1 حين لم تعد القراريط المتبقية من الأرض تفي بحاجات البيت والعيال باع الرجل ذهب امرأته و سافر إلي بلاد الغربة ليحمل الحجارة و يبني في الصحاري مدنا باهتة .. 2 ظلت نجلا وحيدة بأطفال أربعة ترعاهن و ترعي الدجاج فوق سطح البيت .. نجلا عفية كفرس , طويلة كرمح , مشرقة كشمس , و لها جديلتان تبلغان خصرها .. ما إن سافر الرجل حتي بحلقت فيها عيون كانت من قبل لا ترفع في وجهها استحياء , و علي بابها المغلق كثر الطارقون .. جار يسأل عن أحوال العيال باهتمام مصطنع , وآخر عن أحوالها بتودد , و ثالث يفتح محفظته يعرض المساعدة , و في العيون كلها علامات تعرفها نجلا .. الجارات لم يعدن ينادين عليها حين تمر علي أبوابهن المفتوحة , و لم يعدن يرسلن إليها في طلب شوية ملح أو سكر .. أغلقت نجلا أزرار ثوبها العلوية فانحبك الثوب علي صدرها الثري .. لفت رأسها بطرحة سوداء فانفلتت منها جديلتاها كنهرين علي ظهرها .. لم تعد تفتح بابها إلا مواربة لكن الأيدي الطارقة كانت تزداد يوما بعد يوم .. 3 حين أنكرت أعز صديقاتها وجودها تهربا منها اشتد عليها الحال ذهبت حتي إنها بكت في طريق عودتها واحتقن وجهها بحمرة رائعة .. مسحت دموعها وظلت حمرة وجهها متألقة ..أسرعت في خطوها فاهتزت جديلتاها علي ظهرها .. شابان في الطريق تغزلا في الجديلتين وآخر علي الناصية .. حتي الشيخ الذي ناهز السبعين الخارج من الزاوية توا قال بصوت خفيض .. يا صلاة النبي .. بدا الطريق إلي البيت طويلا و كأن البيت رحل بعيدا هو الآخر كما رحل الرجل.. 4 في الليالي التالية كانت نجلا تخلو إلي نفسها بعد نوم العيال تفرد جدائلها أمام المرآة فتتبدي كعروس البحر تمشط شعرها ببطء ثم تضفره ثانية بعناية ترفع طرفي ضفيرتيها تضعهما علي شفتها العليا يبدوان كشارب ملكي مرفوع .. تستخدم طرفا واحدا كشارب خطي مقوس .. تظل أمام المرآة تشكل شوارب عدة ، العريض والغزير والنحيف والمعقوف والمتدلي .. صارت اللعبة هواية ليلية دائمة تلعبها أمام المرآة فتضحك لمناظرها الغريبة ضحكات حزينة .. بدأت تجرب ثياب زوجها وهي تغير شواربها .. كانت أضيق قليلا من ثيابها إلا أنها شعرت فيها براحة عجيبة .. يوما بعد يوم بدأ صدرها يطامن من شموخه .. خفتت زعقات الأنوثة في استدارات جسدها .. عقفت جديلتيها تحت الطرحة التي أحكمتها فأشبهت عمامة , و لم تنتبه لصوتها الذي جدت عليه خشونة طارئة , لكنها لاحظت أن بابها لم يعد مقصدا لأياد طارقة, و أن جاراتها عدن لزيارتها كما كن يفعلن من قبل ..