الدولار يرتفع بعد بيانات حول معنويات المستهلكين الأمريكيين    الأسهم الأوروبية تغلق عند مستويات قياسية جديدة    شاهد أول فيديو.. «النقل» تستعرض المحطات الخمسة الجديدة للخط الثالث لمترو الأنفاق    وزيرة التعاون الدولي: الحكومة تتبنى إجراءات وتدابير محفزة للشركات الناشئة    العمالة المصرية على موعد للعمل في اليونان.. اعرف التفاصيل    فيديو.. القاهرة الإخبارية تبث مشاهد لإطلاق المقاومة 4 صواريخ تجاه تمركزات الاحتلال شرق رفح    ليلة دامية.. آخر التطورات الميدانية والعسكرية في رفح الفلسطينية    حماس: تعاملنا بكل مسؤولية وإيجابية لتسهيل الوصول لاتفاق يحقق وقف دائم لإطلاق النار    عضو التحالف الوطني: قافلة من 106 شاحنات تنتظر دخول معبر رفح (فيديو)    كلوب يعلق على رحيل نجم ليفربول إلى برشلونة    شريف يقود هجوم الخليج أمام الوحدة    بطولة العالم للإسكواش 2024.. يحيى النواسانى يتأهل للدور الثانى    خلافات أسرية.. حبس المتهم لشروعه في قتل زوجته طعنًا بالسكين في العمرانية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 بصيغة pdf وخطوات الحصول على أرقام الجلوس    مصرع فتاة خنقًا في ظروف غامضة ببني سويف    مصرع طالب سقط من القطار بسوهاج    رئيس جمهورية اليونان تزور مكتبة الإسكندرية (صور)    محمد رمضان يشارك بمهرجان موازين الموسيقي في المغرب    القومي لحقوق الإنسان يشارك في إطلاق دورة مهرجان إيزيس لمسرح المرأة    د.آمال عثمان تكتب: المتحف المصري الكبير الأحق بعرض «نفرتيتي» و«حجر رشيد» و«الزودياك»    شاهد| حسام موافي يوضح خطورة سقوط صمام القلب    خريطة قوافل حياة كريمة الطبية حتى 16 مايو.. الكشف والعلاج مجانا    12 عرضا تدل على الإصابة بأمراض الكلى    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    نقيب المهندسين: نستهدف تعزيز التعاون مع صندوق الإسكان الاجتماعي    أشرف صبحي يلتقي فرج عامر وأعضاء سموحة لتعزيز الاستقرار داخل النادي    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بعد زواجه من الإعلامية لينا طهطاوي.. معلومات لا تعرفها عن البلوجر محمد فرج    أسعار شقق جنة بمشروع بيت الوطن للمصريين في الخارج    اعرف قبل الحج.. حكم تغيير نية الإحرام من التمتع إلى القِرَان بعد دخول مكة    خطيب الجامع الأزهر: الحضارة الإسلامية حوربت من خلال تشكيك المسلمين في تراثهم العريق    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    الجيزاوي يتفقد مستشفى بنها الجامعي للاطمئنان على الخدمة الصحية    بالصور.. تشييع جثمان والدة يسرا اللوزي من مسجد عمر مكرم    للتخلص من دهون البطن.. تعرف ما ينبغي تناوله    نادال: ريال مدريد لم يهزم بايرن ميونخ بالحظ    "علم فلسطين في جامعة جورج واشنطن".. كيف دعم طلاب الغرب أهل غزة؟    السيطرة على حريق شقة سكنية بمنطقة الوراق    أوكرانيا: روسيا تشن هجوما بريا على خاركيف وإخلاء بلدات في المنطقة    وزارة البيئة تناقش مع بعثة البنك الدولي المواصفات الفنية للمركبات الكهربائية    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    مفتي الجمهورية: الفكر المتطرف من أكبر تحديات عملية بناء الوعي الرشيد    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    بدء جلسات اجتماع اللجنة الدائمة للقاء بطاركة الكنائس الشرقية الأرثوذكسية في الشرق الأوسط    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    مصرع وإصابة 4 أشخاص في اصطدام سيارة بكوبري في الغربية    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    زي الفل.. أحمد السقا يطمئن الجمهور على صحة الزعيم    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستقبل الثقافة في مصر
بين طه حسين وثورة يناير‏.. الديموقراطية هي الحل

أصدر الدكتور طه حسين كتابه مستقبل الثقافة في مصر في العام‏1938‏ أي بعد عامين من معاهدة‏1936‏ التي قدمت لمصر استقلالا ولو كان صوريا‏. ورأي العميد أن هذه اللحظة التاريخية لمصر تبدأ عهد جديدا. يقول العميد في كتابه: شعرت كما شعر غيري من المصريين,.. وكما شعر شباب المصريين خاصة وإن باعدت السن بينهم وبيني, بأن مصر تبدأ عهدا جديدا من حياتها.. وان اكتسبت فيه بعض الحقوق, فإن عليها أن تنهض بواجبات خطيرة وتبعات ثقال.. وكأن العميد يقرأ المشهد الآن ويلخص مانحن فيه بعد ثورة يناير. ولذلك لم يكن عنوان ندوتنا مستقبل الثقافة في مصر بين طه حسين وثورة يناير مجافيا للمنطق, فندوتنا تبحث في سؤال الهوية الثقافية للدولة المصرية كما فعل طه حسين, وتسأل عن دور التعليم كبوابة للمستقبل والديموقراطية كما فعل العميد
وربما لو استجابت السلطات في مصر منذ العشرينات من القرن الماضي لأسئلة طه حسين وناقشتها وطبقت ما هو صحيح منها لما احتجنا كل حين أن نعيد طرح التساؤل الحرج دائما عن هوية باتت ملتبسة بعد ثورة يناير, التي وحدتنا في الميدان, ثم تفرقنا بعدها في الشوارع فرادي وجماعات تتناحر باسم الهوية وعليها
من تقاليد ندواتنا أن نهديها إلي رمز من تاريخنا. واسمحوا لنا ألا نهدي الندوة إلي روح طه حسين,.. فلايهدي الشيء إلي صاحبه.. لكن في تاريخ طه حسين هناك رمز ينساه الكثيرون وهو المستشار محمد نور رئيس نيابة مصر في العشرينيات الذي أنقذ العميد في معركة كتاب في الشعر الجاهلي.. محمد نور عندما تصدي كرجل قانون لهذه المعركة لم ينس أنه رجل قانون ولكنه تذكر أنه يناقش كتابا و يحاكم فكرا.. فتسلح بما يتسلح به النقاد الكبار من وعي بجسامة الموقف الذي هو فيه, وقرأ الكتاب قرءاة عميقة وخلص إلي انتقادات حادة للدكتور طه حسين انحاز فيها نور بصراحة لدينه وللعلم وأنقذ طه حسين من معركة كادت تعصف بمفكر كبير في مستهل إبداعه ولذلك فاننا أهدي هذه الندوة الي روح المستشار محمد نور.
وحتي لايقال أن المصريين عادة يقدرون الموتي.. فإن بيننا الآن في هذه القاعة رمز كبير.. للنضال منذ..1968 وهذا النضال مارسه بشعره وجسده عندما قاد مع زملاء حركة الطلاب في1968 ثم قاد حركة الطلاب في1972 ثم تسبب شعره في إعتقاله ونفيه كما يليق بشاعر معارض ومناضل.. فاننا نهدي هذه الندوة أيضا للشاعر الكبير زين العابدين فؤاد.
علاقة مميزة
بدأت الندوة بكلمة للأستاذ عبد العظيم حماد أول رئيس لتحرير الأهرام بعد ثورة يناير.. قال فيها إن مثل هذه الندوات الجادة تساعد الأهرام علي أن استعادة دورها التنويري الذي يتجاوز مسألة الصحافة ونقل الخبر.
واضاف: ان علاقة طه حسين بالأهرام بدات سنة1921 حتي سنة1923- حيث كتب العميد بالأهرام خلال هذه الفترة34 مقالة. ثم انقطع طه حسين عن الكتابة في الأهرام لفترة طويلة قبل أن يعود إلي الجريدة كاتبا في العام1948 ويظل فيها إلي1953 ونلاحظ أن الفترتين اللتين كتب فيهما طه حسين بالأهرام كانتا من فترات الحراك السياسي الكبير في مصر(19231921) هي مرحلة ثانية من ثورة1919.. و(19531948) كما نعلم هي مرحلة الحراك الذي سبق ثورة23 يوليو لذلك غلب علي مقالاته الطابع السياسي.
* و طه حسين هو من أطلق علي الأهرام وصف ديوان الحياة المعاصرة.. وأحيا هذا التعبير في أذهان كل المصريين المؤرخ الراحل الكبير الدكتور يونان لبيب رزق عندما اتخذه عنوانا لباب ثابت يحكي تاريخ الأهرام وتاريخ مصر من خلال الأهرام.
فيما يتعلق بمستقبل الثقافة في مصر كما يتصوره طه حسين.. كان العميد يري أن مصر ليست منتمية للثقافات الشرقية بفضل موقعها الجغرافي, لكنها أقرب الي حضارة المتوسط وكان يدعو دائما إلي الأخذ بمناهج البحث والتفكير العلمي الأوروبي باعتبارها صانعة الحضارة.. ولم يكن هذا في رأيي تنكرا للعروبة أو للإسلام, بل أنه دائما_ كما هو مستقر في أذهان المستنيرين_ يري أن العقل الإسلامي منفتح للحوار والانتفاع بالأفكار الأخري وتطبيق المناهج الحديثة.. كما كان طه حسين من أشد الناس غيرة علي اللغة العربية
زين العابدين فؤاد: أشكر للأهرام هذا الإهداء وأتصور أنه أكبر كثيرا من حجمي المتواضع.. و القصيدة التي سأقولها تصورت أنها تقال هذه الأيام مع إنها مكتوبة منذ زمن بعيد, القصيدة هي قصائد مباشرة التي كتبت بسجن طرة يناير1975
1- نعلم الحجر
يصبح سهام للصيد رماح للحرب
يصبح شون للحب
بيوت, سقوف, حيطان
للنقش, والصور
تماثيل جسور, ورش
فصول, هرم, عمدان
وبوابات حصون
تفتح علي الدفا
في البرد, أو في الحر
نعلم الحجر
يتعلم الحجر
يرفض,يكون سجون
2- نعلم الأراضي البور,
تصير غيطان
نعلم الغيطان
تطرح غلال, ولوز, وبرتقان
تطرح, ورود عسل
شجر ورق
تطرح, كافور, وتوت و سيسبان
تتعلم الغيطان
تقف, حرس وديدبان
تحمي مداخل كنزها المختوم
من أي كف,ما اتغسلشي بالعرق
3- نعلم المطر
تتلم قطراته الضعيفة, جنب بعض
تفتت الحجر
تعلي راية الخضار
تفجر الأنهار
يبقي لها بيت, وأرض
تسقي الأراضي,
والعطاشي, لو يمدوا كفهم
تحمل مراكب الصيد, وأشواق السفر
نعلم المطر
يتعلم المطر
يعرف من الإنسان
ويعلم الإنسان
معني اتحاد الضعف, في ساعة الخطر
وإزاي بملايين النقط
ينفجر الطوفان
4- نعلم الصبيان, تحب
نعلم البنات, تخرج من الخفا
ترفع غرامها ع البيوت
رايات مهفهفة
نعلم الشبان
في عز عز البرد
يخلقوا الدفا
5- نعلم الحجر
نعلم الشجر
نعلم الصبيان
نعلم المطر
نعلم الحياة
نعلم البشر
نعلم الحياة
تتعلم الحياة
تعرف تكون لنا
د: نبيل علي: المعرفة هي المستقبل
بدأ الدكتور نبيل علي المحاضرة الأولي بالندوة معلنا أن المعرفة هي المستقبل وأن اللغة بوابة الهوية ومفتاح المعرفة
, ونبيل علي نال الدكتوراه في هندسة الطيران قبل ان يلتحق بالقوات المسلحة, ثم يخرج الي الحياة العملية مدشنا سفرا عربيا جديدا في مجال تكنولوجيا المعلومات, حيث أسهم في تأسيس أولي الشركات العربية في مجال الحوسبة, اي ان الرجل انتقل من هندسة الطيران ودقتها إلي حرية المفكر والمثقف والناقد.. وانتقل من الانضباط العسكري إلي مرونة المفكر الكبير فحمل معه كل شيء من رحلته من هندسة الطيران إلي هندسة اللغة..
دكتور نبيل علي:..
هناك تعريفات كثيرة للثقافة لكني أفضل تعريف وجدته مناسبا لعلاقة الثقافة بالمعرفة: هو ان الثقافة هي الشيء الذي يبقي بعد زوال كل شيء..
ونحن نتكلم عن الثقافة في فترة صاخبة جدا.. والمفهوم الإغريقي القائل بان الإنتظام تتبعه الفوضي او العكس لم يعد قائما, فمن الممكن ان تتزامن الفوضي مع الإنتظام.. وقد يولد النظام فوضي جديدة وهكذا كتب علي إنسان هذا العصر أن يحيا علي الحافة بين الإنتظام والفوضي
عندما جاء القرن العشرون مع نظرية النسبية وهايزنبرج وألقي ظلال الشك وعدم اليقين علي كل شيء, وتحولنا كما قال ايليا جروجين شاعر الديناميكا الحرارية: أننا نعيش عصر عدم اليقين, وأن قدرتنا تظهر في نجاحنا في استئناس عدم اليقين.. ولكن المشكلة عندنا أننا لا نزال نريد كل شيء بالإجماع, ونريده يقينيا وقاطعا إلي درجة نهائية, و هذا يتنافي مع كل الظواهر الإنسانية.لان وهم البساطة انتهي
في كتابي العقل العربي ومجتمع المعرفة حاولت ان أطرح مشكلة التعقيد بأبعادها الكثيرة, وكيف تحولت الفلسفة وقلبت وجهها.. فقد كنا نتفرع من الفلسفة إلي مجالات المعرفة المختلفة.. والآن اصحبت العلوم هي التي تنشئ الفلسفة.. لذلك اشعر بالخطر من وجود تيارات كثيرة في مجتمعنا تقف موقفا سلبيا من الفلسفة.. كنا نسخر ممن يعمل الفكر والعقل والفلسفة ونقول عنه ياسيدي ده بيتفلسف الان لم تعد الفلسفة ترفا نخبويا بل ضرورة
و لو لم نركز علي جوهر كلمة فلسفة ونشيع الاهتمام بها ستزوغ منا مشاهد العلم ولن نكون قادرين علي اقتفاء توجهات هذا العلم.. اي ان الفلسفة بوابة من بوابات المستقبل, لابد أن نأخذها بجدية, وعدم اهمامنا بالفلسفة بل يمتد الي عدم الاهتمام بقضية التعلم وهي اخطر ما في االفلسفة. ونحن لا ندرك خطورة التعلم ولن نستطيع ان نبني نسقا معرفيا لا يكون التعلم حجر الأساس فيه. ولن نبني نسقا تعليميا لا تكون اللغة حجر الأساس فيه, ولكننا للأسف ابتذلنا اللغة العربية ابتذالا شديدا..
والكلمة المحورية في مستقبل الثقافة هي التعلم والتعليم, وفي زمن اقتصاد الصناعة كان التعليم أحد الحاجات الأساسية, لأن التمركز كان حول الاقتصاد, ويلعب التعليم دورا في خدمة أهداف الصناعة, اما في مجتمع المعرفة فقد أصبح التعليم والتعلم المركز الذي يدور حوله وعلي اساسه نبني اقتصاد التربية واقتصاد الثقافة..
وشتان الفارق بين التعليم والتعلم.. التعلم هو جهد الذات وقدرتها علي المواجهة المباشرة مع مصادر المعرفة, وهذه عملية غريزية طبيعية تظهر في تعلم اللغة واكتساب الطفل للغة, ثم يصبح بعد ذلك التعليم بالمدارس وهو إما أن ينمي القدرة الذاتية او يقتل هذه الخاصية العظيمة خاصية التعلم الذاتي ويصبح الطفل رهنا للنظم التعليمية القاسية جدا حتي قيل: لم يفسدنا شيء قدر ماأفسدتنا المدراس.. وقال برنارد شو كلمته الشهيرة: كنت أضطر لقطع مسيرة تعلمي للذهاب إلي المدرسة.
. ونحن نخطيء خطأ بالغا عندما نتهاون في شان اللغة العربية متناسين انها المدخل الحقيقي لبناء مجتمع المعرفة وأي إهمال لهذه الحقيقة معناه أننا نقتل قدرتنا علي اللحاق بركب المعرفة.. وهذا التشرذم الموجود في المشهد التعليمي والانتشار الطفيلي لمدارس اللغات وابتذال اللغة العربية جريمة في حق مصر وعقبة فيب طريقنا نحومجتمع المعرفة.
وعندي فكرة يمكن ان تحول مصر إلي ثورة بعد10 سنين وهي ان تقوم المدارس بتدريس اللغة العربية واللغة الإنجليزية. معا في منهج واحد وهنا سنجعل التلميذ يتقن اللغتين معا, وينشأ من هذا النوع من التوحد الفكري.. وقد قدمت مشروعا علميا باستخدام احدث تقنيات تكنولوجيا المعرفة لتدريس اللغة العربية الي وزارة التربية والتعليم منذ خمس سنوات لم يلتفت اليه المسئولون..( مشروع معمل اللغة العربية الذي يقوم علي تدريس اللغة باستخدام احدث تقنيات الحاسوب سيكون محور حوار خاص مع الدكتور نبيل علي ننشره قريبا)
و المحور الأساسي في مجتمع ماقبل الصناعة كان العلاقة بين السياسة والعسكرية وصورتها.. الفرعون يستعرض الجيش امامه
... في المجتمع الصناعي كانت العلاقة بين السياسي والاقتصادي وهنا يبرز دور الشركة.. وعندما نأتي الي مجتمع المعرفة نري أن هناك قوي رمزية تبرز في العملية فماهي هذه القوي ؟ انها تظهر في التربية والإعلام والفنون والمعرفة والدين. وهنا نتوقف لنطرح بعض الرؤي حول الدين: هناك من يدعو إلي إخراج الدين من العملية الرمزية وهناك من يقول ان موقع الدين في العملية يجب ان يكون في المركز. و وبسبب هذا التباين في النظر إلي موقع الدين من عملية المعرفة والثقافة حدثت لدينا استقطابات حادة جدا.. و اكبر استقطاب عندنا في الفكر بين الديني والعلماني بينما مجتمع المعرفة يحدث اندماجا يقرب المسافات بين هذه الثنائيات.. ولذلك نري يورجن هابرماس: مفكر الحداثة الأكبر يطالب الآن بضرورة اعتبار الأبعاد الروحانية في المنظومة المعرفية.. بل ان هناك من يطالب بإعادة النظر في الدستور الأمريكي لأنه يفتقد إلي البعد الروحاني
وبعد المداخلة بدا نقاش الجمهور مع الدكتور نبيل علي
انور مغيث: في ظل سيطرة الحاسوب ماهو تصوركم للوسيط المعرفي في عملية بناء النسق, ؟
نبيل علي: كل مجال معرفي يختار الوسيط المثالي له, فقرءاة الرواية مثلا يناسبها ورق الكتاب الذي يذهب معك للشاطيء ولاشك ان القراءة علي الانترنت والأي باد تسهل الامر, واعرف ان الكتاب فيه ميزة خلق لعلاقة السيكولوجية المباشرة بينك وبين مصدر المعرفة,.. لكن هناك اشياء لايمكن أبدا أن نتعلمها من الكتاب, وهناك ظواهر دينامية ومتغيرات حادة جدا في مجال المعرفة, لم يعد الكتاب بشكله التقليدي قادرا علي نقلها ومنها ديناميات هذا الواقع وأبعاده المتعددة.. والمشكلة أننا نتوقف عند مرحة استيعاب المعلومات بشكل سريع ونستخدم الوجبات السريعة للمعرفة وهذا مكمن الخطورة في العملية التعليمية. ولكي نعلم الطفل لابد أن نؤسس لعقله منهجا يمهد له استيعاب المعرفة الجديدة.. و هذا التمهيد يتم عبراللغةوأن نغير مناهجنا.. بمبدأ اعط الطفل معلومات أقل ومفاهيم أكبر.. لأن وحدة المعرفة هي المفاهيم.. ولابد أن نركز علي هذه العملية و.. نستيطع أن نعطي الطفل نصا يقراه وندعه يستوعب المفاهيم المؤسسة لهذا النص بدلا من تقديمها كوجبة معلومات جاهزة.
العلمانية هي المستقبل
للدكتور أحمد برقاوي ضيف شرف هذه الندوة وأستاذ الفلسفة بجامعة دمشق دراسة مهمة عن طه حسين والحداثة يري فيها ان ما قدمه طه حسين هو تأسيس لمنهج الحداثة في العصر العربي الحديث لكنه في الندوة يقرر ان مشروع طه حسين تعرض للهزيمة ولديه لهذه النتيجة اسباب كثيرة ربما تجيب عن سؤالنا الرئيس حول الهوية
دكتور أحمد برقاوي:..
كان طه حسين يعتقد اعتقاد جازما بأن الحداثة ستنتصر في هذه المنطقة,وكان المفكر العقلاني والنقدي والديمقراطي يحلم بمصر الحداثة والعقلانية و الديمقراطية....
.. وأري ان الناصرية حققت انتصارا جزئيا لطه حسين, وليس انتصارا كليا فطه حسين أراد نشرالتعليم.. ونشر الثقافة والتعليم كان جوهر المشروع الناصري الذي كان يريد أن يجعل التاريخ متقدما خارج فكرة الديمقراطية. لكن العميد كان ديموقراطيا وهذا ما جعل المشروع الناصري بعيدا عنه, والمفارقة أن هزيمة المشروع الناصري لم تؤد إلي العودة إلي مشروع طه حسين, فلا اليسار استطاع أن يبني عالما جديدا.. ولا هزيمة اليسار أعادتنا إلي عالم ليبرالي جديد.. وهكذا مات طه حسين في تلك المرحلة من التاريخ. قبل ان يموت علي سبيل الحقيقة. فقد ماتت العقلانية والحداثة
ونعرف جميعا أن كل معارك طه حسين قامت علي أساس هذا العقل الجسور في اقتحام مالم يقتحمه أحد من قبل منذ كتابه عن الشعر الجاهلي حتي مستقبل الثقافة في مصر.
وفكرة الديمقراطية تعني العودة الي فكرة الحداثة, وللأسف فان مشروع الحداثة الذي بدأ منذ عصر النهضة مرورا بطه حسين انهزم وهزيمته كانت ردة إلي ماقبل الحداثة وهذه هي المفارقة الكبري الكواكبي يتحدث عن الاستبداد ويشير إلي حكم السلطانعبد الحميد ثم يأتي زمن يصبح الديكتاتور العربي أكثر استبدادا من عبد الحميد بما لايقاس.. و انهزم الإصلاحي محمد عبده الذي أعلن في كتابه الصغير العميق الإسلام بين العلم والمدنية مبدأ مهما للغاية هو مبدأ قلب السلطة الدينية.. ويعني الإتيان علي هذه السلطة من جذورها. وبعد الامام بسنوات ينهزم مشروعه امام حركة أصولية تستخدم الخنجر لطعن نجيب محفوظ. ولدينا تاريخ من الركود يمتد30 عاما تاريخ من اللاعقلانية المفزعة, فالفساد ظاهرة عقلانية لأنه موجود في كل الدنيا, لكن الفساد الذي حدث عندنا ظاهرة لاعقلانية بسبب نوعيته وتوحشه. والدولة نظام يستخدم القمع كأداة للسيطرة, لكن هذا القمع عندنا غير عقلاني
الركود التاريخي الذي يمر به البشر ظاهرة عقلانية لكن الركود العربي أيضا شيء غير عقلاني.. و نحن الآن نستعيد العقلانية مرة أخري وكأن أوانها الآن.. و التاريخ يتراكم عليه التراب ويصير تكنيس التاريخ امرا صعبا, والآن تكونت لدينا فئات اجتماعية أرادت أن تكنس التاريخ.. مثلما فعلت البرجوازية الأوروبية عندما كنست التاريخ بجسارة.
ولكن المشكلة أن تراكم التراب التاريخي عندنا يبدو أكبر من قدرة البشر علي تكنيسه.. وأعطيكم مثالا: طه حسين كان عقلانيا وعلمانيا وماكان لديه تصور للدولة إلا علي هذا النحومن ارتباط هذه القيم.. وتناقض العلم والدين عنده سببه تناقض رجال العلم والآخرين.. ولذلك أراد أن يقصي الدين عن الدولة. فهل تستطيع الثورات الراهنة أن تطرح العلمانية بوصفها معلما أساسيا للنظام السياسي أم لا ؟.. وما اشهده علي الساحة هو اختلاف حول استخدام كلمة العلمانية.. ويطرحون بدلا عنها مصطلح الدولة المدنية.. فماذا تعني الدولة المدنية ؟ انا اري انها مفهوم هجين مختلق لتجنب الحديث الصريح عن العلمانية و لتجنب الحديث عن رفض الدولة الدينية
... ويبدو الآن وكأن المعارك التي خاضها طه حسين في الثلاثينيات والأربعينات والخمسينيات ستعود الي الواجهة وتصبح معارك هذا العصر.. لكن الشرط التاريخي لهذه المعركة مختلف.. فقد كانت القوي السياسية في مرحلة العميد تطرح مشروعا عقلانيا وعلمانيا وديمقراطيا.. صحيح أن معركة في الشعر الجاهلي أبرزت قوة المعارضة الدينية لكن رجل القضاء الذي نهدي اليه ندوتنا حكم لصالح طه حسين.. الآن إلي أي حد يمكن ان ينتصر مايشبه طه حسين ؟
يبقي أيضا نقطة مهمة وهي واحدة من المعضلات التي لانعرف كيف سنحلها وهي ان العنصر الذي يجب أن يحسب حسابه دائما هو العنصر الخارجي أليس من الغرابة أنه منذ القرن التاسع عشر حتي الآن نعيش تدخلا يوميا من قبل الغرب وأمريكا ؟
تنتصر الثورة في مصر فتسارع أمريكا للتدخل لتجد لها موضع قدم في المسرح المصري الثوري. تنتصر الثورة في تونس فيبحث الأمريكان بسرعة عن موضع قدم لهم الليبيون سهلوا الامر و استدعوا الناتو. المفارقة أن حكامنا الاستبداديين خلقوا شرطا يتوسل فيه الجمهور خلاصا أي خلاص ولو علي حساب القيم الوطنية وهذه ليس تهمة للجمهور والان: كيف يمكن إنجاز استقلال ذاتي للمنطقة لتقود نفسها في الطريق الذي تشاء ؟انا اري ان انتصار الدولة الوطنية الديمقرطية قادر علي ذلك, واري أن تأسيس فكرة الدولة قادر علي تحقيق استقلالنا,
بوابة المستقبل
في الجلسة المخصصة لمحور الفلسفة قدم الدكتور انور مغيث استاذ الفلسفة السياسية بجامعة حلوان رؤية بناها علي اساس مشروع طه حسين الديموقراطي واكد فيها ان التعليم هو بوابة المستقبل والديموقراطية معا
دكتور أنور مغيث: بما أن كتاب مستقبل الثقافة في مصر كان أصلا تقريرا عن التعليم فسوف أهتم بموضوع التعليم بشكل عام ودوره في الثقافة.. و التعليم موجود في كل المجتمعات من أيام الفراعنة وسقراط كان معلما وأفلاطون كان معلما والفقهاء والفلاسفة في العصر الإسلامي كانوا معلمين ولكن عندما نتحدث عما يسمي بالتعليم الحديث فنحن نتحدث عن تعليم له مجموعة من الخصائص المحددة فهو يحتاج الي الأبنية التعليمية. والميزانية التي ترصدها الدولة وهناك ايضا المناهج التي تضعها الدولة والتعليم الحديث هو شهادات تمنحها الدولة و معاهد لإعداد المعلمين.. هذا التعليم يخص ظهور الدولة القومية في أوروبا أو هنا. ويعني أن الدولة تتحكم في العملية التعليمية.. بدأ هذا في مصر في عهد محمد علي اي في بداية دخول مصر للحداثة, لكن التعليم من بداياته حتي الآن لم يسر علي منوال واحد أو علي نمط واحد اذ ان فلسفة التعليم كانت تتغير.. في المرحلة الأولي كان الهدف من التعليم خدمة الجيش فقط, فالكليات والمدراس كانت داخل الجيش, والأطباء لعلاج الجنود, والمهندسون لدعم الحملات العسكرية وليس مهما وضع المجتمع او فائدة التعليم له الا أنه في اواخر القرن التاسع عشر انتقل التعليم من خدمة الجيش إلي بناء المواطن وكان المنظر الأساسي لهذ النقلة في التعيلم وهدفه هو أحمد لطفي السيد.. و له عبارة كتبها في الجريدة عام1908: خرجت مصر من العهد القديم مريضة ضعيفة الشخصية مسلوب إرادة أبنائها في إرادة الحكام, خرجت مريضة من كل وجه, وليس علاج لأمة مريضة إلا التربية والتعليم.. وهذا تصور لطفي السيد للامة المحرومة من التعليم و لو اعتبرناها أمة مريضة فلابد ان نري عراض المرض.. وهي: استبداد الحكام, وقهر المرأة, وعدم وعي الأفراد بحقوقهم... و الحل او العلاج لهذا المرض هو التربية والتعليم.. والمدرسة القومية لها وظيفتيان: الأولي هي نقل المعارف مثل نظريات إقليديس و.. قصائد المتنبي.. وأفكار ديكارت.. الثانية هي التنشئة الإجتماعية.. التي تجعل الطفل يتساءل عن سبب وجوده مع اطفال مختلفين عنه ثم يصبحون أصدقاءه ويعيش معاهم وتتخلق بينهم علاقات خارج مجال الأسرة وسيعرف بالتراكم ان ما يجمعه مع هؤلاء انهم جميعا مصريون ننتمي لهذا البلد ونتعلم في مدرستها وهذه هي الرسالة الأساسية للمدرسة.. فمن الممكن احضار مدرسين خصوصين في البيت.. وعن طريق الانترنت يمكن الحصول علي كل المعلومات المطلوبة في العملية التعاليمية.. لكن مالانسطيع أن نفعله في البيت او الانترنت هو التنشئة الاجتماعية والإيمان بالانتماء للوطن وهذا ما كان لطفي السيد يعول عليه في بناء المواطن الواعي بمصالحه الحريص علي المشاركة السياسية. وحينما جاء طه حسين تلميذ لطفي السيد- ارتفع بمهمة التعليم ودوره في الثقافة عن أيام استاذه لأن أيام لطفي السيد كانت هناك دولة تطالب بالاستقلال و لم تكن مستقلة منذ قرون ثم أصبحت هناك إمكانية لتحقيق هذه الامة بعد الاستقلال في عام1922 ومن هنا جاء كتاب طه حسين مستقبل الثقافة في مصرليحاول استشراف ملامح ثقافة أمة تبني نفسها. الأمة الدولة. و المؤسسات و طريقة الإدارة الإجتماعية بشكل عام
وموضوع الكتاب يتعلق بإصلاح التعليم, ولكنه يبدأ بمشكلة تبدو نظرية مجردة هو: هل يمكن تحقيق الحداثة بطريق مستقل عن الطريق الأوروبي أم لا ؟ ولحداثة واحدة.. وهي دولة المؤسسات والديمقراطية لكن كل مجتمع يصل إليها حسب سياقه الإجتماعي والإقتصادي
وهنا عندما يقول طه حسين: علينا أن نقبل مافي أوروبا بحلوه ومره ليس معني قوله أن ناخذ الامور السلبية ولكن ان نتحمل تبعات الاخذ بالاسلوب الاوروبي و فكرة الإنتماء المتوسطي لمصر ليست مسألة إنسلاخ عن الهوية ولكن كانت تأكيدا علي امرين هما: العقلانية والديمقراطية وكان طه حسين يري اننا جزء من هذا الفكر الحديث واننا قادرون علي أننا نستوعبه. وحينما نتبني العقلانية والديمقراطية لانخالف مايميز ثقافتنا لأن ثقافتنا من الأصل ثقافة متوسطية.و فكرة الإنتماء المتوسطي تعني كسر مايسمي بالعزلة النفسية بينا وبين المطالب الضرورية لبناء الدولة وء المجتمع الحديث, وهذا الإنحياز للديمقراطية والعقلانية موجود في كل كتب طه حسين. في كتاب قادة الفكر يقول: الذي يشهد تاريخ البشرية وينظر للمجتمعات وتطورها يري أنه كان هناك دائما إقتران بين الدين والإستبداد والفلسفة والديمقراطية فالحاكم المستبد يلجأ للدين أما الحكم الديمقراطي الذي يؤمن بالتغير والتعدد فانه يلجأ للفلسفة. وإقتران الدين بالإستبداد و الفلسفة بالديمقراطية بحسب رؤية طه حسين ليس طعنا في الدين لكنه طعن في توظيف الحكم المستبد للدين
و في كتاب مستقبل الثقافة يقول كثرة المصريين جاهلة فلابد أن تقوم الديمقراطية بتعليمهم علي النحو الملائم من الديمقراطية.. والديمقراطية هي التي ستعلم الفقراء والجاهلين او تضمن لهم حقهم في التعليم و المجتمع الذي كان طه حسين يحلم به ملامحه الاساسية هي: علمانية الدولة وعقلانية الحكم و ديمقراطية الإدراة الإجتماعية.
وبالتعليم تخلق الدولة للشعب شبابا صالحين لهم من وجهة نظر طه حسين خمس حاجات أولا: أن يعيش ثانيا: ان يتمتع بطيبات الحياة كما قال ديكارت نريد أن نقتحم أسرار المعرفة لنصير سادة الطبيعة وملاكها فالهدف من المعرفة ليس الحكمة كما كانت عند أرسطو وانما الهدف هو الاستفادة بمزيد من الرفاهية ثالثا: أن يفهم هذا الشباب معني الوطن, فليس الطالب فردا يتعلم ويشتغل فقط بل انه فرد يتعلم من اجل الوطن وهو مهموم به ويسعي إلي تقدمه رابعا: الايمان بفكرة العيش المشترك مع أقرانه في المجتمع والذين يبدون مغايرين له سواء كان ذكرا فيتعلم العيش المشترك مع الإناث و إذا كان مسلما سيتعلم العيش المشترك مع الأقباط خامسا: ان يدرك معني الإنسانية: فلا تعليم منفصل عن مسيرة الإنسانية وعما يدور في العالم من أحداث وهذا الإنتماء للإنسانية جزء لابد أن يكرسه التعليم وإلاسنخلق أفرادا معزولين يتصورون أنهم يصيغون بلدهم علي مزاجهم
هذا هو البرنامج الذي طرحه طه حسين للربط بين التعليم وإدارة الدولة للمجتمع.
لو انتقلنا الآن بعد ثورة25 يناير وحاولنا نزي ان كان هذا البرنامج لا يزال صالحا أم لا ؟ أولا سنري أنه ليس صالحا فقط بل أصبح ضروريا وأكثر إلحاحا وبات حلما فالتعليم الموجود ليس مجرد تعليم يعاني خللا أوقصورا بل هو تعليم يعمل عكس المطلوب منه تماما ففي المدرسة نعلم التلميذ التمييز بين الرجل والأنثي وبين المسلم والقبطي ونسأل الطاب عمن سيدخل الجنة و كل هذا يضرب فكرة العيش المشترك
و مع دخول رأس المال الخاص إلي التعليم سواء في المدارس أو الجامعات صار التركيز علي العلوم الطبيعية مثل الهندسة- والزراعة والكيمياء التي يمكن ان تقدم إختراعات واكتشافات نستطيع من خلالها أننا نخلق سلعة تحقق ربحا هنا اصبح وضع العلوم الانسانية مهددا.. و لو تخيلنا مدراس وجامعات مهتمة فقط بتدريس العلوم العلمية وأهملت العلوم الإنسانية ستتنج المدارس في الغرب حيوانا استهلاكيا وستنتج المدارس في الشرق إنسانا متعصبا.
والفيلسوف جاك دريدا كان يقول ان العلوم الإنسانية هي موقع للمقاومة مازال في يد الإنسان المعاصر لمواجهة سيطرة رأس مال السوق المحافظ
بدأت المناقشات بسؤال لابراهيم فاروق: حول المسألة التعليمية والمسألة المعرفية خارج الإطار المؤسسي والتقليدي وهذا جزء رئيسي من الحرب الدائرة بين جيلين.. ومايدور الآن في ظني علي مستوي الثورات العربية هو صراع بين طريقتي تفكير, وثقافتين مختلفتين.. بين جيل قديم وجيل جديد له تطلعات مختلفة وله أفكار مختلفة وله طرق مختلفة غير تقليدية في التعلم أو المعرفة او الحياة وماأود السؤال عنه: هل هناك فعلا فرصة لانتصار الجيل الجديد والطرق الحديثة في الفترة الزمنية التي نعيشها؟
زين العابدين فؤاد: أحيي الطريقة العبقرية التي تم بها تقديم طه حسين لاننا لو لخصنا طه حسين سنقول أنه الحداثي العلماني الديمقراطي و لو نظرنا الي كلام أنور مغيث سنجد مسألة شروط وأهداف التعليم الخمسة الغائبة عن كتير جدا من الناس امر بالغ الاهمية, ولدي تعقيب علي ما اثاره الدكتور بر قاوي حول مصطلح الدولة المدنية: هذا المشهد أهديه للدكتور برقاوي: كان معمل الثورة ومعمل الشعارات مفتوح لمدة18 يوما في ميدان التحرير كانت تطلع شعارت منها شعار مدنية.. هذا الشعار قيل في مواجهة مواجهة العسكر, والثورة طرحت في البداية شعار مسلم ومسيحي إيد واحدة بعدها تلخص في شعار مدنيةو كانت كلمة مدنية تعني: دولة مختلفة عما عشناه في عهد مبارك, دولة مساواة و قانون ينطبق علي الجميع وبعيدة تماما عن حكم العسكر.
في مشهد عبقري في ميدان التحرير كانت هناك مايسمي بالكتلة السوداء في وسط الميدان مجموعة من النساء المنتقبات وكن يرددن شعارات طول الوقت جاءهم شاب واراد توجيههن الي شعار الاخوان الإسلام هو الحل. فرددن عليه بحزم: مدنية مدنية في الوضع الحالي لو جاءهم هذا الرجل سيرددن الشعار الاخواني وراءه
د: برقاوي: العالم ليس قرية كونية واحدة فهناك تفاوت كبير في مستويات التطور التقني, صحيح أننا نستخدم التقنية لكننا لا ننتجها, و أخلاق التقنية نفسها لم تنقل بعد من المجتمع الذي أنتج التقنية إلي المجتمع الذي يستخدمها الغرب يتحدث عن موت الإنسان ونهاية التاريخ و نحن لم نوجد بعد الإنسان وبالتالي فان نقد الحداثة إنطلاقا من فلسفة مابعد الحداثة قد تنطبق علي حضارة قد فرت من تحقيق انتصارات هائلة للكائن الإنساني لكن في مجتمعاتنا مازال الكائن الإنساني يعيش في مرحلة ماقبل الحداثة وفيما يتعلق بفكرة الدولة الوطنية سنجد ان الدولة في معظم انحاء العالم فقدت بعضا من مهامها الأساسية لكنها لم تنته, اما في منطقتنا فالدولة لم تقم بعد حتي تنتهي وبالتالي نحن نحتاج إلي مرحلة الدولة لنحقق فكرة المواطنة.
والعلمانية تعني فصل الدين عن الدولة ومساواة الناس أي أن الدولة تساوي بين جميع الناس بمعزل عن إنتماءاتهم الدينية.
مامعني فصل الدين عن الدولة ؟ يعني أن هناك حرية في التدين و العلمانية لاتطلق الرصاص علي الدين بل تطلق الرصاص علي الدولة الدينية و تعطي حرية التدين للجميع.وانا لا تهمني امريكا كنموذج لانني اراها العدو المطلق لي كعربي مع اسرائيل وعداؤهما كبير للعرب ولمصر بشكل خاص لان مصر أخطر علي اسرائيل من اي قطر وقد وصفها بيرير مرة قائلا: مصر تؤلف اللحن والعرب عازفون و أمريكا واسرائيل لا تريدان لحنا مصريا او عروبيا
حربي: موقعة الجمل كانت صراعا بين جيل يؤمن بأفكار تقليدية ويؤمن بالعنف ويركب الجمل وهو رمز الصحراء و جيل الحاسوب والفيس بوك ؟
مغيث: فيما يتعلق بفكرة الصراع بين الفيس بوك وثقافة الجمل نلاحظ انه كان هناك نمط من التدهور الثقافي السريع للنظام الإستبدادي. فقد بدأ بالقمع بأنه قطع خطوط الإتصال التليفونات والانترنت وهذا شيء معقد بعض الشيء, بعد ذلك استخدم الطائرات لترويع المتظاهرين ثم استخدم العربات المدرعة لدهسهم ثم استخدم الجمل في نهاية المطاف يعني انه هبط من مستوي تكنولوجي معقد الي مستوي بدائي
والأستاذ إبراهيم قدم سؤالا مهما: هل هناك فرصة للانتصار ؟ نحن طبعا نقول بالديمقراطية ولكن الخبراء يقولون انه لابد ان يكون لهذه الديمقراطية أساس اقتصادي فلن تنجح الديمقراطية في بلد إلا إذا وصل متوسط الدخل فيها إلي3 آلاف دولار لان الفقراء سيعطون اصواتهم بالانتخابات مقابل كيلوجرام من اللحم
وعندما يتساءل البعض هل هناك استحالة في الحفاظ علي الهوية الدينية وقيام دولة حديثة ؟ اقول انه ليست هناك إستحالة و طه حسين يقول في كتابه: ان الإسلام دين المعرفة والعلم والحرية.. وأن هذا الإسلام عامل مساعد في بناء الدولة الحديثة.. لم يقل أنه سيقف عائقا. لكن الإستحالة تحدث عندما يتم حكم الناس باسم الدين وصياغة السياسة باسم الدينوجون لوك مؤسس العلمانية قال انالعلمانية تحمي الدين من النفاق الاجتماعي وكان جون لوك فيلسوفا متدينا وكان يريد أن يحمي الدين من هذا النفاق وبالتالي لاتعارض علي الإطلاق بين الحفاظ علي الهوية الدينية للمجتمع وبناء الدولة الحديثة ولكن سيكون التعارض عندما أصدر قوانين وأقتل معارضة وأمنع ناس من الحديث وأقول هذا ماأمرني به الله


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.