وفد الكنيسة الكاثوليكية بشرم الشيخ يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك    فى يوم العيد    قبل احتفالات عيد الأضحى.. احذر من عقوبات التنمر والتحرش والتعدي على الغير    خلال وقفة عيد الأضحى.. الزراعة تتابع برامج تربية التقاوي وتفحص عينات التصدير    أبرز تصريحات وزير المالية على قانون الاعتماد الإضافي للموازنة الجارية    «الرصيف العائم» ينفصل عن الشاطئ للمرة الثانية!    تقارير: مقتل جنود إسرائيليين حرقًا.. وأكثر من 10 آلاف يعانون «اضطرابات عقلية»    يورو 2024| تشكيل إسبانيا للقاء كرواتيا ..لامين يامال وموراتا في الهجوم    بالأسماء| 120 مركز شباب بالقليوبية لاستقبال صلاة عيد الأضحى    الإسماعيلى متحفز لإنبى    نجاح النفرة إلى «مزدلفة» وضيوف الرحمن يستقرون اليوم فى مشعر «منى»    أمام الكعبة.. إلهام شاهين تهنئ محبيها بعيد الأضحى | صورة    بعد تريند «تتحبي».. تامر حسين يكشف تفاصيل تعاونه مع عمرو دياب للأغنية 69    محمد رمضان يشوق محبيه بطرح «مفيش كده» خلال ساعات | صور    حكمها ووقتها.. كل ما تريد معرفته عن تكبيرات عيد الأضحى    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    إحالة مديري وحدتي الرعاية الأساسية بالميدان والريسة ب العريش للتحقيق بسبب الغياب    لا تتناول الفتة والرقاق معًا في أول يوم العيد.. ماذا يحدث للجسم؟    خطبة وقفة عرفات الكبرى: الشيخ ماهر المعيقلي يخاطب أكثر من مليوني حاج    "أبو عبيدة" يطلب من الحجاج الدعاء لفلسطين    محمد شريف يعلن تفاصيل فشل انتقاله ل الزمالك    «دعاء ذبح الأضحية».. «إِنَّ صلاتي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ»    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحذر الحجاج من الوقوف في منطقة تقع على حدود جبل عرفات في السعودية ويشير إلى أنها "يفسد الحج".    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    الدفاع المدنى الفلسطينى: قطاع غزة يشهد إبادة جماعية وقتلا متعمدا للأطفال والنساء    ميسي يتصدر قائمة الأرجنتين النهائية لبطولة كوبا أمريكا 2024    وفاة حاج عراقي علي جبل عرفات بأزمة قلبية    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري يوم السبت 15 يونيو 2024    وزير الصحة السعودى: انخفاض حالات الإجهاد الحرارى بين الحجاج    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    الكشف على 900 حالة خلال قافلة نفذتها الصحة بمركز الفشن ببنى سويف    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة اليابانية بآداب القاهرة    تعرف على المقصود برمي الجمرات.. والحكمة منها    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    جورج كلونى وجوليا روبرتس يشاركان فى فعالية لجمع التبرعات لحملة بايدن    عن عمر يناهز 26 عاما.. ناد إنجليزي يعلن وفاة حارس مرماه    أخبار الأهلي : هل فشلت صفقة تعاقد الأهلي مع زين الدين بلعيد؟ ..كواليس جديدة تعرف عليها    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    الغرف التجارية العربية: 3 تريليونات دولار مساهمة القطاع الخاص العربى فى الناتج الإجمالى    تخصيص 206 ساحات و8 آلاف مسجد لأداء صلاة عيد الأضحى بسوهاج    الصحة السعودية: لم نرصد أي حالات وبائية أو أمراض معدية بين الحجاج    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    ما أفضل وقت لاستجابة الدعاء في يوم عرفة؟.. «الإفتاء» تحددها    شروط تمويل المطاعم والكافيهات وعربات الطعام من البنك الأهلي.. اعرفها    ميناء شرق بورسعيد يستقبل سفنينة تعمل بالوقود الأخضر    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة في وقفة عرفة    أسعار الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم 15 يونيو 2024    جدول مباريات الولايات المتحدة الأمريكية في دور المجموعات من بطولة كوبا أمريكا    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفتر أحوال «صحة» مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 04 - 2014

منذ أيام قلائل دخل الطفل أندرو ذو السنوات الأربع مستشفى الغردقة العام لإجراء جراحة له لاستئصال اللوزتين وخرج من غرفة العمليات فاقدا البصر!! معلنا بذلك بقاء ملف الصحة مفتوحا على رأس قائمة أولويات الرئاسات والحكومات المتعاقبة.
مستمدا أهميته من كونه يعنى الحق فى الحياة للمواطن الذى كفله له المولى عز وجل قبل أن تكفله له الدساتير فى مختلف دول العالم، وأيضا يستمد قوته من ارتباطه الوثيق بعجلة الإنتاج فهو نقطة البداية والانطلاق نحوها .. المريض والطبيب و المنشأة الطبية ثالوث يدق ناقوس الخطر فى المجتمع ككل إذا أصابه خلل فى أحد أضلاعه , وللأسف فإن دفتر أحوال منشآتنا الطبية فى مصر سواء عام أو خاص يعانى من ألاما مبرحة تحتاج إلى مشرط جراحى عاجل وفقا لما عايشناه ولمسناه عن قرب فى القطاعين على حد سواء، خاصة بعد أن أعلن وزير الصحة مؤخرا عن زيادة قدرها 110 ملايين جنية لدعم القطاع الصحى فى أسوان ،وكذلك ما لمسه من جولاته الميدانية المستمرة للمستشفيات من تردى مستوى الخدمة .. الصورة بلا رتوش تنقلها السطور التالية ليبقى الملف مفتوحا فى أجندة الرئيس القادم والبرلمان الجديد ..

بعض المستشفيات الحكومية هياكل خرسانية..والأخرى آيلة للسقوط
تحقيق:محمد القزاز
«يا رب حد يرحمنا من الوقفة الطويلة دى» قالها الرجل ذو السبعين عاما بعدما أمضى ساعات فى انتظار الطبيب الذى قرر الإضراب من أجل رفع المرتبات، على بعد خطوات منه تجلس امرأة فى مستشفى السلام العام تندب حظها التعس«كل حاجة بفلوس، شاش قطن أشعة نجيب منين بس يا ربى» فيما يجرى إيهاب محمود أخصائى كمبيوتر بلهفة يسأل عن حضانة لابنته المولودة حديثا فى أحد المستشفيات الخاصة ولا يستطيع سداد تكلفتها التى تصل إلى ألف جنيه يوميا.
إيهاب مثل حالات آباء كثيرين لا يستطيعون وهم فى بداية حياتهم توفير نفقات حضانة غير موجودة فى معظم مستشفيات وزارة الصحة فى مستشفياتنا الحكومية على امتداد مصر لن تجد إلا أناسا ساء حظهم أن يمرضوا، حيث رفعت مستشفيات وزارة الصحة تحذيرا شديد اللهجة ألا يمرض فقير فى هذه البلد، فلا شئ مجانيا فيها، فأصبح المرض جريمة تعاقبهم بها المستشفيات فى مصر، فيذهب المريض متسلحا بالدعاء وبقايا مال هى كل ما يملكه.
الدكتور أحمد حسين عضو مجلس نقابة الأطباء ورئيس لجنة الإغاثة الإنسانية فى رصده لانهيار منظومة الصحة فى المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة خاصة أوضح أن العديد من مستشفياتنا القائمة انهارت نتيجة ضعف الإمكانات ونقص الأجهزة فضلا عن عدم الاهتمام بالعنصر البشرى وتأهيله التأهيل المناسب، ونظرة إلى كل المستشفيات فى مصر تجد مئات الشكاوى من سوء الخدمة بها، حيث قمنا فى النقابة بعمل بحصر لها ما بين التى لم يتم الانتهاء منها، والمستشفيات المنهارة تماما بل والآيلة للسقوط، حيث وجدنا ‫أن‬ مستشفى إسنا المركزى بالأقصر على سبيل المثال تم بدء تنفيذ مشروعها فى عام 1998على أساس أن تستغرق 18 شهرا إلا أنه توقف عدة مرات ثم تم تسليم الرسومات الهندسية المعمارية إلى الإدارة العامة للهندسة بوزارة الصحة فى 10 / 10 /2011 لعمل الدراسة للأعمال التى تم تنفيذها والأعمال المطلوبة لاستكمال المشروع ، وحتى الآن مازال المبنى عبارة عن هيكل خرسانى لم يتم تشطيبه !
‫والحال نفسه فى مستشفى سوهاج العام، حيث يوجد مبنى العنايات المركزة مكون من خمسة طوابق تم إنشاؤه منذ 2006 بتبرع من أحد رجال الأعمال بسوهاج ومنذ إنشائه وهو على حالته دون تشطيب أو تجهيزات لرفض المسئولين قيام المتبرع باستكمال الأعمال بمعرفته وإصرارهم على تبرعه بالمبلغ المالى لاستكمال المشروع بمعرفة وزارة الصحة.
‫ وكذلك الوحدة الصحية الجديدة بقرية نزلة عمارة بطهطا لم يتم تشغيلها ومغلقة منذ الانتهاء من إنشائها ، حيث تعمل الآن الوحدة القديمة المهدمة والبنية التحتية لها منهارة وهى ملاصقة للوحدة الجديدة.‬
‫ بينما مركز بلصفورة لعلاج الإدمان على مستوى جنوب الصعيد حصل على موافقات وزيرى الصحة السابقين ومحافظى سوهاج السابقين ومديرية الصحة بسوهاج تم تسليم مستشفى بلصفورة التكاملى القديم والمهجور والذى تم بناؤه عام 1960 إلى الأمانة العامة للصحة النفسية فى 13 يناير 2013 لتنفيذ مشروع مركز لعلاج الإدمان على مستوى جنوب الصعيد على مساحة الفدان والنصف وتم صدور قرار إزالة رقم 22 لسنة 2013 للمبانى القديمة بعد صدور معاينة لجنة الإزالة بمجلس مدينة سوهاج وقسم المشروعات بمديرية إسكان سوهاج ، ورغم إدراج المشروع بالخطة الاستثمارية لوزارة الصحة 2013-2014 إلا أنه لم يتم تنفيذه حتى تاريخه .‬
هذه عينة لما رصده د. أحمد حسين لبعض المستشفيات التابعة لوزارة الصحة فى محافظة واحدة والأمثلة تزيد على الحصر، فهى وغيرها تحتاج منظومة متكاملة ليس على مستوى مستشفيات وزارة الصحة فقط بل المنظومة الطبية فى مصر كلها٫ وهو ما أعد له د. فاروق محمد عبد الله استشارى طب الأطفال وخبير برامج جودة الرعاية الصحية دراسة شملت كل جوانب المنظومة، حيث قال إن ما وصلت إليه حالة الخدمة بالمستشفيات عامة حكومية وخاصة أصبح لا يمكن تجاهله أو السكوت عليه، وأصبح لزاما علينا تحديد رؤية ونظرية على المستوى القومى يلتزم بها كافة العاملين من قطاع الصحة ، ولا تخضع لروية وزير فى كل وزارة ، حتى يتم الوصول إلى الهدف المنشود وهو تقديم خدمة آمنة لكل فئات الشعب فى كل منافذ الرعاية الصحية.
روشتة العلاج
ويشير د. فاروق إلى إن الارتقاء بالرعاية الصحية يستدعى تطوير وتنمية الإدارة وذلك بإضافة آليات وأساليب تعمل على تطوير وتنمية الأداء ومنها على سبيل المثال، وحدة السجلات الطبية التى تهتم بمراقبة التسجيل الطبى والسياسات التنفيذية وحفظ واسترجاع السجل، إضافة إلى استخدام التصنيف الدولى للأمراض، وكذلك وحدة مكافحة العدوى، وذلك بوجود طبيب بكتربولوجى يتم تدريبه على إدارة البرامج بمساعدة أحد مستشارى البكتربولوجى، مع وجود وحدة لإدارة الجودة يشرف عليها طبيب متخصص فى أحد التخصصات الإكلينيكية، من خلال تدريبه وإعداده فى وحدة الجودة بإحدى الوحدات الرائدة فى هذا المجال، حيث من شأن هذه الوحدة آن تضع دليلا قوميا للأدوية يلتزم به الأطباء من مختلف التخصصات، ومن أولويات برامج الجودة أيضا تحديد الحالات ذات التردد العالى بالمستشفيات والمراكز المتخصصة لوضع المسارات الإكلينيكية للتعامل مع الحالات من خلال برتوكول يتم التوصل إليه والتدريب عليه بالنسبة للحالات فى كل تخصص، وذلك للحد من التكلفة المضافة نتيجة لممارسات خاطئة لا داعى لها، آو ممارسات غير متكاملة ، مع المراجعة الفنية لحالات الخروج للتعرف على أوجه القصور فى التعامل معها والسلبيات الناتجة عن ممارسات خاطئة وتمثل تكلفة مضافة لعلاج هذه المضاعفات، حيث إن حصر هذه السلبيات يؤدى إلى متابعة القضاء عليها و تحديد أولويات التدريب .
ويضيف د. فاروق إلى أنه لابد من الحد من الإنشاءات الجديدة دون دراسة، حيث إن التوسع فى إنشاءات قائمة فعلا ولا يتم تشغيلها أو استخدامها الاستخدام الأمثل يعد إهدارا للأموال على حساب الرعاية الصحية الواجبة التى تتطلب الجهد الكافى لتحقيق فاعلية وكفاءة التكلفة وتعظيم العائد من هذه الأموال، وأخيرا إعادة النظر فى هيكل الأجور بالنسبة للأطباء وأفراد هيئة التمريض، من خلال التفرغ التام للأطباء واعتماد بدلات مجزية تضمن وجود الطبيب الدائم فى المستشفى.‬
كما أنه من المناسب الآن إنشاء مجلس أعلى لتطوير الإدارة بالمستشفيات، يضع آلية قومية لضمان التحديث والارتقاء بالخدمة ومراقبة الأداء بصفة دورية منتظمة من خلال برنامج قومى لجودة الرعاية الصحية بصفة عامة والمستشفيات بصفة خاصة، حيث إن تكلفة سوء الخدمة أكثر من تكلفة تقديم الخدمة الصحية، فالخدمة السيئة تكلف الدولة والحكومة والمريض، بينما الخدمة الصحيحة توفر على الجميع. ‬
وفى القطاع الخاص ..كثير من المال ومزيد من الإهمال
تحقيق:هاجر صلاح
عندما يهرب المريض من جحيم المستشفى الحكومى إلى نظيره «الخاص» فهو يتوقع أمرين: معاملة لائقة تحترم آدميته وتقدر ظروفه الصحية، وخدمة طبية ممتازة يعود بعدها إلى بيته سليما معافى.. لكن الواقع ليس كذلك دائما .. وتجارب حية عديدة تؤكد ان المستشفى الخاص باهظ التكلفة، قد اهتم بالأثاث والديكور وأهمل البشر، سواء كانوا إداريين أو ممرضين أو أطباء.. فتكون النتيجة إهمالا يفضى إلى «شهادة وفاة » لكنه – وكما يقول المثل الشعبي«موت.. وخراب ديار»..
لا نتحامل على المستشفيات الخاصة، خاصة أنها تمثل 60% من القطاع الطبى فى مصر، لكن ما هى المبررات لما يقع من حالات إهمال طبى وابتزاز مادي، سواء كان معلنا من قبل الإدارة أو خفيا من قبل الممرضين؟؟ ، وإذا كان المريض يدفع أولا قبل أن تلمسه يد اى طبيب، أليس من حقه أن يجد إجابات شافية لأسئلته، و أن يباشره طبيبه المعالج يوميا مرة على الأقل ؟!
فى هذا التحقيق استمعنا لوجهات نظر أطراف القضية كل على حدة، بدءا من المريض مرورا بالطبيب ومدير المستشفى وانتهاء بوزارة الصحة.
العلاج بالتليفون
حكاية المهندس “سامي” مع والدته نموذج يلخص أزمة المرضى فى المستشفيات الخاصة،ورغم عثورنا على نماذج أخرى تعرضت لمواقف اشد قسوة، إلا أنهم رفضوا الظهور إعلاميا حتى لا يحصلوا على حقوقهم بشكل استثنائي، وأصروا على المضى فى الإجراءات القانونية
والدة “ سامي” كانت تعانى من تليف فى الرئة ومشاكل فى القلب والسكر .. شعرت باختناق مفاجئ فتوجه بها إلى طوارئ مستشفى خاص معروف، فطلبوا فى البداية دفع تأمين قدره ألفى جنيه، ثم أمروا بعد ذلك بحجزها فى المستشفى ، والسرير مقابل 100 جنيه يوميا. 12يوما قضاها فى المستشفى، لم ير فيها الطبيبة المعالجة إلا مرة واحدة، أما الطبيب المناوب فهو “نائم” دائما، وإذا التقوا به وسألوه عن الحالة أو شكوا له من بعض المشكلات، إجابته المعتادة : “ لما تيجى الدكتورة هاقوللها”، أما الممرضات فيراهم المهندس سامى كمثيلاتهن فى المستشفيات الحكومية من إهمال ولامبالاة وردود غير مهذبة وصوت عال، وكل ما يقومون به هو الشجار مع المرضى وأسرهم، ولا يقدمن خدمة إلا بمقابل، وإذا سألتهن عن اى معلومة تتلخص الإجابات فى التالي” ما نعرفش.. مفيش.. لما يجى الدكتور». وإذا شكا للإدارة يتم تهدئته بكلمات معتادة حتى يسكت مؤقتا ، لدرجة أن والدته لاحظت أن الممرضات والموظفين لا يظهرون إلا عند حضوره ، حتى يحصلوا على «الإكراميات « اليومية. استمر الوضع كذلك لمدة ثلاثة أيام، إلى أن فوجئ بالمستشفى تتصل به لتخبره أن حالة والدته تدهورت وأصبحت غير قادرة على التنفس، بعد أن التقطت عدوى، ويجب نقلها فورا إلى غرفة منفردة حتى لا تعدى الآخرين، وكانت مقابل 400 جنيه فى الليلة، وبعد أيام قليلة تدهورت الحالة وكان يجب نقلها إلى العناية المركزة ولم يكن فى المستشفى.غرف خالية . يتابع المهندس سامي:» وجهونى إلى إسعاف المستشفى فوجدت «مافيا» تعمل لحساب المستشفيات الخاصة الأخرى، واكتشفت أنى بالنسبة لهم «زبون» سيربحون من ورائه «عمولة»، فأخذوا يسردون على أسماء المستشفيات والتأمين الذى تطلبه كل منها وتتراوح قيمتها ما بين 2500 وحتى 7 آلاف جنيه، وكلها كانت فوق طاقتي، فاخبروني» بضيق» انه يمكننى الاتصال بوزارة الصحة لتبحث وتخبرنى بالمستشفى المتاح به غرفة عناية، وعندما اتصلت أخبرونى انه يجب أن يحدثهم الطبيب المعالج بنفسه، وبعد عذاب تمكنت من الاتصال بالطبيبة المعالجة، وطلبت منها أن تساعدنى لإنقاذ والدتي. فى النهاية تمكنا من نقلها الى «الرعاية المتوسطة» فى مستشفى حكومى بعد محاولات مضنية من الطرف الآخر وادعاءات بعدم وجود أماكن، ثم نفاجأ بالعكس تماما، ونكتشف آن كل ما قيل لنا «محض كذب» فأدركنا أن الأمر كله خاضع «للبيزنس والسمسرة».. المهم انه عندما قررنا نقل والدتى بسيارة الإسعاف إلى المستشفى الجديد، تعلل موظفو الإسعاف بان السيارتين» معطلتان»!! والدة المهندس سامى توفيت بعد أيام بسبب العدوى التى التقطتها فى المستشفى الخاص، وبالطبع لم يكن الحال أفضل فى المستشفى الحكومي، ولم يتم تدارك نتائج الإهمال السابق
غياب الرقابة والمحاسبة
الدكتور علاء المهدي-أستاذ الكبد وأمراض الجهاز الباطني– اقر بالفعل بارتفاع تكلفة الخدمة الطبية المقدمة فى القطاع الخاص وأنها تحولت إلى «سلعة» يتم التعامل معها بقواعد « الربح والخسارة» التى غطت على مبادئ الرحمة ومراعاة ظروف المريض، لكنه مع ذلك يؤكد تفاوت التكلفة بين المستشفيات الخاصة ذاتها، فالعملية الواحدة قد تتكلف فى مستشفى عشرة آلاف جنيه فى حين يتم إجراؤها فى مستشفى آخر بألفى جنيه فقط، وهذا الفارق يعود بالأساس إلى حداثة الأجهزة وجودة المستلزمات الطبية المستخدمة، فكلما زادت الجودة ،تزيد التكلفة بالتبعية، والعكس صحيح, فهل يمكن أن أساوى بين دعامة قلب ثمنها 1500 جنيه بأخرى ثمنها 30 ألف جنيه؟؟»
النقطة الثانية التى يشير إليها د. المهدى هى غياب نظام حقيقى يحكم عمل المستشفيات الخاصة، فالأمر خاضع برمته إلى قرارات وزارية وليس قوانين، وبالتالى هى عرضة للتغيير أو عدم التفعيل وفقا لسياسة كل وزير ،ويضيف: “ اتحدى أن يكون اى وزير صحة سابق أو حالى على علم بعدد القرارات الوزارية التى صدرت خلال السنوات الأخيرة، فهناك الكثير منها غير مفعل أو يتم مخالفته، على سبيل المثال كان هناك قرار وزارى فى عام 2010 بعدم إقامة اى مستشفى فى عمارات سكنية إلا إذا التزمت بشروط صارمة ليكون مستشفى «صديق للبيئة»، ومع ذلك تم افتتاح عدد هائل من المستشفيات فى العمارات السكنية دون اى الالتزام باى من الشروط المطلوبة، كما صدر قرار وزارى بإلزام المستشفيات الخاصة باستقبال الحالات الطارئة لمدة 24 ساعة مجانا ثم تخيير المريض ما بين الاستمرار أو الانتقال لمستشفى حكومي، وهو قرار لن تلتزم به اى مستشفى خاص، لان وزارة الصحة التى من المفترض أن تقوم بدفع تكاليف الخدمة التى قدمتها المستشفى للمريض ، تقوم بحسابها وفقا لأسعارها الخاصة، فإذا تكلف المريض 600 جنيه فى اليوم، ستدفع منها وزارة الصحة 50 جنيها،لأنها تقيم المستلزمات وفقا للسعر الحكومي، وبالتالى لا تحصل المستشفى على حقها كاملا.
المشكلة الثالثة – كما يرى المهدي- هى أتعاب الأطباء والتى تخضع لتقدير الطبيب شخصيا، ولا يمكن لأحد مناقشته فيها، ولا احد يستطيع فرض حد أقصى عليه.
أما فيما يتعلق بمحاسبة الأطباء على أخطائهم فى العلاج، فقال أن هذا أمر صعب التحقق، لأن الطبيب لا يهتم بما يسمى” التسجيل الطبي” للمريض، الذى يصف حالته وتطوراتها بدقة، وبالتالى لن يتمكن المريض من إثبات أين وقع الخطأ أثناء علاجه، ومن ثم لن يتمكن أحد من محاسبة الطبيب المخطئ وتكون» أقصى عقوبة ينالها هى «توجيه اللوم»
عدم تفرغ الأطباء
تواصلنا مع مدير أحد المستشفيات الخاصة الكبرى لكنه فضل عدم ذكر اسمه.. تحدث بصراحة مشيرا هو الآخر إلى انه لا ينبغى وضع كل المستشفيات الخاصة فى سلة واحدة، لان الكفاءة والإمكانات ليست متساوية، وقد اعترف بأنه لا توجد رقابة كافية على الخدمات والجودة فى القطاع الطبى الخاص، ووزارة الصحة معذورة لأنها لا تملك الإمكانات البشرية والمادية والأدوات اللازمة للسيطرة على هذا العدد المهول من المنشآت الطبية الخاصة، أما التكلفة المرتفعة فهى تساوى بالضرورة جودة، وعندما يحصل مستشفى على شهادة JCI العالمية فى تحقيق متطلبات الجودة، فهذا يعنى أنه أنفقالكثير حتى تصل إلى هذا المستوى، وبالتالى سيتحمل المريض هذه التكلفة، كما انه فى القطاع الخاص بشكل عام لا احد يستطيع فرض «تسعيرة» عليه، وأصحاب المشروع هم فقط من يحددون ذلك، وفى النهاية المستهلك هو من يختار ما يلائمه، فالمستشفيات الحكومية لا تكلف المريض لكن أين الخدمة، فهل تحققت الرسالة؟! ولا يمكن أن اطلب من شخص انفق 400 مليون جنيه على مشروع أن يتغاضى عن الربح، أو أن يربح 3% ، فليضع أمواله فى البنك إذن؟!
يتابع مدير المستشفى الشهير “ المشكلة الأخرى وهى عدم تفرغ الأطباء فهناك خلط بين الوظيفة العمومية والخاصة، فيحدث أن يتابع الطبيب مريضه بالتليفون، لأنه لا يجد الوقت الكافي، لكن المشكلة ليست عند الطبيب الذى يسعى للحصول على دخل مناسب. على الجانب الآخر يكشف مدير المستشفى عن أن هناك بعض المرضى يمتنعون عن سداد فواتير علاجهم وتقف المستشفى عاجزة وتضيع حقوقها، أما فيما يتعلق بأسلوب التعامل مع المرضى من قبل الممرضين، فيرجعه إلى غياب الكفاءات فى مصر بشكل عام نظرا لتدنى مستوى التعليم بالأساس.
الوزارة ترد
إدارة العلاج الحر والتراخيص الطبية بوزارة الصحة هى المسئولة عن مراقبة القطاع الطبى الخاص والذى يضم 2230 منشأة طبية.. سألنا مديرها الدكتور صابر غنيم عن دورية عمليات التفتيش، وعناصره، فقال إن الأمر يتم بمعدل زيارة سنوية لكل منشأة، لكن إذا تلقوا شكاوى بشأن منشأة معينة فقد تتكرر الزيارة أكثر من مرة، ويشمل التفتيش كل عناصر الخدمة من كوادر بشرية واكتمال التجهيزات وكفاءتها ووسائل السلامة ومنع نشر العدوى، وإذا تم اكتشاف مخالفات يتم اتخاذ العقوبة المناسبة وتتراوح ما بين الإنذار وحتى إغلاق المستشفى، وإذا كانت الأخطاء تعود للطبيب يتم تحويله إلى لجنة آداب المهنة بنقابة الأطباء.. غنيم أكد رغم ذلك انه غير راض عن مستوى الخدمة المقدمة فى القطاع الخاص، وإنهم كجهة رقابية يواجهون مشاكل بالجملة فى تلك المستشفيات أرجعها إلى ما وصفه ب»الانفلات الأخلاقي»، لكنهم –على حد قوله- يحاولون القيام بدورهم بقدر المستطاع. وبالفعل قد تم خلال الفترة من يونيو 2013 حتى الآن تم إغلاق 209 منشأة طبية خاصة نتيجة مخالفات منها : نقص التجهيزات والكوادر الفنية ، وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمكافحة العدوى ، أو لعدم الحصول على تراخيص من الأصل، كما تم تحويل 35 طبيبا إلى لجنة آداب المهنة فى نقابة الأطباء ، بينما تم تلقى 229 شكوى من سوء الخدمة الطبية سواء من قبل أفراد أو جهات مثل جهاز حماية المستهلك .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.