بعد قبول الطعن على وضعه ب«قوائم الإرهاب».. هل يحق ل أبوتريكة العودة إلى القاهرة؟    وزير التعليم: حريصون على بذل الجهود لدعم التمكين الحقيقي للأشخاص ذوي القدرات الخاصة    وزير الصحة يشيد بدور التمريض في رعاية مصابي غزة    الحصاد الأسبوعي لوزارة التعاون الدولي.. مشاركات وفعاليات مكثفة (إنفوجراف)    اليوم ختام رايز أب 2024 بحضور رئيس الوزراء    «مستقبل وطن»: إدانة مصر للممارسات الإسرائيلية أمام المحكمة الدولية خطوة لحل القضية    حزب الله: استهدفنا تجمعا لجنود الاحتلال الإسرائيلي في ثكنة راميم بمسيرة هجومية    إجلاء آلاف الأشخاص من خاركيف وسط مخاوف من تطويق الجيش الروسي لها    إعلام عبري: تفكيك كابينت الحرب أقرب من أي وقت مضى    حزب الله يعلن استهداف تجمعا لجنود الاحتلال بثكنة راميم    عودة صابر وغياب الشناوي.. قائمة بيراميدز لمباراة الإسماعيلي في الدوري    «شكرا ماركو».. جماهير بوروسيا دورتموند تودع رويس في مباراته الأخيرة (فيديو)    نجم الترجي السابق ل «المصري اليوم»: إمام عاشور قادر على قلب الطاولة في أي وقت    بوروسيا دورتموند يتفوق على دارمشتات بثنائية في الشوط الأول    قرار مهم من محافظ المنوفية بعد تداول أسئلة مادة العربي للشهادة الإعدادية    هام لطلاب الثانوية العامة.. أجهزة إلكترونية ممنوع دخول لجان الامتحان بها    حبس المتهم بسرقة مبالغ مالية من داخل مسكن في الشيخ زايد    «القومي للمرأة» يشارك في افتتاح مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صابرين تؤكد ل«الوطن»: تزوجت المنتج اللبناني عامر الصباح منذ 6 شهور    حكم شراء صك الأضحية بالتقسيط.. علي جمعة يوضح    وزير الصحة: «الذكاء الاصطناعي» لا يمكن أن تقوم بدور الممرضة    جامعة طنطا تقدم الرعاية الطبية ل6 آلاف و616 حالة في 7 قوافل ل«حياة كريمة»    مصرع طفلة دهستها سيارة "لودر" في المرج    بعد الانخفاضات الأخيرة.. أسعار السيارات 2024 في مصر    «الحرية المصري»: مصر لن تتخلى عن مسئولياتها تجاه الشعب الفلسطيني    عاشور: دعم مستمر من القيادة السياسية لبنك المعرفة المصري    السفيرة سها جندي تترأس أول اجتماعات اللجنة العليا للهجرة    تعرف على تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي.. في العناية المركزة    مسؤولو التطوير المؤسسي بهيئة المجتمعات العمرانية يزورون مدينة العلمين الجديدة    وزير الرياضة يترأس لجنة مناقشة رسالة دكتوراه ب"آداب المنصورة"    محافظة القاهرة تنظم رحلة ل120 من ذوي القدرات الخاصة والطلبة المتفوقين لزيارة المناطق السياحية    فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحتل المرتبة الثالثة في شباك التذاكر    مصر تنافس على لقب بطولة CIB العالم للإسكواش ب3 لاعبين في المباراة النهائية    بعد الخلافات العديدة.. إشبيلية يعلن تجديد عقد نافاس    8 تعليمات مهمة من «النقل» لقائدي القطارات على خطوط السكة الحديد    «المصل واللقاح»: متحور كورونا الجديد سريع الانتشار ويجب اتباع الإجراءات الاحترازية    «الصحة»: وضع خطط عادلة لتوزيع المُكلفين الجدد من الهيئات التمريضية    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    محافظ المنيا: استقبال القمح مستمر.. وتوريد 238 ألف طن ل"التموين"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    وزير الري يلتقي سفير دولة بيرو لبحث تعزيز التعاون بين البلدين في مجال المياه    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    الفصائل الفلسطينية تعلن قتل 15 جنديا إسرائيليا فى حى التنور برفح جنوبى غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجوه في الذاكرة‏(22)‏
ياحبيبي إنك السبب‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 03 - 2010

سكناك في مطالع القصائد‏.‏ أنت هو التحولات والجذور والأعماق‏,‏ سكنت في التعاطف الخفي بين الحزن والأوراق‏,‏ بين الطير والسفر‏,‏ سكنت بين الصمت والنعاس والقمر‏,‏ شاهدت دمع صخرة لما تزل تبكي هناك في بيروت‏.‏ ووجعا في قلب سوسنة‏,‏ يقطفها الصبي في الحديقة‏!‏ ها أنت يامنصور‏,‏ ياضلع المثلث الكبير‏.‏ عاصي مضي فصرت كالأعمدة المكسورة‏.‏ وبعده رحلت أنت‏.‏ وبقيت فيروز‏:‏ المجد والظل الوريف والعطور والقيثارة الشجية‏,‏ صوت السماء حين تنحني لتلمس الجبل‏,‏ وصوت هذي الأرض حين تسمو كي تعانق السماء‏.‏ تضم حلم اثنين ذبا‏,‏ صارا واحدا‏,‏ لايعرف الواحد من أخيه‏,‏ كلاهما يبتدع الكلام والألحان‏,‏ يرتجل الأشواق والأفراح والأحزان‏,‏ كلاهما يسطع في نبوغه‏,‏ يضوع في معراجه‏,‏ في صيغة ماعاش مثلها الزمان‏.‏ من يبدأ اللحن ومن ينهيه؟ ومن يضخ موجة البداية المثيرة؟‏,‏ ومن يقول لفظة الختام؟
مثلث من نغم ونور‏.‏ من عبق طاغ ومن زهور‏.‏ وأنت يامنصور خدن زهر اللوز والدراق والمطر‏.‏ وصوت حزن الجبل الأشم‏,‏ وصوت ما خبأته في لعب الطفولة‏,‏ ينضح بالحزن وبالشجن‏.‏ وعندما يأوي إلي الفراش‏,‏ يحلم كالأبطال‏.‏ يحلم بالأب الذي يعود‏.‏ يعود حين تطلع الورود‏.‏
من صار جذع شجر يعود‏,‏ هاأنت طفل جالس أمام باب‏.‏ ترسم في التراب‏.‏ أشرعة تبحر فيها‏,‏ حالما بروعة الرحيل والغياب‏.‏ هذا كلامك الجميل يامنصور‏,‏ كأسك المسكرة الشراب للصحاب‏!‏
عبر ثلاثين سنة‏.‏ عاصي رفيق الرحلة الطويلة‏.‏ عاصي شقيق القلب والأفراح والأشواق والموال والأحزان‏,‏ رفيق درب البوح والكتمان‏,‏ والأوسمة الجميلة‏.‏ وصوت فيروز المحلق الأنقي‏,‏ يطير للبعيد‏,‏ وفي جناحيه كلام لكما‏,‏ يطفر من دهشته في نغم مباغت جديد‏.‏
كيف احتملت لحظة الفراق وانطفاءة النصف البديع فيكما؟
كيف استطعت أن تجرجر الخطي‏,‏ من بعد ماواريته التراب‏.‏ ودومت برودة التوحد المرير‏.‏ ساعتها وقفت كي تقول‏:‏ غاب الذي أنا اسمه الآخر‏,‏ وهو جزء مني‏.‏ يأخذ كل عاصي معه‏,‏ وبعض منصور‏!‏
وحينما قال لك البيت‏:‏ خذوني معكم‏,‏ أعطيته الدمع ورحت‏.‏
وصرت مصلوبا علي شطآن هذا العالم الحزين‏,‏ كل هذا العالم الذي مضي‏,‏ ماعاد مثلما كان‏,‏ ولن يعود‏.‏ سافرت في تهدج الأصوات‏,‏ في جنائز العويل والبكاء‏,‏ وفي صلاة البسطاء‏.‏ هاجرت في مياه النهر والبحار‏,‏ في الشواطئ المبتلة الرمال‏,‏ في منابت العشب‏,‏ وفي شموخ الأرز‏,‏ في غروب الشمس‏,‏ في أسئلة الأطفال‏,‏ في قصائد البوح الشجي‏,‏ في مدارج الصفاء‏,‏ وانطفاءة النجم البعيد‏,‏ في دوائر الأحزان‏.‏ وحينما عدت لنا‏,‏ صرت الغريب الآخر‏,‏ تحفر في الصخر ليولد النبت الكلام‏,‏ تنفخ في الناي لكي ترفرف الألحان في السفوح والوديان‏,‏ وتلتقي من حولها جدائل النسيم والطيور والرعيان‏.‏ تدوس فوق الشوك كي تواصل الذي أنجزتماه‏,‏ تحمل العبء الجليل‏,‏ شامخا كأنك الزمان‏,‏ والزمان كله مرتسم لديك في المرآة‏,‏ قابع هناك في الميزان
‏***‏
أعزف في نايك لحنا آخر‏:‏ وجهك مرتفع كالراية‏,‏ ينظر في وجه الآتي‏,‏ والآتي نغم منهمر‏,‏ وكلام يورق مخضرا‏,‏ أشجارا تورق فاكهة‏,‏ وربيعا يتوهج أحلاما‏,‏ وحكايا تلد كنوزا‏,‏ وفنونا شتي تملؤها حكمة‏,‏ سقراط‏,‏ وأشعار أبي الطيب‏,‏ ووصية حب من قلبك‏,‏ وبهاء القداس الماروني‏,‏ وبدائع أخري‏.‏
كنت تقول‏:‏ هكذا اليوم أنا‏.‏ أتوغل في العمر وحيدا‏,‏ حاملا اسمي معي‏.‏ ويدي تحمل مشعل عاصي‏!‏
مازالت كلماتك في سمعي حين حملت رسالة مصر لتكريمك‏:‏
كيف أكرم وحدي الآن‏,‏ وعاصي ليس معي؟ في مصر مذاق خاص يعرفه من يبدع لحنا أو كلمة‏.‏ هذا جمهور راق حساس‏.‏ يملك قلبا في أذنيه‏,‏ وتاريخا يركض في دمه‏,‏ ونزوعا نحو الأعلي والأسمي‏.‏
كنا في بيروت وكان يقول‏:‏ سأجئ إلي مصر قريبا‏,‏ أعرض في الأوبرا أحدث أعمالي‏.‏ لاتنس عزومة أسماك النيل‏.‏ أخلفت الوعد‏,‏ وغبت‏.‏ وظلت فيروز الأيقونة تشدو بكلامك أنت وعاصي عن مصر‏:‏
جئت يامصر‏,‏ وجاء معي
تعب إن الهوي تعب
قسما بالمبدعي سببا
ياحبيبي إنك السبب
في ليلة كأنها الحلم البهي في بيروت‏,‏ أتيح لي حضور إيلا مسرحية الأخ الأصغر إلياس‏:‏ مؤلفا ملحنا وفيلسوفا‏,‏ يعلن واثقا وفي انهمار فنه الرفيع أنه امتداد لكما‏:‏ عاصي ومنصور‏,‏ الآن لم تعودا اثنين‏,‏ صرتم ثلاثة العباقرة‏,‏ وانتصرت جينات رحبانية النبوغ والإبداع والخلود‏!‏
المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.