ليس هناك تيار سياسى واحد يمكن القول بأنه وقف موقف العداء المسبق من رياح التغيير التى هبت على العالم العربى قبل أكثر من 3 سنوات تحت مسمى «ثورات الربيع العربى». ولكن سرعان ما انكشف الغطاء عن خدعة كبرى اسمها «ربيع الإسلام السياسي» الذى اتضح من خلال الممارسة أن المسمى الصحيح له هو: «ربيع التطرف الإسلامى» مما عجل بانتهاء هذا الربيع وحلول الخريف السياسى لحلم الإسلام السياسى فى المنطقة! وليس عيبا أن تراجع معظم النخب العربية مواقفها وأن تعترف بأنها بلعت الطعم بسهولة وانخدعت فى الشعارات الربيعية المعلبة «خارجيا» فى الأساس وانضمت إلى طوابير المصفقين لأحلام نشر القيم السياسية الرشيدة والتطبيقات الديمقراطية السليمة والمعايير الاجتماعية العادلة التى جرى الترويج لها داخل عباءات فضفاضة للإيحاء بأن هذه القيم والمباديء المستندة إلى روح العقيدة الدينية السمحة صالحة لكل زمان ومكان بصرف النظر عن تباين الموروثات التاريخية والعادات الاجتماعية والمستويات الثقافية والفكرية بين مجتمع وآخر. لقد أثبتت سنوات ما يسمى بالربيع العربى أن أزمة العجز عن النهوض والحداثة فى العالم العربى ليست فى غياب الديمقراطية وعدم وجود قنوات للمشاركة السياسية وبطء التحرك على طريق الإصلاح الاقتصادى ونشر العدالة الاجتماعية وإنما جوهر الأزمة فى استخدام هذه اللافتات بعيدا عن مضامينها الحقيقية كمجرد أداة ووسيلة لبلوغ سدة الحكم وإن ما كان العالم العربى يشكو منه باسم استبداد الأنظمة ذات الجذور والخلفيات العسكرية قبل يناير 2011 ظهر ما هو أسوأ منه طغيانا واستبدادا تحت حكم تيارات الإسلام السياسى . ويالها من صدمة لم تكن فى حسبان أحد عندما يقف العالم العربى مشدوها وهو يشهد ويعايش الآن حالة انهزامية عربية وإنه هو الخاسر الوحيد من ربيع التطرف الإسلامى الذى ذهب كل حصاده الإيجابى لحساب المصالح العليا لأمريكا وتحسين الموقف التفاوضى لإسرائيل باتجاه تصفية القضية الفلسطينية واكتساب إيران أوراق قوة جديدة فى ملف التفاوض النووى مع الغرب ومحاولة أردوغان الحصول على بعض الفتات فى الكعكة الإقليمية من خلال احتضان تيارات الإسلام السياسى واستخدامها كورقة ابتزاز وتفاوض مع أوروبا! خير الكلام: ليس الفقير من فقد الذهب.. وإنما الفقير من فقد الأدب ! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله