الأردن يدين بأشد العبارات استهداف جيش الاحتلال خيام النازحين في رفح    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    شيكابالا: لم أتوقع انضمام إمام عاشور للأهلي كونه "زملكاوي مجنون".. ولا أوافق على عودته    بلاتر: مصر بلدى الثانى وأتمنى زيارتها.. وزيادة عدد المنتخبات بالمونديال قرار غريب    ملف يلا كورة.. انطلاق معسكر الفراعنة.. شيكابالا يعلن موعد اعتزاله.. وقائمة المنتخب الأولمبي    رئيس رابطة الأندية: أمامنا قرابة 4 سنوات لتصحيح مسار كرة القدم في مصر    كريم فؤاد: علي معلول أسطورة وشعرت بالقلق لحظة إصابته    شيكابالا: "مستعد أروح للشيبي لحل أزمة الشحات".. ورفضت رحيل شوبير عن الأهلي    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    إقالة رئيس مدينة ديرمواس بالمنيا وإحالته للتحقيق    عيار 21 يسجل 3140 جنيها.. تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب والدولار    كريم العمدة ل«الشاهد»: لولا كورونا لحققت مصر معدل نمو مرتفع وفائض دولاري    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقصف محيط معبر رفح من الجانب الفلسطيني    هل يمكن أن تدخل مصر في صراع مسلح مع إسرائيل بسبب حادث الحدود؟ مصطفى الفقي يجيب    شيكابالا عن لقب الكونفدرالية: بطولة مميزة بعد رحيل المجلس السابق ومصدر هدوء للجميع    «خبطني بشنطته».. «طالب» يعتدي على زميله بسلاح أبيض والشرطة تضبط المتهم    إصابة 6 أشخاص في حادثي سير بالمنيا    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    إلهام شاهين: "أتمنى نوثق حياتنا الفنية لأن لما نموت محدش هيلم ورانا"    حسين عيسى: التصور المبدئي لإصلاح الهيئات الاقتصادية سيتم الانتهاء منه في هذا التوقيت    إرشادات للتعامل مع مرضى الصرع خلال تأدية مناسك الحج    نشرة التوك شو| تحريك سعر الخبز المدعم.. وشراكة مصرية عالمية لعلاج الأورام    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    استعدادات مجتمعية وروحانية: قدوم إجازة عيد الأضحى 2024    وزير خارجية الأردن لنظيره الإسباني: نقف معكم ضد الهجمات الإسرائيلية بعد قرار الاعتراف بدولة فلسطين    زيلينسكي: المناطق الملغومة في أوكرانيا أكبر من أراضي بعض الدول الأوروبية    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    باختصار.. أهم أخبار العرب والعالم حتى منتصف الليل.. البيت الأبيض: لم نر أى خطة إسرائيلية لتوفير الحماية للمدنيين فى رفح.. النمسا: مبادرة سكاى شيلد تهدف لإنشاء مظلة دفاع جوى أقوى فى أوروبا    شعبة المخابز تكشف حقيقة رفع الدعم عن رغيف الخبز    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    وزارة التموين تضبط 18 طن دقيق لدى المخابز بالجيزة قبل تهريبها للسوق السوداء    "تموين الإسكندرية" تضبط 10 أطنان دقيق بدون فواتير فى أحد المخازن    تشيكيا: أوكرانيا ستحصل على عشرات الآلاف من قذائف المدفعية في يونيو    طريقة احتساب الدعم الإضافي لحساب المواطن    تراجع سعر الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    رئيس اتحاد شباب المصريين: أبناؤنا بالخارج خط الدفاع الأول عن الوطن    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    «الأعلى للآثار» يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بعد ترميمه.. صور    حظك اليوم| الاربعاء 29 مايو لمواليد برج الثور    افتتاح المؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب، الخميس    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    اضطراب ورياح.. تعرف على حالة الطقس حتى الإثنين المقبل    إصابة 17شخصًا في تصادم ميكروباص بفنطاس غاز بالمنيا    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    «زي المحلات».. 5 نصائح لعمل برجر جوسي    هل يجوز الجمع بين صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وقضاء رمضان؟    ما حكم الصلاة الفائتة بعد الإفاقة من البنج؟.. أمين الفتوى يجيب    متى يلزم الكفارة على الكذب؟.. أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    بدء الاختبارات الشفوية الإلكترونية لطلاب شهادات القراءات بشمال سيناء    جمال رائف: الحوار الوطني يؤكد حرص الدولة على تكوين دوائر عمل سياسية واقتصادية    من أفضل 10 فرق.. جامعة الجلالة تصل لتصفيات «الابتكار وريادة الأعمال» إفريقيا (تفاصيل)    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    محافظ مطروح يشهد ختام الدورة التدريبية للعاملين بإدارات الشئون القانونية    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طائرة السيد الرئيس
نشر في المصري اليوم يوم 23 - 09 - 2010

هل أنت ممن يخافون عند إقلاع الطائرة أو هبوطها أو تعرضها لمطبات هوائية؟ قل نعم ولا تخف فكلنا ذلك الرجل، عادى يعنى، هناك من يتغلبون على خوفهم من الطيران بركوب البحر أو السفر برا أو عدم السفر أساسا، وهناك من يحاولون الاسترخاء التام ويأخذون مهدئات لتجاوز محنتى الإقلاع والهبوط،
وهناك من يغرق فى الاستماع إلى الموسيقى الهادئة أو الصاخبة، أنا أتغلب على خوفى من الطيران بقراءة كل الأدعية التى أحفظها وأضيف إليها دعاء خاصا بأن يعجل الله بموتى إذا أراد أن يكون فى حادث طيران فلا أظل مرميا فى عرض البحر أو محصورا فى قمة جبل وسط الأشلاء فى انتظار طائرات الإنقاذ التى لا تصل لمواطنى العالم الثالث، يعنى تقدر تقول أننى أداوى خوفى بالتى كانت هى الداء،
قد ترانى مجنونا وقد أكون كذلك فعلا، وقد تكون لديك طرق ألطف للتغلب على خوفك من الطيران والطائرات، لكن المؤكد أنه لا أنا ولا أنت نمتلك الوسيلة التى يمتلكها الرئيس مبارك للتغلب على متاعب الطيران، أعنى رؤساء تحرير الصحف القومية.
هل سألت نفسك قبل ذلك لماذا يصر الرئيس مبارك على اصطحاب رؤساء تحرير الصحف القومية معه أثناء سفره فى رحلات خارجية، بدلا من أن يسافر مندوبو الصحف فى رئاسة الجمهورية كما جرت العادة فى أغلب دول العالم، أعلم أن الرئيس مبارك ورث هذه العادة عن سابقيه عبدالناصر والسادات،
لكن ذلك لا يعنى أنه لا يستمتع بهذه الصحبة وإلا لكان قد قطع هذه العادة كما انقطعت عادات أخرى كثيرة لعبدالناصر والسادات فى التواصل مع الإعلام والناس. وبما أن السؤال لم يحرُم بعد كما حَرُم التظاهر والهتاف والاعتراض على توريث البلاد، دعنا نسأل أسئلة كثيرة من نفسنا عن هذه العادة التى نسأل المولى أن يقطعها رحمة بنا وبمراراتنا.
أول سؤال لماذا يحرص الرئيس فى رحلاته على اصطحاب رؤساء تحرير الصحف الحكومية المسماة زورا بالقومية دون أن يصطحب معه دائما كل رؤساء تحرير الصحف الحزبية والمستقلة، هل يتفاءل بهم دون غيرهم، أم أنه لا يحب أن يستمع إلى أصوات تضايقه وتعكننه وهو متغرب، أم أن رؤيته لوجوه الصحفيين الذين يوالون ويؤيدون ويبايعون طيلة السنة تريح أعصابه وتشعره بالأمان والطمأنينة، يعنى الواحد منا عندما يتوتر على متن الطائرة يدوس على زرار استدعاء المضيفة ليطلب منديلا معطرا أو حبة نعناع منعشة أو كوب ماء بارد،
أما رئيس الجمهورية فهل يدوس على الزر ويقول «هاتوا لى رؤساء التحرير»، ليس لدىّ أى اعتراض على ذلك، فللرئيس مطلق الحق فى أن يختار رفيق سفره كيفما شاء خاصة والرفيق قبل الطريق، ولن أكون سعيدا بأن يقضى رئيس دولتى ساعات طيرانه فى نقاش سياسى مرهق مع صحفيين مستقلين ينقلون له هموم الناس فيزيدون همه،
بينما بمقدوره أن يقضى ساعات سفر لذيذة على أنغام موالاة «القوميين» الذين ينتظرون من سيادته أن يتفوه بالتصريحات الخطيرة التى ينشرونها جميعا فى نفس المكان بنفس العناوين بنفس الألفاظ والعبارات، وهو ما يجعلك تسأل مجددا: لماذا يسافر كل هؤلاء على نفقة الدولة، لماذا لاتكون هناك نوبتجية يسافر فيها واحد منهم كل مرة ويتملى الكلمتين من سيادة الرئيس ويوصلها إلى زملائه لينشروها بنفس الطريقة بدون أى داع للخَيْلة «الصادقة» التى تسافر مع سيادته كل مرة؟
ولكى لا يظن أحد أننى طمعان فيما يعتبره رؤساء التحرير الحكوميون طاقة قدر تنفتح لهم كذا مرة فى السنة، دعنى أتمن لهم السلامة من كآبة المنظر وسوء المنقلب وقلة بدل السفر، لكن دعنى أسأل أيضا: ماذا يحدث لو فرضنا لا قدر الله أن طائرة سيادة الرئيس جرى لها ما يجرى لباقى طائرات الدنيا من اضطرابات جوية حادة ومقلقة تجعل صدر الراكب ضيقا حرجا وهو يصعّد فى السماء،
هل يمكن فى حالة كهذه أن يستيقظ ضمير أى راكب من ركاب طائرة الرئيس سواء كان من معاونيه ووزرائه أو من كتابه ورؤساء تحريره، فيدرك أى من هؤلاء أن ساعة لقاء الله قد حانت، وأن عليه أن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، فيقول لرئيس البلاد الحقيقة التى سيسأله الله عز وجل لماذا كتمها، هل يمكن أن يقول أحد ركاب طائرة السيد الرئيس له بكل أدب وصدق «سيادتك أنا آسف إنى عشت معاك كل الوقت اللى فات باقول حاضر ونعم من غير ما أفكر إنى أقول لسيادتك كلمة حق تبصرك أو تنورك.
سيادتك أنا آسف إنى عاملتك كفرعون مش كرئيس وخفت إنى أقولك الحقيقة زى مانا شايفها.. سيادتك أنا آسف إنى أقول لك إننا مش بخير وإن البلد حالتها صعبة قوى وإن الشعب تعبان وطالع عينه بسبب سياساتنا وقراراتنا الغلط، وإننا جربنا فيه كل البدع وأرهقناه وأتعبناه واستنزفناه ولازم نصارحه ونعتذر له.. سيادتك أنا آسف إنى قلت لك إن مصر مش ممكن يحكمها حد غيرك.. وساعدتك على إنك تقعد على الحكم كل السنين ده من غير ما يحصل تداول سلمى فى السلطة..
سعادتك أنا آسف إنى أهنت قلمى وشرف مهنتى وما قلتلكش الحقيقة.. وحاولت أضحك على الناس وأقولهم إنك ما بتغلطش مع إن سعادتك بنى آدم وكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.. سيادتك ما يصحش اعتقال شباب مسالم بيعبر عن رأيه بصوته من غير ما يلجأ للإرهاب أو العنف أو العمل السرى وما يصحش اعتقال بنات صدقوا اللى حضرتك بتقوله عن مشاركة المرأة فى العمل السياسى..
سيادتك قلت إنك بتقدر تفرز المنافقين من الصادقين ليه سمحت لنا ننافقك بكلام ما يصحش يتقال فى ظل عالم محترم بقى فيه مبادئ أساسية زى حرية الصحافة وتداول السلطة واحترام عقول الناس.. سيادتك ليه ما تفتحش قلبك للناس اللى أرهقهم الغلاء والفقر والمرض.. سيادتك ليه بتسمح بوسائل إعلام كلها جهل ونفاق وتفاهة وضعف مهنى وتسيب الناس تلجأ للتعصب والتطرف عشان الناس مالقتش اللى يريحها فى الدنيا فقررت تجرى وراء أى حد يوعدها إنها ترتاح فى الآخرة».
يااااه. تخيل يا مواطن لو قرر أحد ركاب طائرة الرئيس فى لحظة اقتراب من الموت على ارتفاع ثلاثين ألف قدم فوق سطح البحر ووسط اهتزازات مطب هوائى مخيف أن يقول له كل هذا، وهو غيض من فيض الحقيقة التى تثقل كاهل كل مواطن فى مصر، ما الذى سيحدث له، هل سيرميه الرئيس من الطائرة، أم أنه سيصل مثله مثل غيره إلى مصر،
فيكون قد أبرأ ذمته من الله؟ هل سيقال من منصبه؟ طيب وفيها إيه؟ هل سيموت من الجوع أم أن الذى خلقه قادر على أن يرزقه هو وأولاده؟ هل ستقتله الأجهزة التى يهمها ألا يتواجد حول الرئيس مبارك سوى الذين يقولون له كلاما يحبه ويرضاه، ألم يكن معرضا لأن يموت هو ومن معه بل هو والرئيس ذات نفسه إذا اختار الله ذلك؟ فلماذا لا يموت وقد حجز لنفسه مكانا أبديا إلى جوار الأنبياء والصديقين والشهداء؟ هل تبدو هذه الأسئلة بلهاء بدائية؟ ربما، وهل الرئيس لا يعلم حقيقة ما يحدث لشعب مصر وليس محتاجا لأن يذكّره بذلك أحد؟ ربما أيضا،
وهل سأروح فى داهية لأننى كتبت كلاما مثل هذا؟ ربما أيضا، هناك «ربماهات» كثيرة فى الموضوع لكن المؤكد أن كثيرا ممن هم حول الرئيس ينسون أنهم مبعوثون ليوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين، ولو كانوا يتذكرون ذلك ويستشعرونه لقالوا له الحقيقة مع أول مطب هوائى تمر به الطائرة التى يركبونها معه. إلا إذا كانت طائرة السيد الرئيس مصممة ضد المطبات الهوائية.. وضد الحقيقة.
(من كتاب «أمست يبابا» تحت الطبع)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.