرئيسى وثلاثه فى الجزء الجنوبى، وهيكل سابع بالكنيسة العلوية باسم القديس مرقس الرسول.
وتضم الكنيسة مجموعة من الايقونات, حوالى 110 أيقونات أشهرها أيقونة القديسة العذراء مريم ( العذراء الموناليزا) حيث يشعر الناظر إليها من أى اتجاه بأنها تنظر إليه.
أما الأنبل فهو مكان مرتفع فى وسط الكنيسة كان يستخدم قديما فى الوعظ ويعود إلى القرن الخامس، وايضا المعمودية الأثرية، فى حين أن حامل الايقونات الموجود فى الصحن الرئيسى للكنيسة يعود إلى الفترة ما بين القرن العاشر والثانى عشر.
ويضيف القمص يعقوب سليمان: كانت الكنيسة مقرا بابويا بطريقة غير رسمية لفترة طويلة ترجع إلى القرن السابع، حيث كان يتواجد الأب البطريرك بالقرب من مقر الحكم (حيث ان المقر الرئيسى كان بالاسكندرية). وقد انتقل المقر إلى القاهرة بصورة رسمية فى القرن العاشر واستمر الكرسى بالكنيسة المعلقة حتى البابا الثمانين.
أما عن الترميم فقد تم على فترات مختلفة خلال القرون الماضية، وبدأ الترميم الحالى عام 1998 وتم خلاله ترميم معمارى ودقيق، واكتشفنا أثناء تغيير أرضية الكنيسة البوابة التى دخل منها عمرو بن العاص أثناء فتح مصر. وستفتتح الكنيسة قريبا بعد إزالة الأتربة وانتهاء أعمال الترميم كرسالة للعالم فالكنيسة تكمل رسالة السيد المسيح التى تدعو إلى المحبة والسلام حيث أنشدت الملائكة وقت ميلاده المجيد
المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة.
وعلى بعد خطوات من الكنيسة المعلقة توجد كنيسة الشهيد مارجرجس الذى قتله الرومان. وقد بناها قديما أثناسيوس أحد الأثرياء، وتجرى ترميمات للكنيسة التى تتميز بالضخامة والثراء الفنى ولا يمنع الترميم مئات الزائرين من دخولها. والكنيسة الأصلية لم يبق منها الا قاعة العرسان وتعود إلى القرن الرابع عشر. أما معبد عزرا فهو فى الأصل كنيسة أشتراها اليهود فى زمن ابن طولون ويقال إن النبى موسى وارميا عرفا هذا المكان. وقد قام بن عزرا بإعادة بناء المعبد.
ثالثنا جامع عمرو:
مرة أخرى نعود إلى حصن بابليون الذى كان أحد الاسباب فى اختيار عمرو بن العاص مكان الفسطاط فى الجانب الغربى من حصن بابليون حتى موقع مسجد السيدة زينب الحالى ليعيش بها المسلمون والأقباط، وموقع مسجده يبعد مائة متر فقط عنه على الضفة الشرقية للنيل. وهذا المسجد مشتقة عمارته كما يصفه د . حسن الباشا من عمارة المسجد النبوى الشريف، واشترك فى تحديد قبلته ثمانون من الصحابة، وقيل ثمانية. ومع هذا جاءت قبلته منحرفة نحو الشرق عن الاتجاه الصحيح. وكان له فى البداية منبر أمر عمر بن الخطاب بكسره.
تمت أولى التوسعات فى عهد معاوية بن أبى سفيان حيث بنى بالمسجد أربع صوامع ليرفع منها الأذان، تلاها ترتيب لقراءة المصحف فى عهد عبد العزيز بن مروان، ثم توسعات أخرى فى عهد عبد الملك بن مروان والوليد, حيث ألحق بالمسجد أول نموذج للمآذن المصرية و أدخل محراب مجوف أطلق عليه اسم محراب عمرو.
وفى العصر العباسى تدخل دار الزبير بن العوام ضمن مساحة المسجد .وهو الفدائى الذى كان أحد أسباب فتح مصر كما يشير كارل بروكلمان فى كتابه الشهير «تاريخ الشعوب الاسلامية» حين أرسله عمر بن الخطاب مدد إلى مصر على رأس قوة مؤلفة من خمسة آلاف رجل. وكانت للمسجد مكانة كبيرة حتى ان الامام الشافعى كان يلقى به دروسه فى الفقه, فى مكان يعرف إلى الآن باسم زاوية الامام الشافعى. وفى عهد ابن طولون برغم بنائه لمسجده الشهير كان بيت المال يحتفظ بكيانه داخله. كما قام ابنه خمارويه بترميم المسجد من آثار حريق اندلع به.
وينال المسجد عناية خاصة فى العهدين الفاطمى والمملوكى ورغم وجود الجامع الأزهر الشريف، يزيد الحاكم بأمر الله رواقين فى صحن المسجد ويقيم منبرا كبيرا. ويزوده المستنصر بمئذنة. وتتوالى الاصلاحات فى العصر المملوكى بدءا من عز الدين ايبك ومرورا بالظاهر بيبرس والناصر محمد بن قلاوون و قايتباى.ويعيد مراد بك بناء الجامع قبل مجئ الحملة الفرنسية .
ولكن هل يعنى الاهتمام بجامع عمرو أن الفسطاط ظلت حاضرة مصر الاسلامية؟ الحقيقة ان المدن كالبشر تهرم وتموت، فبنشأة القاهرة استخدمت أحجار مبانى الفسطاط فى بناء القاهرة. فالفسطاط قد ضاقت بأهلها فى زمن قياسى حتى عرفت مصر بناية المساكن ذات الثلاثة والخمسة أدوار. كما انها احرقت فى زمن هجوم الصليبين على مصر والشام وازداد الخراب فى عهد الظاهر بيبرس.
ومع هذا فالحى فى سبيله لأن يعود إلى كامل تألقه فى زمننا ، فهناك خطة متكاملة وكما تقول حسنية محمد حلمى مدير عام الاثار بمنطقة مصر القديمة بالاشتراك مع محافظةالقاهرة لمنح المكان طابعه الأثرى. كما ستمنع السيارات من دخول المنطقة التى ستتحول إلى ممشى بمنطقة مجمع الأديان. ويوجد اهتمام خاص بالمنطقة من وزير الآثار ورئيس الوزراء ومحافظ القاهرة. وما نأمل فيه هو وجود نقطة شرطة عند جامع عمرو حتى لا تحدث تعديات على حرم المسجد ولضمان استتباب الأمن فى منطقة مجمع الأديان.
فهل تستعيد الفسطاط ...مصر العتيقة بهاءها؟ مجرد سؤال؟! والسؤال الأهم: هل يعيد المصريون قراءة سيرة المكان الذى كتب عمرو بن العاص على أحد جدرانه يطلب من المسلمين عدم المساس بكنيسة الأقباط؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.