الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ كان يستحق بكل تأكيد اهتماما أكبر واحتفالا يليق بقيمته ودوره وحجم ابداعاته بمناسبة مرور مائة عام علي ميلاده.. ولكن للظروف الاجتماعية التي يعانيها الجميع اقتصر الاحتفال علي بضع مقالات وفقرات في برامج اذاعية أو تليفزيونية وندوات أعدت علي عجل ومسرحية تسجيلية بأقل تكلفة ممكنة هي محفوظ كمان وكمان التي أعدها وأخرجها أسامة رؤوف.. وقدمها مسرح الشباب من انتاجه علي خشبة مسرح العرائس دون دعاية تذكر!. وإذا كان مسرح الشباب مشكورا يتصدي لتكريم أديب مصر الكبير فمن حقنا أن نسأل أين دور من هم أحق بتكريمه؟!! ولماذا لا يعاد تقديم المسرحيات التي أعدت عن رواياته ضمن خطط الريبرتوار هذا العام؟! أو علي الأقل يقام أسبوع مسرحيات نجيب محفوظ مما كتبه من مسرحيات فصلية قصيرة ومما تم إعداده من روايات كبيرة مثل زقاق المدق وخان الخليلي والقاهرة80 وغيرها؟ هل يعقل أن تكون ميزانية العرض الذي يحتفل بنجيب محفوظ فقط أثنين وثلاثين ألف جنيه.. بينما تقدم عروض أقل قيمة لكتاب مسرح مبتدئين وتتكلف مئات الألوف؟! أسئلة كثيرة ربما تحتاج إلي ثورة في نمط التفكير حتي يعرف المسرح المصري أولوياته ويحترم رموزه وكبار مبدعيه. العرض يتناول بالتسجيل معلومات أدبية وانسانية عن حياة أستاذ الرواية العربية. ويمزج بين التمثيل لحياته وتمثيل بعض من مشاهد مهمة في أفلامه ويتحول الممثلون أنفسهم إلي رواة ثم إلي شخوص عاصروا نجيب محفوظ وأحيانا إلي شخوص تخيلها في أعماله الخالدة مثل السيد أحمد عبد الجواد الشهير بسي السيد وزوجته المطيعة المنكسرة أمينة وغيرهما من أبطال الثلاثية ويحاول المخرج أسامة رؤوف كسر رتابة الحكي في المناطق التسجيلية عن طريق الايهام بوجود مشاجرات وتنافس بين الممثلين علي تقديم المعلومات ولجوئهم إلي ألعاب ويكون للفائز فيها الحق في قول المعلومة ويحسب للمخرج دقته الشديدة في تحري المعلومات الخاصة بالأستاذ نجيب وعندما صححت له معلومة صغيرة بحكم تشرفي بالإقتراب من الأستاذ نجيب واجراء عدة حوارات معه أضاف التصحيح في اليوم التالي للعرض بحماس شديد وقد نجحت مها عبد الرحمن في عمل ديكور بسيط وقريب الشبه من ديكورات أفلام حسن الإمام الذي أخرج الثلاثية الشهيرة واستطاع مصمم الاستعراضات حسان صابر أن يوظف القدرات الحركية للممثلين ويمزج بينهم وبين فريق الرقص الاحترافي وإن كانت مساحة الرقص كبيرة نوعا ما في العرض وتطغي علي مساحة التمثيل دون مبرر.. تألق من فريق العمل الممثل الكوميدي الموهوب بيومي فؤاد واستطاع أن ينتزع الضحكات بإتقانه لدور المخرج الجاهل المسطح والمتعالي علي زملائه. كما نجح أيمن صبحي في الإقتراب من شخصية ياسين أكبر أولاد سي السيد وظهرت أيضا موهبته في الغناء والعزف علي العود, وشارك في العرض الممثل أحمد البنهاوي ومجموعة من الوجوه الجديدة الواعدة مودي ومصرية وبسمة ماهر ووفاء السيد وكان أبلغ ما في العرض رسالة نجيب محفوظ إلي لجنة الاحتفال بنوبل والتي يؤكد فيها علي تشرفه بالانتماء إلي الحضارة المصرية القديمة وأيضا الحضارة الإسلامية التي حملت أعظم القيم للبشرية.