إمكانية اجراء تعديل تشريعى لقانون العقوبات يسمح بتغليظ العقوبات على الأطفال فى بعض التهم الجنائية وتخفيض السن المحددة للطفولة -والذى مازال الجدل حوله مستمرا- دفعنا لاستطلاع آراء بعض الخبراء والمختصين، فى البداية قال د.محمد فريد الصادق أستاذ القانون الدستورى بالجامعات المصرية ومدير مركز العدالة للدراسات والبحوث القانونية: عندما توقع دولة على اتفاقيات دولية ويوافق عليها المجلس التشريعى للدولة فإنها تصبح جزءاً من القانون الداخلى، وقد حددت الاتفاقيات الدولية سن الطفل ب18 عاما ومصر ملزمة بهذا من الناحية القانونية، أما من ناحية الإدراك العقلى فهو لا يكتمل للطفل إلا بعد أن يكتمل عمره 18 سنة، ومن المعلوم أن قواعد المسئولية فى الشريعة الإسلامية تقوم على أهمية وجود الإدراك العقلى وبالتالى تنتفى المسئولية الكاملة قبل 18 عاما، فبلوغ الحلم يختلف عن البلوغ أو الإدراك العقلى، وذلك ردا على ما يقال بأن الطفل مادام بلغ الحلم لا يعد طفلا.. وبناء عليه أرى أن تطبيق عقوبة الإعدام تحديدا يتنافى مع أصول الشريعة ومع القانون الدولى، وأرى الاكتفاء بالعقوبة السالبة للحرية أيا كانت مدتها عقوبة كافية.. ولذا أرى أنه لا ضرورة للتعديل التشريعى هذا مع ضرورة الإبقاء على سن 18 عاما المحددة للطفولة. .. ويتفق الناشط الحقوقى هانى هلال خبير حقوق الطفل وأمين عام الائتلاف المصرى لحقوق الطفل فى رأيه مع أستاذ القانون الدستورى ويرفض مسألة التعديل التشريعى هذه مبررا ذلك قائلا: ليس هناك قانون يعد بناء على قضية فردية لأن ذلك سيؤدى إلى التعديل الدائم للحالات الطارئة وعدم وجود استقرار تشريعى مما يؤدى إلى الفوضى.. ولكن يتم ذلك وفقا لتعديل دستورى ووفقا لاحتياج جنائى.. وبشكل إنسانى فنحن متعاطفون مع قضية الطفلة زينة، ولكن بشكل تشريعى لا يمكن تعديل قانون الطفل لتغليظ العقوبات على الأطفال فى بعض التهم الجنائية لأنه يتعارض مع الدستور المصرى ومع الاتفاقيات الدولية التى التزمت بها مصر وخاصة أن اتفاقية حقوق الطفل مصر شريكة فى صياغتها وعضو اللجنة الدولية لمتابعة تنفيذها منذ إنشائها وحتى الآن. ولذا فإننا كإتلاف حقوق الطفل نشعر باستياء شديد تجاه المجلس القومى للطفولة والأمومة لما يطالب به من تعديل قانون العقوبات بما يسمح بتغليظ العقوبات على الأطفال فى بعض التهم الجنائية لأن المجلس منوط به الدفاع عن الأطفال وفقا للمعايير الدولية والوطنية، وهو المنوط به أيضا رفع التقارير الدولية إلى لجنة حقوق الطفل وبالتالى ستكون هناك إساءة لسمعة مصر أمام اللجنة الدولية بالأممالمتحدة، وإلى الحكومة المصرية بشكل عام أمام الأممالمتحدة لأن مبدأ عدم إعدام الأطفال أو الحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة مجَّرم دوليا .. ونحن كمجتمع مدنى والائتلاف المصرى لحقوق الطفل على وجه التحديد رفعنا عدة مناشدات سواء للقومى للطفولة والأمومة أو رئيس مجلس الوزراء أو رئيس الجمهورية بوقف أى إجراءات لتعديل القانون بناء على التزامات مصر وتعهداتها الدولية.. وإذا تم أى إجراء لتغليظ العقوبات على الأطفال سيتخذ الائتلاف كل الإجراءات القانونية على المستوى الوطنى والدولى التزاما منا بحقوق الطفل فى المنظومة الدولية، حيث أننا نرى كائتلاف أن الوقوف على الأسباب التى أدت الى مخالفة القانون أهم بكثير من تغليظ عقوبة أو إعدام طفل. وأسأل خبير حقوق الطفل: ما هى الإجراءات الواجب اتخاذها إذا كان هناك اتجاه بهذا التعديل التشريعى بالفعل؟ .. أجاب: هذا يستلزم تعديلا فى الدستور نفسه وذلك يتطلب أننا فى البداية كدولة لا بد أن نبعث للأمم المتحدة لنقول لها أننا غير ملتزمين أو نتحفظ على المادة الخاصة بمنع إعدام الأطفال والتعليق رقم «10» فى لجنة حقوق الطفل حول عدالة الأطفال والتى تتضمن عدم إعدام الأطفال أو حبسهم أشغال شاقة مؤبدة وتحديد سن المعاملة الجنائية للطفل، وبعد ذلك تنعقد جلسة خاصة لمصر ومناقشتها فى أسباب التحفظ وإعداد تقرير حول سبب التحفظ.. ثم تقوم الأممالمتحدة من خلال مكاتبها بمصر ومنظمات المجتمع المدنى والتقرير الرسمى للدولة بالتحقيق وبناء عليه تأخذ قرارا بالموافقة على التحفظ من عدمه.. وبعد ذلك إذا وافقت الأممالمتحدة يتم التعديل فى مواد الدستور بذلك ثم يعرض على البرلمان لتعديل التشريعات . واسأل د.محمد المنسى أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة: هل هناك سن محددة للطفولة تقرها الشريعة الإسلامية؟.. قال: ليس هناك فى الشريعة الإسلامية سن محدد للطفولة وهى مسألة اجتهادية تختلف من بيئة الى أخرى، وليس فيها نص شرعى ملزم بتحديد أقصى سن للطفولة، ولذلك اختلف الفقهاء فى تحديد سن للطفولة ولم يستقروا عليه، وهذا يعنى أنها مسألة اجتهادية تختلف فيها الأحكام من زمن إلى آخر ومن بيئة الى أخرى، وأن فرض سن معينة على كل شعوب الأرض مع اختلاف الثقافات والتقاليد أمر خارج من دائرة العدل والإنصاف .. وفى عام 1921 أقرها القانون حتى سن 7 سنوات ثم تدرج الأمر وأصبحت حتى 10 سنوات ثم أصبحت 12 سنة للذكر و15 سنة للأنثى، وهذه أفضل سن محدد للطفولة من وجهة نظرى، ونطالب حاليا بالعودة لما كان عليه الأمر من قبل أى 12 للذكر و15 للأنثى لأن ما شرعته القوانين الدولية فى تحديد سن الطفولة حتى 18 سنة قد ثبت فى الواقع العملى أنه غير مفيد وغير واقعى وخصوصا فى الجرائم التى حدثت من أحداث (تحت 18 سنة) فى الفترة الأخيرة سواء كانت مع الطفلة زينة أو غيرها من الأطفال .