علي الرغم من ادعاءات وزارة الثقافة الدائمة بنقص الموارد وهو ما أدي إلي وقف مكافأة مولد النبي "ص" إلا أن ما يحدث من تصرفات مالية وتعيينات بالمخالفة للقانون يظهران الأمر عكس ذلك تماما، فالوزارة التي تعاني من نقص الموارد منحت عاملا متعاقدا راتبا يصل إلي 22 ألف جنيه عن ثلاثة أشهر ومنحته لقب خبير في نقل الأثار والمعلومات وهو"تصنيف عجيب" ، ومنحت مجموعة من مديرياً المتاحف رواتب تصل في مجملها إلي حوالي مائة وخمسين ألف جنيها شهري وعينت مؤخرا رئيسا لقطاع اسلامي بمبلغ يصل إلي حوالي 30 ألف جنيها شهريا، ويتجلي الكيل بمكيالين في مواقف الوزارة من آخرين معينين بالفعل بها حيث جمدت عملهم وتركت أماكنهم شاغرة وأوقفت حوافزهم دون أي اتهام . الدكتور ممدوح الدماطي كان صاحب القرار المعجزة بعودة أحمد محمد عطوة الذي استقال رسميا من الوزارة في اغسطس 2008 وعمل مع اليابانيين مقابل راتب يعادل عدة أضعاف راتبه من الوزارة، ثم فجأة قرر "عطوة" العودة إلي وزارة الآثار بعد ثمانية أعوام وبالتحديد في يوليو 2014 وقدم طلبا للعمل متعاقدا بالوزارة وفقا لاتفاقية موقعة بين المتحف الكبير وهيئة التعاون الدولي الياباني"الجايكا" ثم اعترض علي اليومية المقررة له ليصل راتبه في النهاية إلي 7 آلاف جنيه شهريا، بعد أن أصدر الوزير قرارا بتكليفه مديرا لشؤون الآثار والمعلومات بمشروع المتحف الكبيرعلما بأنه لا يمكن أن يطبق علي المتعاقد بأجر يومي نظام الحوافز والجهود غير العادية التي يتمتع بها المثبتون،كما أنه ينبغي إجراء إعلان رسمي عن خلو الدرجة الوظيفية متضمنا شروط شغلها علي ان يتقدم لشغل الدرجة من يريد شغلها من العاملين بالوزارة وفقا للقانون، وبدلا من ذلك تم منح عطوة راتبا يفوق راتب أي مدير في الوزارة ممن صبروا علي العمل بها وقبلوا برواتبها وتفوقوا في الأقدمية والشهادات الدراسية عن عطوة، وبنفس المنهج العجيب وباهمال تام لكوادر الوزارة من حملة شهادات الدكتوراه أو المؤهلين بخبرات لكنهم ليسوا من أهل الرضا السامي لسيادة الوزير، قام الدماطي بانتداب مجموعة من العاملين في الوظائف العليا من خارج الوزارة التي يبدو ان الوزير لا يعلم ان بها عاملين من حملة الدكتوراه وهو امر غير صحيح فإن الوزارة مطالبة بوضع خطة فورية لإعداد كوادر متخصصة من داخلها، بدلا من أن يقوم الوزير بانتداب خمسة أساتذة جامعيين في مناصب مدراء للمتاحف بإجمالي رواتب تعادل 420 في المائة من رواتبهم الأصلية في جامعاتهم، إضافة إلي تعيين رئيس قطاع اسلامي براتب حوالي 30 ألفا!.
الكارثة التي نتحدث عنها ليست فقط في إهدار المال العام وإنما في الإصرار علي التعامل بتعال واضح مع القوانين وتحطيمها وهو ما تجلي بوضوح في ازمة العاملين بالمتحف الكبير الذي تم الغاء لائحته التي يتقاضي العاملون بالمتحف رواتبهم وفقا لها منذ مايقرب من خمسة اعوام، وهي لائحة تفرق بين العاملين في الوزارة الواحدة وترفع رواتب العاملين بالمتحف الكبير كثيرا عن رواتب زملائهم بالوزارة، وهي رواتب صارت حقا مكتسبا للعاملين بالمتحف، كما يحدد قانون العمل الموحد مادة 36:الأجر وفقاً لعقد العمل او اتفاقية العمل الجماعي او لائحة المنشأة ، فإذا لم يحدد الأجر بأي من هذه الطرق استحق العامل أجر المثل إن أو وجد، ووفقا لذلك فإنه لا يمكن خفض أجور العاملين الذين تعاقدوا وفقا لتلك اللائحة، ومع ذلك فقد قام المشرف العام علي المتحف الكبير الدكتور طارق سيد توفيق بمطالبة المحتجين علي قرار الوزير باللجوء إلي القضاء، بينما هو شخصيا واحد ممن منحهم الوزير مخصصات لا تتفق مع القانون،ووفقا لمذكرة رفعها للوزير عمرو أبو نادي مدير عام الشئون القانونية بمشروع المتحف الكبير بشأن مخصصات توفيق فإن بيان مفردات المرتب الخاص بتوفيق كان يخلو من أي توقيعات تثبت صحته من عدمه ، ومع ذلك فقد وقع عليه الدماطي لصرف مرتب شهري له بقيمة 200٪ من إجمالي إستحقاقاته وهو ما أدي إلي رفض أبو نادي الصرف لأنه لا توجد بنود خاصة بالصرف تمنح المشرف العام علي مشروع المتحف الكبير هذا المبلغ الذي أمر الوزير بصرفه.
ولا يتوقف التخبط المالي والإداري داخل الوزارة عند حدود المنع والمنح وفقا للأهواء الشخصية بل وصل إلي حد إخلاء اماكن من العاملين بها و تجميد عمل بعض العاملين ووقف مستحقاتهم لأكثر من ثلاثة اشهر بالمخالفة ايضا للقانون، فتم نقل مدير ورشة سقارة من مكانة دون بديل وإخلاء ورشة القلعة من مديرتها المهندسة نيفين العوضي بتكليفها بالإشراف علي الورش المركزية دون ان يتضمن القرار بقاءها مشرفا علي القلعة وحتي في حالة اسناد القلعة لها فهي ستكون المرأة السوبر التي تشرف علي كل شيء من مكتبها في مبني قطاع المشروعات بلاظوغلي، وقد اعتذرت العوضي عن عملها في الورش المركزية دون ان يتم الرد علي اعتذارها بينما جمد المهندس أحمد سعد الذي كان يرأس الورش المركزية دون أي اتهام واضح وتم نقله للعمل بمشروع تطوير قناة السويس وتم وقف مستحقاته عن الحافز والجهد بما يعادل مايقرب من 80 بالمائة من راتبه الشهري وذلك منذ شهر أكتوبر الماضي، رغم عدم مرور المدة القانونية آنذاك "60 يوما" لتنفيذه النقل، ورغم مخالفة النقل للقانون لأنه خارج مربعه السكني، وفي منطقة عمليات عسكرية وخارج تخصصه، وهو ما أدي به إلي رفع دعوي امام القضاء المستعجل، مازالت تنتظر تحديد جلسة حتي الآن. ولا يقف التخبط الإداري عند حدود الإضرار بالعاملين فقط بل إلي حد الإضرار بسلامة المنشآت حيث قام الوزير بإلغاء إدارة شؤون المناطق التي ينبغي ان تضم مهندسين استشاريين وذلك وفقا لنص قرار هيكلة المجلس الأعلي للآثار الصادر من وزير الثقافة بناء علي قرار رئيس الجمهورية بإنشاء المجلس، وهي الإدارة التي ادعت مذكرة عرضت علي الوزير لإلغائها أن هناك إدارة أخري تقوم بدورها، وكنتيجة لذلك يقوم حاليا مقاول من خارج الوزارة بتدعيم البدروم في المتحف الكبير الذي لن يحتمل سقفه ما ينتظر مروره من معدات ضخمة ، حيث ستقوم لجنة هندسية من قطاع المشروعات بتسلم العمل دون وجود استشاري يقر بضرورة العمل من عدمه أو بالطريقة المثلي لتنفيذه، مع ملاحظة أن لجان قطاع المشروعات هي نفس اللجان التي تسلمت أعمال مقاولين مازالت محل تساؤلات وشبهات حتي يومنا هذا ومنها علي سبيل المثال ماتم تسلمه من اعمال في متحف قصر محمد علي بالمنيل.
بينما تتحول الوزارة رويدا رويدا إلي غابة لا يحكمها القانون تجري محاكم التفتيش علي قدم وساق، فيحال المرمم أحمد شهاب نائب رئيس جمعية رعاية حقوق الآثريين وحماية أثار مصر، إلي النيابة الإدارية بتهمة الاساءة إلي قيادات الوزارة علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" وذلك بسبب كتابته عن أن الوزارة لا تمتلك حدا أدني للرؤية في الإدارة وأن تصريحات المسئول أقوال وليست أفعالا، حيث أشار شهاب إلي انتداب أساتذة للجامعة بآلاف الجنيهات وعدم تشغيل الخريجين ونشر صورة للخريجين علي رصيف الوزارة، ونشر في بوست آخر عن لائحة المتحف الكبير وعدم وجود لائحة موحدة للأجور أو رعاية صحية آدمية. كما أحال المشرف علي المتحف الكبير عددا من العاملين بالمتحف إلي التحقيق بتهم التعدي علي الوزير وتجميع الناس وتمت إحالة "أحمد خيري" أخصائي ترميم, و"إيمان نبيل" للتحقيق وكليهما من العاملين بالمشروع, وذلك بتهم تحريض العاملين علي التظاهر والاعتراض علي إلغاء اللائحة المالية الخاصة بالعاملين فيه, وتهديد امن وسلامة المشروع وإثارة البلبلة والاضطرابات, والتعامل بشكل غير لائق مع قيادات المشروع وأهمهم المشرف العام "طارق سيد توفيق", وكذلك التحريض علي سياسات المشروع في 2012.