نقطة البداية(1) أعتقد أن نقطة البداية التي يمكن أن ننطلق منها لصياغة المستقبل الجديد والواعد لمصر تبدأ من سرعة بناء القدرة علي الخروج الآمن من المأزق الاقتصادي والاجتماعي الذي تباينت أسبابه وتعددت أنماطه قبل وبعد ثورة25 يناير. وهذه القدرة علي الخروج العاجل والآمن من المأزق الاقتصادي والاجتماعي مرتبطة ارتباطا وثيقا بمدي القدرة المجتمعية علي توفير ضرورات واستحقاقات المصالحة مع النفس و الذات داخل إطار الوحدة الوطنية بمفهومها الشامل. أريد أن أقول استنادا لدروس التاريخ أنه ليس هناك من خطر يهدد مسيرة أي وطن سوي ابتعاده عن منهج المصالحة مع النفس وإلقاء تبعة الصراعات الذاتية التي تمزقه والمخاطر التي تهدده علي قوي خارجية مع أن الأزمة في جوهرها أزمة صراعات مكتومة في الداخل... وهذه الصراعات المكتومة هي التي تعطل قدرة الرؤية السليمة للقضايا والأحداث وتدفع بمسارات العمل الوطني في اتجاهات مكلفة- وربما غير مجدية- من أجل استرضاء الغير والمصالحة مع الآخرين! ولعل من الضروري صحة الإدراك بأن المصالحة مع النفس ليست نوعا من الرومانسية السياسية كما يعتقد البعض وإنما هي قراءة موضوعية لدروس التاريخ وتجارب الأمم.. وكل هذه الدروس والتجارب تؤكد بما لا يدع مجالا لأي شك أن نقطة البداية الحقيقية لأي وطن يريد الانطلاق والتقدم ترتكز في الأساس علي قدرته في بلوغ مرحلة المصالحة مع النفس.. وهي مرحلة لا تتحقق بالإكراه وإنما تنشأ بالتراضي والاقتناع! أريد أن أقول بوضوح: إن الأوطان التي تتمكن من التصالح مع نفسها هي الأوطان التي تتوافر فيها كل ضمانات الحرية المسئولة وتحترم فيها حقوق الإنسان التي كفلتها الأديان والشرائع السماوية وينظر إلي آدمية الإنسان علي أنها من المقدسات التي لا يجوز الجور عليها... وأيضا فإن الأوطان التي تتمكن من التصالح مع نفسها هي الأوطان التي تتكافأ فيها الحقوق مع الواجبات ويسبق فيها الإحساس بالواجب والمسئولية والرغبة في العطاء والتضحية علي أي مطالب أو استحقاقات ذاتية أو فئوية في ظل شعور صادق بأن العائد المردود سوف يلقي بفضائله وخيراته علي الجميع دون استثناء. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: إذا جهلت فاسأل.. وإذا زللت فارجع! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله