أولويات الأجندة المصرية(1) مع احترامي وتقديري لهذا الجدل السياسي الدائر في مصر هذه الأيام بشأن أولوية الانتخابات أم البدء بوضع دستور جديد باعتبار أنه نوع من الحوار الصحي الذي يعكس- وبصدق- جوهر الديمقراطية, إلا أنه لا ينبغي مهما كانت ضروراته أن يسبق اهتماما أساسيا وأصيلا وأعني به متطلبات الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي الذي تلح عليه معظم فئات الشعب. أن الاهتمام بالإصلاح السياسي والدستوري لا ينبغي أن يغفل حقيقة أساسية هي أن الفئة الكبيرة من المواطنين مهمومة في المقام الأول بشواغل جوهرية تتعلق بحل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية. بوضوح شديد أقول: إنه إذا كان هناك من يريد استثمار هذا الصخب السياسي كمدخل لمزايدات ومناورات حزبية لخدمة أهداف انتخابية وشيكة فإن هذا البعض يكون- في اعتقادي- قد عجز عن قياس النبض الصحيح للشارع المصري الذي خرج مؤيدا للثورة بهدف نيل حقوقه الاجتماعية والاقتصادية المشروعة. ولا شك في أن مثل هذا الجدل السياسي الواسع يمكن أن يجد صداه ومردوده من الاهتمام الجماهيري وأن يتجاوز حدوده الضيقة في قاعات الحوار المغلقة لو أن المهتمين بالمشاركة في هذا الحوار قد أعلنوا مبكرا اتفاقهم المسبق علي أن تكون هموم الناس ومشاكلهم الحقيقية هي مفردات وبنود حاكمة لتوجهاتهم السياسية في المرحلة المقبلة. والحقيقة أن إطلاق حرية إنشاء الأحزاب والحرص علي توفير أفضل السبل الكفيلة بإنجاحها, وعدم استبعاد أي فصيل سياسي أو حزبي يعني أن المجلس العسكري القائم علي إدارة شئون الدولة حريص كل الحرص علي أن يقدم الدليل تلو الدليل علي تمسكه بالديمقراطية, والرغبة في التعامل مع جميع القوي والفصائل السياسية من أرضية المواطنة! إن الرأي العام يتوق إلي أن يسمع آراء وأفكار عملية وواقعية ومحددة تتعلق بكيفية حل مشاكله الحياتية بشكل أكثر تبسيطا, وبما يخرج بها عن إطار الجدل العقائدي والفلسفات والتعميمات المطلقة في النظريات الدستورية والفقهية. إن الرأي العام يريد أن يستمع لأفكار واجتهادات ومبادرات تكفل تحقيق هدف المشاركة الشعبية في عملية صناعة القرار علي جميع المستويات حتي يمكن توفير القدرة مستقبلا علي مواجهة قضايا ومشكلات ملحة لم تعد تحتمل أي انتظار. وغدا نواصل الحديث
خير الكلام: الجدل لمجرد الجدل يعكس حجم القصور في التفكير! [email protected]