مقتل "الطفلة زينة" أثار جدلا واسعا فى المجتمع المصرى حول استمرار قانون الطفل الذى يحصن الاطفال حتى سن 18 سنة من عقوبات تقضى بالاعدام فى جرائم تهز ضمير المجتمع ، الطفلة زينة ليست هى القضية الوحيدة التى حدثت فى الأونة ألاخيرة لكن هناك العديد من الجرائم التى جعلت الأصوات تتعالى للمطالبة بتغيير "قانون الطفل"الاطفال يرتكبون جرائمهم ضد أطفال آخرين وبحماية قانون الطفل وهو قانون دولى وقعت مصر عليه ضمن حزمة من الاتفاقيات والقوانين الدولية للمنظمات الحقوقية . جدلا واسعا يدور الآن فى المجتمع المصرى وداخل أروقة المؤسسات الحقوقية المصرية بل داخل المنازل للمطالبة بتغيير قانون الطفل والنزول بسن الطفولة الى 15 سنة حتى لا يفلت هؤلاء الجناة بفعلتهم . وفى السياق ذاته محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة حددت جلسة 15 إبريل لنظر أولى جلسات الدعوى التي تحمل رقم 34260 لسنة 68 قضائية المقامة من لطفي جيد المحامي والتي يطالب فيها بإلزام رئيس الجمهورية بإصدار قرار بقانون لتعديل المادة 111 من القانون 126 لسنة 2008، باعتبار من لا يجاوز سن 18 عاما لا يحكم عليه بالإعدام.. والنزول بالسن إلى 15 أو 14 عامًا فقط لتنطبق عليه بعد هذه السن العقوبات العادية. على جانب اخر أبدى المستشار أحمد حمدي قاضي محاكمة الطفلة "زينة" ببورسعيد أسفه عن عدم مقدرته الحكم بإعدام قاتليها قائلا: "نأسف لعدم وجود حكم بالإعدام في قانون الطفل". وأشار "حمدي" خلال قراءته لحيثيات الحكم، إلى رغبة هيئة المحكمة في تعديل عقوبات قانون الطفل، مؤكدًا أنه استقر في يقينها بعد مطالعة الأوراق وسماع آراء المشرفين الاجتماعيين والمرافعة الشفوية واعترافات المتهمين، ارتكابهما للتهم الموجهة إليهما باختطاف واغتصاب وقتل الطفلة زينة . السفيرة مشيرة خطاب تقول لجريدة " الأهالى " انا لا اوافق على تغيير قانون الطفل لأن التغيير سيكون مخالفا للدستور وعلاج هذه الجرائم يكون بالاهتمام بالتربية فى المدرسة والمنزل وأسباب انحراف الاطفال ليس القانون وانما قصور التربية فى المدرسة وفى المنزل لأن الطفل لا يولد مجرما وتحوله الى الاجرام هو مسئولية الأسرة والغالبية العظمى من الاطفال لا يرتكبون جرائم . وانا ارى انه لا مجال لتشديد العقوبة لأن تشديدها يجدى مع الكبار لكنه غير مجد مع الاطفال والكثير من الدول المتقدمة لجأت الى تشديد الرعاية والاهتمام بالأطفال وليس العقوبة ومعاقبة الأطفال المقصريين فى تربية أبنائهم ولابد من تطبيق هذا لدينا فى مصر ، وايضا تشديد العقوبة التى يرتكبها بالغ تجاه طفل حتى ولو بتحريضه على العنف . وتضيف خطاب أقول لوالدة الطفلة زينة " البقية فى حياتك وزينة وقعت ضحية لعدم تربية طفلين وستجدى العزاء فى الانخراط فى العمل المجتمعى لمنع حدوث مثل هذه الجرائم مرة أخرى ، ولن يعوضك شيئا عن فقدان بنتك حتى لو أعدم الطفلين لأن ذلك درس للمجتمع لكى نفتح أعيننا الى القصور الموجود فيه". ومن جانبه أكد دكتور محمد الجندى عضو مجمع البحوث الاسلامية أن القانون الذى يصلح لدولة لا يصلح لدولة أخرى لأن لكل دولة خصوصيتها . ومراجعة التشريعات بعد تطبيقها أمر واجب حيث أن قانون الطفل اسىء استخدامه من مجرمين ولا يستطيع القانون محاسبتهم لأنهم أطفال بحسب نصوصه ، وهنا أحمل الاعمال الدرامية التى تشجع العنف المسئولية أيضا على انتشار الجريمة بين الاطفال ، وفقهاء العالم الاسلامى يجعلون انتهاء سن الطفولة عند السنة الخامسة عشر ، والحل للقضاء على هذه الظاهرة هو تخفيض سن الطفولة مع عدم الاخلال بالمزايا المترتبة على هذه الفترة. اكرام لمعى المتحدث باسم الكنيسة الانجيلية يرى أن المجتمع الذى يلجأ الى القوانين لكى يحمى نفسه من انحراف الأطفال هو مجتمع متخلف ، أين دور المنزل والمدرسة والاعلام والحكومة من تربية الاطفال تربية سليمة ، ويتابع لمعى لابد من معالجة السلبيات قبل المطالبة باصدار قانون لأننا لو فعلنا ذلك فسنصبح لا حاجة لنا لقانون ، لأن تشديد العقوبة يزيد الجريمة ولا ينهيها والأدلة على ذلك كثيرة فهل اختفت تجارة المخدرات حين غلظت عقوبتها الى الاعدام يقول الدكتور كمال مغيث الخبير والباحث بالمركز القومى للبحوث التربوية أنا أرفض تغيير قانون الطفل ولابد من التفكير فى الظروف التى تجعل الناس تطالب بمثل هذا المطلب ، وهذه الجرائم لا يمكن ان تعطينا الحق فى ان تسود روح الانتقام ، والقانون يتعامل مع القضايا بشكل عمومى وليس بشكل شخصى ومطالبات القضاء بتغيير القانون هو قلة ثقافة قانونية منهم ، وتابع مغيث قائلا سبب الجرائم هى المجتمع ولابد من قانون يغلظ عقوبة اغتصاب الاطفال وتغليظ عقوبة من يستغل الاطفال فى اعمال اجرامية. المستشارة تهانى الجبالى تقول ل "الاهالى" سن الطفولة تقرر بناء على تقارير علمية ونفسية دقيقة من خلال الأممالمتحدة على ان ينتهى عند 18 سنة ومصر موقعة على قانون الطفولة ولابد من احترام هذه الاتفاقيات ، وتضيف أن الجريمة هى الجريمة أما العقوبة فهى التى تختلف من الطفل الى البالغ وتضيف ان دوافع الجريمة تتنوع حسب كل حالة ولا يمكن ان نضع قاعدة عامة عنها. ويؤكد المستشار أمير رمزى رئيس محكمة جنايات القاهرة أن الأمر محزن لكن من الصعب تغيير قانون عالمى يحمى حقوق الطفل على مستوى العالم وليس كل الاطفال يمارسون الجريمة ولابد من الاهتمام بالاطفال ورعايتهم رعاية صحيحة حتى نتخلص من مثل هذه الظواهر والتخلص من ظاهرة اطفال الشوارع فى مصر بعلاجها وازالة اسبابها. هانى هلال رئيس ائتلاف الدفاع عن حق الطفل يرى أن الذى ينادى بتغيير قانون الطفولة انما يتحدث بغير وعى وادراك لأهمية هذا القانون لأن هذا القانون تم اقراره بعد دراسات وأبحاث كثيرة جدا وهذا القانون وغيره يفرض على مصر التزامات دولية واذا اردنا تغييره فلنغير الدستور اولا ، ويتابع اننا لا يمكن أن نغير القانون على حسب الحالة لانه لابد ان يكون لدينا قاعدة قانونية ثابتة ، ويتعجب هلال من تصريحات الامين العام للمجلس القومى للطفولة والامومة من مطالبتها بتغيير القانون وهى المخولة بالدفاع عن مثل هذه القوانين . وقد كانت الدكتورة عزة العشماوى الامين العام للمجلس القومى للطفولة والامومة قد طالبت باعادة النظر في مواد قانون الطفل لاسيما بنص المادة 111 التي تنص علي أنه لا يوجب الحكم بإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا المشدد على المتهم الذى لم يبلغ سن ال18 سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة ، ومع عدم الإخلال بحكم المادة 17 من قانون العقوبات والتى تنص على أنه إذا ارتكب الطفل جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المشدد أو السجن المؤبد ، يحكم عليه بالسجن الذى حده الأقصى لا يزيد عن 15 عاما ، ويتعين اعادة النظر بحيث لا تغل يد القاضي اذا بلغ الطفل 15 وارتكب جريمة بمثل هذه البشاعة وصدمت المجتمع المصري ويحدد القاضي وفقا لضوابط ما يترائي له. وينفى المخرج أيمن مكرم ان تكون الدراما مسئولة عن جرائم الاطفال فى الأونة الأخيرة ويقول الدراما موجودة منذ عشرات السنين وليست بجديدة عن المجتمع ، ومثل هذه الجرائم مسئول عنها المجتمع بما فيه من فقر وعشوائية ، ويتابع من الممكن ان تكون الدراما مسئولة عن انحدار الذوق العام لكنها غير مسئولة عن الجرائم حتى ولو ادعى البعض ذلك والدراما هى تجسيد للواقع .. ماتت زينة وغيرها بكل براءة واتسعت دائرة الجدل ما بين معارض وموافق على تغيير قانون الطفل لكننا فى النهاية يجب ان نتريث حتى نعالج مثل هذه الظواهر التى تهدد المجتمع معالجة اجتماعية وليست جنائية فقط . زينة لن تكون الضحية الاخيرة فزينة هى نتاج مجتمع يسوده الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية فمتى ينتبه المجتمع لمثل هذا القصور .