في قاعة يوسف إدريس بمسرح السلام شاهدت لك هذا الاسبوع مسرحية درب عسكر التي كتبها الراحل د. محسن مصليحي وأخرجها الشاب محمود الزيات في أو لعمل أشاهده له. ودرب عسكر.. أسم لحي شعبي, ومن هذا الجو الشعبي يقدم لنا العرض تأريخا للمسرح المصري الذي بدأ بالارتجال والمخبطاتية والعرائس .وهنا في هذا العرض التركيز ربما يكون علي الارتجال الذي يقدمه أو يبدعه الفنان الممثل من خلال الفرق التي كانت تجوب البلاد لإسعاد المتفرج المتلقي. أيضا يقدم النص أو العرض تأريخا للمسرح المصري حتي وصل إلي شكله الحالي ومن قبل ما طرأ عليه من تغييرات ليعقوب صنوع والانتهاء بالمسرح التجريبي الذي يعتمد علي حركة الممثل التي تقول بدلا من الكلام وأحيانا يكون هذا مع ذاك حسب العرض. المهم أن المسرحية تقدم لنا تاريخ مسرحنا من خلال قدرات أجدها مبدعة من الممثلين والممثلات بالطبع الشابات خاصة والمسرح المتجول في بداياته كان لابد من الاعتماد علي الشباب وايضا ربما من اجل التحرك بهم الي الاقاليم باعتبار اسم الفرقة الجديدة أو التي تم إحياؤها وهي فرقة المسرح المتجول. وهذه الفرقة كانت تقدم عروضها في قاعة صغيرة ايضا بجوار مسرح الموسيقي العربية في شارع الجلاء عندما انشأها الراحل عبد الغفار عودة. النص الذي نحن بصدده كان قد قدم من قبل وهنا ربما إحياء لهذا النص من خلال اخراج جديد لمحمود الزيات. المسرحية تقدم لنا أو للمتفرج المتلقي عددا من المواهب التمثيلية المتميزة التي استطاعت من خلال أدائها خاصة ان كل ممثل او ممثلة يقدم اكثر من شخصية لنقضي ساعة هي مدة عرض العمل في مشاهدة مختلفة لفن الأداء التمثيلي. اعتمد المخرج علي ديكور جيد تحمل جدرانه معظم اكسسوارات الشخصيات المختلفة التي يؤديها الفنانون. ايضا الاضاءة كانت موظفة بصورة جيدة أما الملابس والاكسسوارات فكانت رائعة لا تقدم ولكن تضيف الي الشخصية المختلفة التي يؤديها الممثلون ما يقنع المتفرج بأنه أمام هذه الشخصية أو تلك فلدينا علي سبيل المثال شخصية المايسترو والعجوز والمعلم والمسرحي القديم يعقوب صنوع وعلي الكسار. ولدينا ايضا شخصية البهلوان والغازية والعجوز الشامية بما تحمله من تقوس في الظهر والعسكري ثم مدير المديرية باضافة الشنب للفنانة ثم راقصي المسرح التجريبي. شخصيات متعددة هذه مجرد نماذج منها وهي تحتاج بالطبع الي جانب القدرات الأدائية تحتاج الي ملابس خاصة وهي التي اضافت بالفعل الكثير والكثير لهذا العرض. ولعل المخرج اعتمد علي هذه النماذج من الشخصيات والتي استطاع تحريكها بصورة جيدة ليقدم لنا العرض تحفة أدائية من الشباب. فماذا عن هذا الشباب الذي قام بهذه المهمة؟ لدينا حمدي عباس كبير الشبه بالفنان الراحل الضيف أحمد وايضا كبير الشبه بأدائه الكوميدي ولدينا ايضا الممثلة جيسي في سبع شخصيات ابدعت فيها لأكتشف فنانة مسرح في استطاعتها هضم اكثر من شخصية مختلفة لتقنع المشاهد بكل هذه الشخصيات. ايضا لدينا أحمد عبد الجواد الذي قام بدور البهلون والضابط الشاويش وغيرها اما الفنانة سحر منصور فقدمت شخصيات ذكورية وهي العمدة والرقيب إلي جانب الشخصيات الثانية ثم فتاة التجريبي. ولعل من المشاهد الكوميدية البديعة مشهد الملقن الذي قدمه أحمد الشناوي وهو ذلك الرجل الذي كان يجلس فيما يسمي بالكوشة ليقرأ جمل المسرحية حتي يتذكرها الفنان علي خشبة المسرح فيرددها.. هنا قدم أحمد الشناوي هذا المشهد وهو علي عكس المطلوب فبدلا من ان يذكر الفنان الجملة يقوم الفنان بأدائها ثم يرددها بعده الملقن!! ايضا لدينا العازف محمد شحاتة الذي قدم دور المريض والمؤرخ والمؤلف وايضا دور العازف. عرض يقدم لنا البسطاء في مواجهة السلطة.. البسطاء هم الفنانون والسلطة هي الرقابة التي كانت ترفض التصريح بأي عمل ارتجالي لا تملك له اوراقا بمعني نص مكتوب وهو ما يعرف بمسرحنا الحالي. هذه الفرقة الجديدة فرقة المسرح المتجول التي تم إسناد إدارتها الي عصام الشويخ كل ما نطلبه لها هو ان تكمل مشوارها من خلال اختيارات موفقة في ظل رئاسة عبد الحميد توفيق لهيئة المسرح.