كانت أمام المدخل الرئيسى لمحطة قطار بنها فسقية جميلة يتفجر من ينابيعها الماء فيخرج أبيض رقراقا ذا خرير تطرب النفس لسماعه . كان رذاذ الماء يداعب وجه من يقترب من هذه الفسقية خاصة فى ليالى الصيف الجميلة . التفت حول هذه الفسقية مقاعد ، اعتاد المسافرون الجلوس عليها غدوة ورواحا انتظارا لرحلاتهم ، أو للسيارات التى تقلهم إلى مواطنهم ، فيستمتعون بمنظر الفسقية الخلاب وخرير الماء الرقراق .وفجأة طالتها يد الإهمال فرسمت عليها وجه القبح ، فجفت ينابيعها وغيض الماء فأمست يبابا ومقلبا للقمامة، وبعد أن كنا نرى فيها الماء أبيض شفافا صرنا نرى بها علب الكشرى وزجاجات العصير الفارغة ، وتهدمت المقاعد حولها وصار الانتظار وقوفا. أريد أن أقول إن عدوى الإهمال أينما حلت انتشر القبح وشاهت الصور ، مع أن مقاومتها لا تكلف الكثير . إن قليلا من الضمير وبعض الرقابة من قبل المسئولين فى المحافظة يعيد كل شىء إلى نصابه، والتبرير بقلة عمال النظافة مرفوض لأن عمال ( البلدية ) أكثر من الهم ع القلب ، ولكن المشكلة الحقيقية فى غياب الضمير واعتياد العين رؤية القبح الذى أضحى مظهرا من مظاهر المجتمع المصرى، فكم من فسقيات للماء تعطلت وجف ماؤها ،كم من متنزه استبيح وحل البوار فيه محل الخضرة ، كم من شعارات للمحافظات هدمت أو بحاجة إلى نظافة أو طلاء ، كم من مدخل لمدينة صار خربا يحتاج إلى نظافة وتشجير ، كم من معلم سياحى طالته مؤخرا يد العبث، كم من مخلفات وتلال من القمامة ألقيت على جانبى الطرق، بل غزت نهر الطريق حتى فى شوارع العاصمة ، كم من حيوانات نافققة ألقيت بماء النيل الذى هو هبة المصريين ، كم من كذا وكم من كذا! ما أريد تأكيده أن سيادة روح الأنامالية ، والفوضى، والتزويغ من العمل، وفقد الانتماء كفيلة بهدم هذا المجتمع واجتثاثه من شأفته، ولن تنجع معها عدالة حاكم أو مراقبة مسئول . إن القضية بجانب رقابة المسئولين هى قضية وازع حتى نعيد إلى مصر جمالها وحضارتها . إننا بحاجة إلى تضافر الجهود بأن نهب زرافات ووحدانا لنعيد لمصرنا مجدها الذى كان ، واضعين نصب أعيننا دولة كاليابان، بدأت نهضتها معنا وبرغم أنها فقيرة الموارد، قليلة الإمكانات، إلا أنها استطاعت بإرادتها السياسية والشعبية، فضلا عن سيادة روح الانتماء بين المواطنين أن تسبقنا بعشرات بل مئات السنين . وأخيرا أقول : أن تصل متأخرا ليس عيبا بل العيب ألا تصل مطلقا ، فلنشمر عن ساعد الجد ونقاوم كل قبيح حتى نستمتع بجمال بلدنا التى منحها الله هبات وإمكانات كثيرة لو أعيد استثمارها؛ صرنا أجمل بلاد الدنيا كما كان ، والتاريخ شاهد. Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى