معروف ان الشعب المصرى ابن نكته و ابسط الاشياء ترضيه و تسعده كجلسة مع أصدقاء أو "تمشيه" على النيل ساعة العصاري , أو سهره حلوه مع الأحباب في البيت أو المقهى , أو درس في وقد اعتاد المصرى لعقود طويلة أن يترك السياسة لأهلها , وإذا تحدث فيها يكون رمزا من خلال نكته يلقيها فيفرغ شحنة إحباطه أو غضبه. ولكن بعد ثورة يناير فقد تغير الأمر وشعر كل مصري أنه أصبح في بؤرة الأحداث وأنه صار جزءا من المعادلات السياسية , وعلى مدى ثلاث سنوات عاش المصريون تقلبات شديدة وحادة جعلت السياسة هي الإهتمام الأول لدى غالبية الناس وكان يوم الجمعة بشكل خاص يمثل يوم راحة واسترخاء ومناسبة للخروج والتنزه والزيارات واللقاءات الحميمية , حتى هذا اليوم أصبح مشحونا كل أسبوع بأحداث مؤسفة ومظاهرات وانفجارات ومواجهات سياسية حادة , وعزف كثير من الناس عن الخروج فيه خوفا من المفاجآت التي يمكن أن تواجههم . فالسائد لدى الناس هو حالة من الغموض وعدم اليقين في المستقبل وانعدام الثقة في الجميع , إضافة إلى حالة من القلق تجاه لقمة العيش ومصير الأبناء واستقرار الأوضاع , ولم تعد المناسبات التي كانت تحمل قدرا من الفرحة والسعادة قادرة على تغيير مزاج المصريين للأفضل ولم تعد قادرة على خلق جو من التسامح والتصالح والتوافق بينهم او إزاحة طبقات الحزن والهم المتراكمة , إذ يبدو أن الشروخ عميقة والجراح مؤلمة . وبات الشعب الذي كان يفخر بأنه وضع رئيسين في القفص خلال ثلاث سنوات يدخل بنفسه قفص السياسة الحديدي ويغلقه على نفسه ولا يستطيع الفكاك منه حتى هذه اللحظة . و يبقى الأمل معقودا في أن تستقر الأوضاع لينصرفوا إلى حياتهم البسيطة المعتادة , وينشغلوا في مشروعات البناء العامة والخاصة، وتعود اللحمة المجتمعية وحالة المحبة والصفاء كما كانت , وتلتئم الجراح الغائرة ..... ولكن كيف ومتى ؟ .. هذا ما ستجيب عليه الأيام والأحداث القادمة .. لمزيد من مقالات عادل زغلول