يبدو والله أعلم أن تمتع المواطن المصرى بعيشة كريمة أو على الأقل ( مستورة ) صار أمنية بعيدة المنال وحلما يراود الخيال، فما من حكومة تهل وندعو الله ألا تكون حكومة محلب كذلك إلا وتعلن أن رعاية المواطن وتحقيق رفاهيته أسمى غاياتها ولكن لسان حال المواطنين يؤكد أن ماتزعمه الحكومات مجرد حبر على ورق ، أو( كلام ليل مدهون بزبدة ) ينصهر عند شروق الشمس، وربما مع بزوغ الفجر. والمتأمل يجد أن معاناة المواطن من وعود الحكومات الكاذبة أكثر من أن تعد ؛ فالغلاء مازال موجودا وفى تزايد ، والرعاية الصحية فى انحدار ؛ مما زاد من شراسة الأمراض واستئسادها ، قلة الدخول أصبحت شكوى كل البيوت ، فواتير الكهرباء والمياه ، لم يعد لرب الأسرة طاقة عليها ، هذا فضلا عن القرارات الخاطئة التى تصدر دون دراسة أوتخطيط ولا تصب فى مصلحة المواطنين. كقرار تأجيل الدراسة أكثر من مرة، والقرار غير الصائب بتوقف حركة القطارات توقفا تاما لمدة شهرين ، ثم عودتها للعمل بعشر طاقتها وربما أقل من ذلك ، مما أدى إلى شدة الزحام داخل القطارات بصورة لا تراعى آدمية المواطنين ، وأضحى الراكب طبعا المسافر وقوفا لا يملك وسط هذا الزحام الشديد رفاهية تحريك قدمه من مكانها ، أو إقامة ظهره الذى انكسر أو رقبته التى انثنت ، مما زاد من سخطه على هذ القرار اللا صائب ، والتبرير بأنه قرار أمنى لحماية المواطنين من عمليات الإرهاب الغادرة حجة مهترئة ، فليس منطقيا أن نحل أزمة بافتعال أزمات حتى ولو كانت أقل خطرا . وبالتبعية انتقلت عدوى الزحام الناتجة عن توقف القطارات وعودتها بغير كامل طاقتها إلى مترو الأنفاق فى أوقات الذروة، خاصة فى محطة رمسيس بعد غلق محطة السادات بحجة الدواعى الأمنية أيضا، لدرجة جعلت المسافر فى هذا التوقيت ييتمنى ألا تكون قد ساقته قدماه إلى هذا الزحام الشديد الأشبه بزحام يوم الحشر، والذى لا يقوى معه أن يصل إلى غايته إلا بشق الأنفس، وتمزيق الملابس وفقد الحقائب ، فيندم ولات ساعة مندم بعدما (وقعت الفاس فى الراس) . فأى دواع أمنية تلك التى تعكر صفو المواطنين ، وإلى متى ستستمر تلك القرارات الخاطئة؟ إن حل الأزمة ليس بالهروب منها بل بمواجهتها الصارمة ، ومعاقبة مرتكبيها الذين لا دين لهم ولا وطن . إن مواجهة تلك التصرفات الخسيسة التى لا تنجم عن مسلمين ، بل عن مندسين يريدون أن تظل مصر بركة من الدماء ، ليست مسئولية الأمن وحده بل مسئولية المصريين جميعا .. فلنكف عن إلصاق التهم التى لا تستند إلى دليل ، وتوسع الهوة وتزيد الخلافات . ولنبادر بتحقيق مصالحة وطنية ندعو إليها جميع الفصائل دون إقصاء لأحد ، لنجعل غايتنا جميعا نهضة بلادنا وعلو شأنها ، وذلك بأن نتناسى خلافاتنا التى تفسد الود بيننا ونترك القصاص للقضاء وعدالة ربنا الذى لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء . لننسى حظوظ أنفسنا ؛ بأن نمكن الأجدر والأكفأ من اعتلاء سدة الحكم ونجعل العبرة بالنتيجة ، لنحذر تقديس الأشخاص الذى يُعمى ويُصِم ؛ ونتحلى بالعدالة فى التقييم فنشكر من أصاب و نساعده ، ونراجع من أخطأ ونقومه بمساندة الجيش الذى لابد أن يكون أشبه برمانة الميزان دون تحيز أو محاباة ، لنصل الليل بالنهار جدا وعملا لنجتاز أزمتنا الاقتصادية الطاحنة، لنخلع عباءة العصبية والحزبية ونتدثر بدثار الوطنية الصادقة ، حتى تعود مصر رمزا للأمن والاستقرار. Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى