يحتفل الشعب المصري يوم 25 يناير/كانون الثاني الجاري بمرور عام على اندلاع الثورة المصرية، في أجواء من الفرح والخوف.. الفرح بإنجاز أول انتخابات برلمانية اتسمت بأكبر قدر من النزاهة، والمشاركة الشعبية.. والخوف على الثورة من التحديات التي تواجهها. وبرغم كل المنغصات التي مروا بها.. يحق للمصريين أن يفرحوا بثورتهم، بعد أن أنجزت في عامها الأول ما لم تنجزه ثورة في العالم، مرت بمثل ظروفها الخاصة، والتحديات التي جابهتها، والمؤامرات التي تعرضت - وما زالت - لها. وبقلوب تمتلئ بالتفاؤل نترقب - نحن المصريين - خوض معركة الانتقال السلمي من عهد الثورة إلى بناء الدولة، عبر السير في إجراءات نقل السلطة التي تكتمل أواخر شهر يونيو/حزيران المقبل، مع انتخاب رئيس جديد للبلاد، واختيار جمعية تأسيسية لوضع الدستور. في المرحلة المقبلة تستهدف ثورة مصر إقامة البنية التحتية (السياسية والاقتصادية والاجتماعية) الجديدة للبلاد، متسلحة بالحذر من عودة الديكتاتورية تحت أي مسمى، ومستبصرة من أن الثورة أطاحت بمبارك وحزبه، لكن أمامها مهمة كبيرة في تفكيك نظامه الثعباني ظل يرتوى من أنهار الفساد، والاستبداد، بلا شبع. وفي هذا الصدد لدينا معركة كبيرة مع النظام البائد تتمثل في كشف تلابيبه، وشخوصه، وأدوارهم، وخفاياهم، ومحاسبة الفاسدين والقتلة، وردع الفاسدين وضعاف النفوس والخونة، وفي الوقت نفسه نحتاج إلى توحيد جبهتنا الداخلية، وتخليص البلاد من حالة الاستقطاب بين القوى الوطنية، وصولا إلى رؤية مشتركة لتحقيق مشروع النهضة. والأولوية الآن - كما قال المستشار طارق البشري - هي: "عودة الكفاءة الإدارية لأجهزة الدولة، وتحصينها ضد أمراض الاستبداد والشخصنة،? ?بالتوازي مع إعادة التعليم الحكومي إلي سابق عزه،? ?وتقوية منظمات الشعب وتكوين أحزاب ونقابات مستقلة وجمعيات واتحادات عمال وفلاحين تكون خارج سلطة جهاز الدولة حتي تستطيع أن تقف أمامه، وتمنع استبداده". ولأن الفترة الانتقالية وسيلة لا غاية؛ علينا الحذر من الزعم الكاذب بأن النظام الرئاسي هو الأنسب للشعب المصري في هذه المرحلة، استنادا إلى أن المصريين اعتادوا على وجود حاكم قوي يكلون إليه الأمور، سواء "مستبد عادل"، أو حتى "فرعون"، لأننا نحاول الانتقال من حكم الشخص إلى دولة المؤسسات. ولا شك أن أكبر ضمانة في هذا الصدد السير حثيثا في خطة نقل السلطة لهيئة ورئيس منتخبين، بمشاركة شعبية واسعة، لتتحقق صورة "مصر التى نستشرفها: رئيس مدنى منتخب يحكمنى، وبرلمان فعال يحمينى، وحكومة تخدمني"، بحسب تعبيرات الدكتور سيف الدين عبدالفتاح. التحدي الاقتصادي كبير أيضا أمام الثورة والثوار والنظام المصري الجديد، ويكفي أن نعلم أن حجم الصادرات الإسرائيلية إلى مصر سجل زيادة في عام 2011 بلغت نسبتها 40 ? مقارنة بعام 2010 (بمقدار نحو 200 مليون دولار)، حسبما أعلنت شعبة التجارة الخارجية في جمعية الصناعة الإسرائيلية.. أي أننا ما زلنا نستورد.. ومِمَن؟ من عدونا.. لتحقيق كفايتنا! والأمر هكذا؛ نحتاج إلى عمل كثير حتى نتجاوز مرحلة عدم اليقين، مما يقتضي يقظة دائمة من الثوار، وفعلا ثوريا لا يهدأ، أو ما سماه الدكتور محمد المهدي "الاحتفاظ باللياقة الثورية". [email protected]