جولة جديدة لجون كيري وزير الخارجية الأمريكية في القدس ورام الله, مع وعد بجولة لاحقة وزفة إعلامية وتصريحات من هنا وهناك عن حل الدولتين وطلب مواقف شجاعة من الطرفين لإحداث اختراق في عملية السلام ثم تحليلات وتسريبات من كل جانب عن الزيارة القادمة, والولاياتالمتحدة تعيد نفس الأسلوب بنفس المواقف ولم يتغير غير اسم المبعوث الأمريكي من جورج ميتشل الي جون كيري وتكاد تكون نفس المفردات التي كان يستخدمها ميتشل في تصريحاته الصحفية عقب الزيارة. وحتي عناوين الصحف الفلسطينية جاءت تعيد المفردات ذاتها التي كتبتها في جولات ميتشل يستأنف جون كيري, وزير خارجية الولاياتالمتحدة جولاته المكوكية بين اطراف الصراع العربي الاسرائيلي وخاصة علي المسار الفلسطيني بهدف إحداث نقلة في واقع الحال المتعثر في عملية السلام نتاج الاستعصاءات الاسرائيلية وصحيفة أخري تفتتح عددها بتأكد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ان محادثاته المكوكية مع الزعماء الاسرائيليين والفلسطينيين بشأن احياء المفاوضات المباشرة بين الجانبين كانت بناءة جدا. وخلال تصريحاته للصحفيين بعد يومين من المحادثات في اسرائيل والاراضي الفلسطينية, حث كيري الجانبين علي الامتناع عن اتخاذ اي تصرفات استفزازية تعيدنا الي الوراء, وقال انهما يجب ان يركزا بدلا من ذلك علي التقدم نحو محادثات السلام.. بنفس المفردات التي كانت تتصدر الصحف أيام جولات جورج ميتشل. وفي الجانب الإسرائيلي كتبت معاريف أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حاول خلال اجتماعه برئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو في القدس الاستيضاح عما إذا كانت إسرائيل مستعدة لتجميد البناء في المستوطنات بشكل كامل. وأضافت الصحيفة نقلا عن مصدر دبلوماسي عربي: أن الوزير كيري أبلغ بأنه سيعرض هذه الفكرة علي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للتأكد مما إذا كان تجميد البناء في المستوطنات خطوة كافية لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل أم لا, وقال مسئول إسرائيلي كبير للصحيفة: إن نيتانياهو سيواجه صعوبات في الموافقة علي تجميد البناء في المستوطنات وذلك بسبب تركيبة الائتلاف الحكومي. يشار إلي أن الوزير كيري لم يطرح علي إسرائيل حتي الآن المطالبة بتجميد البناء في المستوطنات رسميا, وبالطبع السلطة ترفض إستئناف المفاوضات ما لم يتم وقف الإستيطان, وتتحدث السلطة عن عدالة المطلب والأصرار عليه ويتحدث نيتانياهو عن موقفه أمام الجمهور الإسرائيلي فهو لا يستطع إتخاذ القرار وهذا ما واجهه ميتشل في الجولة الثالثة. وتفوح رائحة التشابه في كل التفاصيل عندما أعلنت حكومة نيتانياهو رسميا عن تشريع اربع بؤر استيطانية عشية زيارة الوزير الأمريكي بالاضافة الي مواصلة عمليات البناء في المستوطنات الاسرائيلية, والاعتقال والهدم وتصعيد عمليات القتل للفلسطينيين مما أثار غضب السيد كيري, ودفعه لاستيضاح الامر من السفير الاسرائيلي في واشنطن عن دلالات السياسات الاسرائيلية. ونفس المقدمات للزيارة من صحيفة نيويورك تايمز الامريكية باللاءات الإسرائيلية المعهودة.. لا للانسحاب من القدسالشرقية, ولا للانسحاب من الاغوار الفلسطينية, ولا لعودة اللاجئين لديارهم المحتلة عام1948 ولا لوقف الاستيطان والتي أكدها هذة المرة وزير المالية الاسرائيلي, يئير لبيد في مقابلة مع الصحيفة قبل وصول كيري بساعات, مؤكدا علي ضرورة اعتراف السلطة بيهودية الدولة. وبالتدريج سنصل الي ما وصل اليه ميتشل من منطق المماطلة الإسرائيلية والتسويف والتضليل, من جهة تقول نعم لخيار الدولتين, ومن جهة أخري, تقول لاءاتها المذكورة.. فحكومة نيتانياهو التي تمثل أقصي اليمين الاسرائيلي تلعب مع الولاياتالمتحدة واقطاب الرباعية الدولية لعبة الرهان علي الوقت, لانها ليست مستعدة لخيار التسوية. ولا تريد ان تدفع استحقاقات السلام, وتسمع بآذن من طين أخري من عجين, لأن القيادة الاسرائيلية لا تريد ان تسمع, ولا ان تري سوي خيار تبديد عملية السلام, والتخندق في الاستيطان والتهويد ومصادرة الاراضي. ولكن الجديد هذه المرة ولم يتداول ايام جولات ميتشل ما نشرته صحيفة هآرتس بأن الإدارة الأمريكية قررت تعيين الجنرال جون الن في منصب المبعوث الخاص للشئون الأمنية في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين. وإذا كان الأمر كذلك فهل تستطيع القيادة الفلسطينية أن تطلب من جون كيري تحديد جدول زمني نهائي لتحركه وبعدها تكون القيادة الفلسطينية في حل من أي التزام بعدم التوجه للمنظمات الدولية والانضمام اليها, وخاصة لمحكمة الجنايات الدولية, وبانها لم تعد تحتمل سياسة الانتظار المجانية, التي تتيح لإسرائيل فرض الواقع علي الأرض, وحتي لا تتكرر تجربة ميتشل ونعود من جديد الي المربع الأول مع مبعوث جديد لا سيما ان إسرائيل لم تعلن حتي اللحظة عن اي خطوة ولو صغيرة تشير الي رغبتها في تحرك عملية السلام.