باستطلاع بسيط, ودراسة أبسط, أستطيع أن أؤكد أن عناصر الحزب الوطني المنحل, وأعضاء جماعة الإخوان, المتوقع حلها, هما, حتي الآن, فرسا رهان علي أي انتخابات برلمانية مقبلة, لسبب أكثر بساطة, هو أن القوي السياسية, الموجودة علي الساحة, لم ترق حتي الآن إلي المستوي الذي يؤهلها إلي منافسة هؤلاء أو أولئك, وهو الأمر الذي يجب أن نضعه في الاعتبار من الآن فصاعدا, حتي لا نفاجأ, وحتي لا نشتاط غضبا, مع إعلان النتائج, ونلقي باتهامات التزوير جزافا, وخاصة أن قاموس التزوير في حياتنا يجب أن يصبح من الماضي. وإذا كان البعض يعول علي التزوير, لإسقاط هؤلاء وأولئك, أو يعول علي العزل والإقصاء لإخلاء الساحة, فأعتقد أنه تعويل في غير محله, وتصور واهم وقاصر لما يجب أن تكون عليه الدولة المصرية في المستقبل, لأننا بذلك نعود إلي الوراء, رغم فاتورة الدم والمال والانفلات, التي سددها المواطن, وقواته المسلحة, وأجهزة الأمن, علي مدي ما يقرب من ثلاثة أعوام. هذه هي الحقيقة المؤكدة.. التي قد يدركها البعض, ويغفل عنها الكثيرون في زحام وصخب وتعدد الأجندات المطروحة علي الساحة الآن, وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن عناصر الحزب الوطني هم إفراز طبيعي للعائلات والقبائل في القري والأقاليم بصفة عامة, التي اعتادت العمل من خلال الأنظمة الرسمية, أو من خلال الحزب الحاكم, أيا كانت توجهاته, بدءا من الاتحاد القومي, والاتحاد الاشتراكي, مرورا بالمنابر, ممثلة في حزب مصر, وانتهاء بالحزب الرسمي للدولة, ممثلا في الحزب الوطني. ونظرا لأن الدولة الرسمية تفتقد, حتي الآن, القيادة التي كان يمكن الالتفاف حولها من خلال حزب مماثل, فلا يوجد أمام هؤلاء إلا إعادة لم الشمل تحت أي مسمي, وإعادة الطرح من خلال أرضية شعبية كامنة, تتميز بخبرة عقود طويلة في هذا النوع من الانتخابات والاستفتاءات والتواصل مع الجماهير بصفة عامة. وبعيدا عن خطابة الميادين, وحنجورية الفضائيات, ومزايدات المتسلقين, يظل الوجود الإخواني في القري والأقاليم, بصفة عامة, فارضا نفسه, في غياب قوي سياسية حقيقية تبحث في معاناة الناس, وتعمل علي حل مشكلاتهم, وتشاركهم همومهم, وبذلك سوف نجد أنفسنا شئنا أم أبينا أمام مرحلة ما قبل25 يناير2011, ورحم الله الثوار, وكان الله في عون المصابين, ولك الله يا مصر. الأرقام أيها السادة.. تتحدث عن نحو90 حزبا علي الورق, موجودة في بر مصر الآن, والحقيقة تؤكد أن معظمها أحزاب وهمية عائلية بالدرجة الأولي, والكارثة أن معظم هذه الأحزاب لا أحد يلم بأسمائها, أو بالقائمين عليها, أو ببرامجها, أو متي خرجت إلي النور؟!.. والمأساة هي أن هذه الأحزاب قد أشهرت في غفلة من الزمن, دون حسيب أو رقيب, شأنها شأن فضائيات الشر, والرذيلة, والردح, وتصفية الحسابات, والطامة الكبري هي أنها لم تحاول استغلال ذلك الفراغ, الذي تركه الحزب الوطني, أو تلك الحالة التي يمر بها الإخوان, للتلاحم مع الناس, وخاصة من كانوا يتلقون إعانات, أو مواد تموينية, أو حتي دروس تقوية, إلا أنها وعلي الرغم من هذا الغياب تسعي جاهدة إلي الحصول علي' كوتة' في لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور, أو مجالس حقوق الإنسان, والصحافة, والمرأة... وغيرها, بل في التشكيل الحكومي, والوفود الرسمية, واللقاءات الرئاسية, ناهيك عن حصص الحج والعمرة, ولم لا؟, وبعضها يسعي للحصول علي تمويل أجنبي!. يجب أن نعترف بأنه علي الرغم من مساوئ أنظمة ما بعد ثورة1952; إلا أنها كانت تدرك واقع المجتمع الثقافي والتعليمي, فلم تزايد علي الديمقراطية بمثل هذا الكم من الأحزاب, ولم تحاول خداع المجتمع بمثل هذا الزيف من الحريات, ولم تحاول العبث بعقل المواطن بمثل هذا الانفلات السياسي, وعلي الرغم من أنها كانت في أفضل الحالات لا يزيد عددها علي أصابع اليد, فإنها كانت قاصرة وعبثية, بل طال معظمها الفساد, والصراع الداخلي, حتي أصبحت ألعوبة في أيدي أجهزة الأمن تارة, ولجنة شئون الأحزاب تارة أخري, وقد كان في مقدور الدولة, آنذاك, أن تفتح الباب علي مصراعيه لكل المتشدقين بالحرية والديمقراطية, لتضيف كيانات ورقية إلي الأخري, إلا أنه لم يكن منطقيا, وها نحن قد خرجنا عن المنطق والمألوف والمعقول, فكانت النتيجة ما نحن فيه الآن من صراع عقيم, لتحقيق أمجاد شخصية, حتي لو كان ذلك علي حساب الوطن, الذي لم يعد أبدا في الاعتبار, أو هكذا بدت الحقيقة. أعتقد أن.. المجتمع, بوضعه الحالي, ليس في حاجة إلي أحزاب كل مقوماتها أنها تقدمت ببرامج علي الورق تتضمن مصطلحات وعبارات رنانة, وإنما نحن الآن في حاجة إلي برامج تلتقي وحاجة الجماهير ومساعدتهم علي أرض الواقع, إن لم يكن بالمال, فبالجهد, والرعاية, والتوجيه, والإرشاد, بدءا من فتح مقار لهذه الأحزاب في الأحياء الفقيرة, والمناطق العشوائية, وإعداد برامج عمل للمساعدة في تطوير هذه الأحياء, وتلك المناطق, ومساعدة سكانها في قضاء حاجاتهم, وتوصيل معاناتهم إلي المسئولين, ولتحمل علي عاتقها الدعوة إلي قضاء الخدمة العامة للخريجين بهذه الأحياء لمدة عام, وفتح باب التبرعات للمساعدة, وباب التطوع للعمل الخيري, من أطباء, ومدرسين, ومهنيين, ولنا أن نتصور ما يمكن أن تقدمه90 حزبا في هذا المضمار, إن هي أحسنت العمل, ولنا أن نتصور العائد علي المجتمع جراء هذا الجهد, كما لنا أن نتصور رد فعل الناخب حينذاك. ربما لا نجد أمامنا الآن سوي الأحزاب السياسية, التي يمكنها القيام بهذا الدور, في الوقت الذي اختفت فيه منظمات المجتمع المدني وجمعياته, بل رجال الأعمال, تماما عن ساحة العمل المجتمعي والخيري, حيث لم تحاول هذه أو تلك, أيضا, الوجود في المواقع التي انسحبت منها الأحزاب والحركات الإسلامية, بصفة عامة, وخاصة في المناطق العشوائية, التي سوف يبحث قاطنوها مستقبلا عن هذه الأحزاب والحركات, أملا في الحصول علي ما يقتاتون به من سلع ومواد غذائية, وهي الظاهرة التي كان لها فعل السحر في الماضي, وكانت تجد انتقادات حادة من الكسالي والمترهلين, الذين لم يبادروا إلي المنافسة, علي الرغم من أن هؤلاء الفقراء لهم حق في رقابنا جميعا, فهم كانوا ضحايا سنوات طويلة من الفساد, ونهب الثروات, وبالتالي كان أقل ما يمكن أن يحصلوا عليه هو زكاة مال هؤلاء المتربحين, إلا أنه قد بدا واضحا, أيضا, أن ثقافة زكاة المال قد توارت, هي الأخري, أمام الطمع والجشع والاستغلال. وليعلم الجميع.. فقراء وأغنياء, سياسيون وعامة, أننا علي أعتاب مرحلة من المعاناة الأمنية والاقتصادية, لا يعلم إلا الله وحده مداها, في ظل هذا الموقف السلبي لنخبة المجتمع السياسية والاقتصادية من جهة, وفي ظل إصرار البعض علي شل حركة العمل والإنتاج, واستمرار الانفلات الأمني, من جهة أخري, فغدا نحن علي موعد مع بدء عام دراسي جديد, وأيضا علي توعد بمظاهرات واعتصامات, قد تبلغ مداها خلال شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلين, فهناك من يتوعد في السادس من أكتوبر, في ذكري الانتصار العظيم, وهناك من يتوعد في الحادي عشر من الشهر نفسه, ذكري مرور مائة يوم علي عزل الرئيس السابق, وهناك محاكمات للرئيسين السابق والأسبق في الشهر نفسه, والشهر الذي يليه, وهناك مع أول نوفمبر نهاية عمل لجنة الدستور, ثم الاستفتاء عليه, وأيضا, في الوقت نفسه, هناك من لم يفطن إلي هذه الأوضاع, ويعد لها العدة بالنزول إلي الجماهير, والالتحام بهم, ومحاولة إنهاء مشكلاتهم, وحل قضاياهم! ولئلا يتصور أحد أننا نسير إلي المجهول, أو إلي طريق مسدود, فإننا سوف نظل نؤكد أن ثروة مصر البشرية, وما حباها الله به من ثروات طبيعية, كفيلة بالنهوض بها من هذه العثرة, إن أحسن استغلالها, إلا أن مشكلتنا الحقيقية تكمن, للأسف, في نخبتنا السياسية, التي لم تثبت حتي الآن أنها علي مستوي الحدث, وأيضا في النخبة الاقتصادية, التي آثرت الربح والتربح, دون مراعاة ظروف غالبية المجتمع, وهو الأمر الذي جعلنا نسير معظم الوقت علي حافة الهاوية, انتظارا لدعم من هنا, أو معونة من هناك, أو انتظارا لقرض أصبح حديث الأقوام من حولنا, متناسين, طوال الوقت, أننا نتحدث عن مصر, التي كانت سلة غذاء العالم يوما ما, والتي كانت مصدر التنوير والإشعاع الفكري والثقافي لأمم عديدة, وقد آن الأوان لتدارك الموقف. ولا يختلف أحد علي أن الحالة الأمنية في طريقها إلي التحسن, كما لا يختلف أحد أيضا علي أن الحكومة, بصفة عامة, أمامها الكثير من التحديات, إلا أن ما نأمله هو أن تكون هناك أولويات في هذه التحديات, بمعني أن إنشاء ملاعب الجولف, علي سبيل المثال, أمر لا محل له من الإعراب الآن, كما أن بدعة المستشارين بالوزارات والهيئات الحكومية يجب أن يوضع لها ولمكافآتهم المستفزة حل سريع, كما أن قضية ترشيد الإنفاق الحكومي يجب أن توضع في سلم الأولويات, وكذلك الرقابة علي الأسعار, ومواجهة الفساد, فسوف ننتظر الكثير من الحكومة, حتي لو كانت مؤقتة; وسوف ننتظر الكثير من وزيرة الإعلام للنهوض بهذا القطاع, الذي لا يبدو في الأفق ما يشير إلي أي أمل فيه, وسوف ننتظر الكثير من وزير التجارة والصناعة, الذي لا يبدو أنه يحرك ساكنا, وسوف ننتظر الكثير من وزير الأوقاف في هذا القطاع, الذي يتطلب ثورة إدارية ونوعية في العمل الدعوي; وسوف ننتظر الكثير من وزير التربية والتعليم في هذا القطاع الفاشل; ومن وزيرة الصحة في هذا القطاع المهترئ. مطلوب الآن.. تخطي المواد الخلافية في الدستور, بالوصول إلي توافق سريع, حتي لا نظل تحت سيف المزايدات الغربية, ومطلوب مصالحة مجتمعية جنبا إلي جنب مع الحلول الأمنية لمن يحاول العبث بأمن المجتمع, ومطلوب الإسراع بإنفاذ خريطة المستقبل, حتي يمكن الخروج من الحالة الراهنة داخليا وخارجيا, ومطلوب دور أكبر لرجال الأعمال في تخفيف الاحتقان الحاصل بالمجتمع من حيث البطالة, وارتفاع الأسعار, ومحاربة الفقر, ومطلوب من القوي السياسية أن تضع مصلحة الوطن فوق الاعتبارات الشخصية والأيديولوجية والحزبية, أما إذا استمرت الأوضاع في السير بالوتيرة الحالية نفسها, فسوف نظل نعيش وهم الثورة, دون ثورة حقيقية, وسوف نظل نتحدث عن المستقبل, دون أفق واضح, وسوف يظل الإرهاب يطل برأسه, ضاربا كل مقومات الحياة, وكفانا ما شهده قطاع السياحة فقط من انكسار سوف يحتاج إلي سنوات طويلة لإعادة تقويمه, وما شهده قطاع الاستثمار من إحجام سوف يحتاج إلي جهد كبير لإعادته إلي المسار الصحيح. هي إذن.. عملية مجتمعية بالدرجة الأولي, تتطلب من الجميع تحمل مسئولياته, الأخلاقية والتاريخية, وليكن ذلك بشفافية واضحة, من خلال تحديد لهذه المسئوليات, وهي بالدرجة الأولي, أيضا, مسئولية الدولة الرسمية, ممثلة في الحكومة, التي يجب ألا تألو جهدا في رفع المعاناة عن المواطن, الذي أصبح يئن طوال الوقت من كثرة الأزمات المحيطة به علي كل المستويات, وبالتأكيد فإن المجتمع زاخر بالكوادر والكفاءات المعطاءة في المجالات المختلفة, وقد آن الأوان للاستفادة منها, ومنحها حق الإجادة والإبداع, دون البحث في النيات, ودون استحواذ أيديولوجي, أو إقصاء طائفي, وحين ذلك فقط يمكن أن نضع أقدامنا علي أول الطريق, نحو مستقبل جاد, بخطي واثقة وثابتة, وهو الأمر الذي يجب أن يكون واضحا للداخل والخارج علي السواء, حتي يمكن أن نحترم أنفسنا, ونلقي احترام الآخرين, ونكتشف من بيننا من يحمل الراية باستحقاق وجدارة, ونخرج أيضا من حالة الوهم التي أصبحت مرضا شائعا الآن! العام الدراسي الجديد لا يختلف أحد علي أن لدينا نظاما تعليميا فاشلا وعقيما لم يعد يصلح للتعامل مع تطورات العصر, ليس الآن فقط, ولكن منذ أربعة عقود علي الأقل, ولا يختلف أحد علي أن هذا النظام الفاشل قد ألقي بظلاله علي كل مقومات الحياة من حولنا, حيث الجهل, والعنف,والمرض, والانحلال, والفساد, ولا يختلف أحد علي أن هذا النظام الفاشل قد حد كثيرا من الاعتماد علي العمالة المصرية في الخارج التي وجدت منافسة, بل تفوقا, من أقطار عديدة, كانت في غياهب الجب, وقت أن كانت لنا الريادة في هذا المجال. ومن هنا.. كان من الطبيعي, أو المحتم, أن تجد هذه القضية أولوية لدي صناع القرار لدينا من حكومات متعاقبة, وخبراء, لا حصر لهم, إلا أن العكس هو الذي حدث, فكان التمادي في الفشل, وكان الإخفاق تلو الآخر, بدءا من المناهج الدراسية التي عفا عليها الزمن, ومرورا بمحدودية قدرات القائمين علي العملية التعليمية بصفة عامة, والدروس الخصوصية, التي أرهقت البيت المصري أيما إرهاق, ثم انتهاء بالطالب, الذي لم يعد يجد مكانا بعد تخرجه في أي سوق عمل بالداخل أو الخارج, نظرا لضعف مستواه التعليمي والثقافي. ومع بدء العام الدراسي غدا, في مرحلة فاصلة من تاريخ البلاد, تتواتر الأنباء عن مأزق كتابة التاريخ لطلاب المراحل المختلفة, كدليل آخر علي التخبط والعبث, الذي تعيشه العملية التعليمية, وقد دار الخلاف من قبل حول كيفية التعامل مع الرئيس الأسبق, وهل كان بطلا من أبطال حرب أكتوبر, أم أن هناك من سيمتعضون؟!.. والآن خلاف آخر يدور حول الرئيس السابق, وهل حكم مصر لمدة عام, أم أنه يمكن القفز علي ذلك العام إلي الذي يليه خروجا من المأزق؟! وبالعودة إلي القضية الأساسية.. سوف نكتشف أننا كنا دائما وأبدا أمام أنظمة, أو حكومات, أو وزراء تعليم, يسيرون أعمالهم اليومية, دون أفق للمستقبل, أو دون الحرص علي وضع خريطة مستقبل للتعليم, وحتي إن حدث ذلك بشكل ما علي استحياء, فقد كان علي المتعاقبين إلغاء ذلك الجهد, وعدم الاعتراف به, والبدء من جديد, لنظل نعيش في دوامة إلغاء السنة السادسة في التعليم الابتدائي, أو عودتها, وضم المرحلة الإعدادية إلي الابتدائية أو التراجع عنها, ونظام عامين للثانوية العامة, أم عام واحد؟!... وهكذا يظل التلميذ هو الضحية, والأسرة المصرية تدفع الثمن, أما المجتمع فقد اعتاد هذه الفوضي, ولم يعد يعرها اهتماما, علي اعتبار أنه مغلوب علي أمره طوال الوقت. كم مرة, خلال العام الواحد, سمعنا مصطلح أو جملة' إصلاح العملية التعليمية'؟.. وكم مرة سمعنا جملة' محاربة الدروس الخصوصية'؟!.., وكم مرة سمعنا عن نظام جديد للتعليم, أو المناهج, أو إصلاح حال المعلم ماديا, دون أي حديث عن إصلاحه تربويا وتعليميا؟!.. وكم وزير' تعليم عالي', وتربية وتعليم, تعاقب علي هذا الشأن الأهم في حياتنا, أو الذي يجب أن يكون كذلك؟!.. وفي الوقت نفسه, كم كانت المحصلة النهائية لكل ذلك؟... بالتأكيد كانت المزيد من الفشل. الاستطلاعات.. تؤكد أن العملية التعليمية في مراحلها الأولي لدينا أصبحت تأتي في مؤخرة دول العالم من حيث الجودة والمقاييس العالمية, والاستطلاعات تشير إلي أن جامعاتنا, بجلالة قدرها, لم تأت أبدا بين أهم أو أفضل خمسمائة جامعة في العالم, وهي استطلاعات سنوية, كان يجب أن تفزعنا, وتجعلنا ننتفض خجلا, إلا أننا أيضا اعتدنا ذلك, وأصبح أمرا طبيعيا أن يرسب أطباؤنا في اختبارات تجريها السفارات, التي تعلن عن حاجة بلادها إليهم, وأن يخفق أعضاء هيئات التدريس في مقابلات شفهية, وأن يفشل مهندسون, وصحفيون, ورجال قانون في الاستمرار بالعمل في هذه البلدان. آن الأوان.. لأن نعترف بأن إصلاح التعليم, بكل جوانبه, هو بداية الطريق لإصلاح المجتمع, وآن الأوان لأن نبدأ هذه العملية من خلال منحها الأولوية بين كل قضايانا المطروحة, وآن الأوان لوضع تصور في هذا الشأن يكون ملزما لأي حكومات متعاقبة, ولنكن علي يقين من أن هذه القضية هي البداية لأي نهضة حقيقية ينشدها المجتمع, أما إذا استمر الوضع التعليمي علي حالته الراهنة, فمن الطبيعي أن تظل مصر أيضا علي وضعها الراهن! [email protected] لمزيد من مقالات عبد الناصر سلامة