فى عالم السياسة لا يوجد صديق دائم ولا عدو دائم بل هى المصالح الدائمة التى تحكم العلاقات بين الناس ،، وهو ما نلمسه بالفعل فى العلاقات التى تحكم القوى السياسية التى تسيطر على الشارع المصرى الآن ، فأعداء الأمس هم أصدقاء اليوم وهم القوة العظمى التى تحرك الناس ، والعجيب أن من كذبوا الكذبة صدقوها وتعاملوا معهاً وكأنها حقيقة ، فكيف نصدق تحالفاً يجمع بين اثنين أو أكثر بينما كانوا فى الأمس القريب يطعن كل منهم فى وطنية الأخر وكيف نصدق من كان بالأمس القريب أيضاً يهتف بأعلى صوته " يسقط يسقط حكم العسكر" ونفاجأ به بعد اقل من عام يهتف بنفس الحنجرة مطالبا بضرورة تدخل الجيش لحماية الثورة والثوار. تلك التحالفات "الواهية" القائمة على الكذب و"الضحك على الذقون" تذكرنى بقصة رجلين كانا يبيعان زيتا يحملانه على حمار ويتجولان به من مكان إلى آخر وعندما مات الحمار حزن صاحباه حزنا شديدا خوفاً من الخسارة الكبيرة التى ستترتب عن فقدانه، ولكن فجأه صاح أحدهما لصاحبه وطلب منه أن يكف عن البكاء حيث تفتق ذهنه عن فكرة ربما يجنيان من ورائها مكسبا كبيرا، وهى أن يقوما بدفن الحمار ويبنيا عليه قبة ويقولا الناس أنه مزار أحد الصالحين وينسجا حوله قصصاً وأخبار ملفقة تجسد فضائله وكراماته فيأتى اليهما الناس ويتباركون بالمقام فتنهال عليهما النذور والهدايا.. وبالفعل لم تمض بضعة ساعات حتى كانت جثة الحمار تحت "القبة" وبقدرة قادر أصبح بائعا الزيت من وجهاء البلد، من كثرة النذور التى انهالت عليهما من كل مكان. وذات يوم أخفى أحدهما عن الآخر مبلغاً من حصيلة تلك النذور مما جعله يشك فى ذمته وأخذ يعاتبه على ما فعله، فما كان من الخائن إلا الانكار وقال لصديقه وهو يشير للقبة" أقسم بكرامة هذا "الطاهر" فقاطعه صاحبه وحدق النظر فيه متسائلاً عن أى "كرامات" وأى "طاهر" يتحدث ووبخه قائلاً "ماحنا دافنينه سوا" ومنذ ذلك اليوم صارت القصة مثلاً يردده الناس للسخرية والاستهزاء بمن يكذب الكذبة ويصدقها.