أعتقد أن قضية العدالة الاجتماعية ومفهومها الصحيح في ظل اتساع مساحة التفاوت الاجتماعي قد أصبحت قضية ملحة وتحتاج إلي حوار واسع ومتصل يستوعب كل الأفكار من ناحية ويراعي حقائق ومعطيات الواقع الاجتماعي والاقتصادي لمصر من ناحية أخري. وبداية أقول:إن قضية البعد الاجتماعي ينبغي الابتعاد بها عن أي مزايدات من أرضية العقائد أو الشعارات التي تتجاوز القدرات والإمكانات الذاتية للوطن ودون إدراك بوعي أو بغير وعي لمخاطر الانزلاق في عبث غير مسئول قد يقترب من حد التورط في تغذية الأحقاد الطبقية بعد تعبئة الرأي العام للرهان علي حلول غير ممكنة! ومعني ذلك فإن تأمين قضية البعد الاجتماعي في ظل أوضاع العصر وقوانينه لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريق واحد ووحيد هو زيادة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي في السلع الأساسية كلما كان ذلك ممكنا ومتاحا من خلال وضع برنامج زمني يستهدف التوصل لمفهوم صحيح لمعني البعد الاجتماعي وكيفية تحقيقه بواسطة سياسات بديلة ترتكز في المقام الأول علي التنمية الاقتصادية الإنتاجية كمدخل أساسي لبلوغ هدف التنمية الاجتماعية الأوسع. إن علينا أن نعي جيدا أن مستوي معيشة أي شعب يتوقف في النهاية علي حجم الناتج القومي للوطن, وإنه كلما زاد الإنتاج القومي توافرت السلع في الأسواق وتوافرت فرص العمل للباحثين عنها وتحقق الانتعاش والرواج المطلوب الذي يضمن حماية البعد الاجتماعي بمنهج كريم هو منهج العطاء وليس منهج الإعالة بآليات المنح والعطايا! وهذا الذي أتحدث عنه يحتاج من حكومة الدكتور كمال الجنزوري فتح صفحة جديدة تستند إلي رؤية سياسية واقتصادية جديدة ترتكز إلي توافق وطني عام بأن هدف العمل والإنتاج ينبغي أن يسبق أي لافتات ترتفع في الشارع المصري هذه الأيام لأن الاحتياجات الضرورية للمواطنين من السلع والخدمات بسعر مناسب وتمكين المجتمع من استخدام أكبر قدر ممكن من الطاقة المتجددة من قوة العمل هي أفضل أسلحة الحماية لأي بنيان اجتماعي متماسك والمدخل الصحيح لاستعادة الأمن المفقود! وعلينا جميعا أن ندرك أن العدالة الاجتماعية ليست فقط رمانة الميزان في بنيان الوحدة الوطنية وإنما هي خط أحمر يخطيء من يتوهم القدرة علي تخطيه أو التعامي عن استحقاقاته التي تمثل مصلحة مشتركة للأغنياء قبل الفقراء. خير الكلام: سعادة المرء الحقيقية لا تكتمل إلا بإسعاد من حوله! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله