«ثقافة الشيوخ» تناقش اقتراح لإنشاء متحف شمع لعظيمات مصر.. والحكومة: تكلفته باهظة    تفاصيل اعلان وزارة الداخلية قبول دفعة جديدة بمعاهد معاوني الأمن.. فيديو    غدًا.. وزير العمل: طرح مشروع قانون العمل على "الحوار الاجتماعي"    "إعلام النواب" توافق على موازنة "الوطنية للصحافة"    رئيس الوزراء: مهتمون بمناقشة الرؤى والمقترحات لدفع قطاع السياحة    مصر تعتزم دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    معاريف: النظام المصرى طلب من مدير CIA الضغط لوقف اجتياح رفح والعودة للمفاوضات    أحمد أيوب: مصر بذلت جهود كبيرة الفترة الماضية للوصول لهدنة في ظل التعنت الإسرائيلي    رئيس لجنة الانضباط: "لا صحة لتقديم اللجنة لاستقالتها.. وعقدنا اليوم جلسة في مقر اتحاد الكرة لمناقشة عدد من الملفات والقضايا    التشكيل - كاسيميرو مستمر في دفاع مانشستر يونايتد.. وأرسنال بلا تغييرات للمباراة الرابعة    يوفنتوس بالقوة الضاربة في مواجهة يوفنتوس بالدوري الإيطالي    "جنايات قنا" تقضي بالمؤبد على سائق بتهمة قتل زوجته    جنايات شبرا تعاقب المتهم بقتل جاره بالقناطر الخيرية    وظائف في 50 شركة ومؤسسة.. انطلاق الملتقى التوظيفي الأول لجامعة طيبة التكنولوجية في الأقصر    «ثقافة الشيوخ» ترحب بمقترح إنشاء متحف لعظيمات مصر في العاصمة الإدارية    "أثر الأشباح" للمخرج جوناثان ميليت يفتتح أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي    بعد تصدرها التريند..تعرف على عدد زيجات لقاء سويدان    أمينة الفتوى: سيطرة الأم على ابنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    رئيس جامعة طنطا يتفقد أعمال تنفيذ مشروع مستشفى الطوارئ الجديد    اسكواش.. نتائج منافسات السيدات في الدور الثاني من بطولة العالم    فرحة في الكامب نو.. برشلونة يقترب من تجديد عقد نجمه    أستاذ علاقات دولية: أوروبا تدعم جهود مصر لحفظ السلام في المنطقة    قائد الجيش الأوكراني: الوضع في خاركيف تدهور بشكل كبير    موعد عيد الاضحى 2024 وكم يوم إجازة العيد؟    الدورى الإسبانى.. قاديش يعزز من فرص تواجده فى الليجا بالفوز على خيتافى    بالصور.. نجاة 14 راكبًا من الموت بعد سقوط "ميكروباص" في ترعة ببني سويف    الصحفيين تعلن فتح باب الحجز لعدد 75 وحدة سكنية فى مدينة السادس من أكتوبر    مستشهدًا بالعراق وأفغانستان.. سيناتور أمريكي لإسرائيل: قتل المدنيين يزيد دعم وقوة خصومنا    "العيد فرحة وأجمل فرحة".. موعد عيد الاضحى المبارك حسب معهد البحوث الفلكية 2024    الثلاثاء.. مناقشة رواية "يوم الملاجا" لأيمن شكري بحزب التجمع    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    «تعليم النواب»: موازنة التعليم العالي للسنة المالية الجديدة 2024/2025 شهدت طفرة كبيرة    لحماية صحتك.. احذر تناول البطاطس الخضراء وذات البراعم    الصحة: الجلطات عرض نادر للقاح أسترازينيكا    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بأفغانستان إلى 315 شخصًا    مظاهرات الجامعات توقظ ضمير العالم    مجلس الشيوخ يقف دقيقة حدادًا على النائب الراحل عبد الخالق عياد    في العالمي للتمريض، الصحة: زيادة بدل مخاطر المهن الطبية    المشاهد الأولى لنزوح جماعي من مخيم جباليا شمال غزة هربا من الاجتياح الإسرائيلي    هشام آمنة: 256 مليون جنيه لتطوير منظومة إدارة المخلفات بالمنوفية    البورصة تخسر 25 مليار جنيه في ختام تعاملات أول الأسبوع    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    بعد توجيهات الرئيس بتجديدها.. نقيب الأشراف: مساجد آل البيت أصبحت أكثر جذبا للزائرين    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل سائق توك توك وسرقته في الفيوم لعدم حضور الشهود    تأجيل محاكمة المتهم بقتل سيدة لسرقتها فى حدائق القبة لجلسة 26 مايو    إعلان خلو مقعد الراحل عبد الخالق عياد من الشيوخ وإخطار الوطنية للانتخابات    مجلس الجامعات الخاصة يكشف قرب الانتهاء من إنشاء 7 مستشفيات    في يومه العالمي.. هيئة الدواء توضح 3 توصيات من «الصحة العالمية» بشأن التمريض    البريميرليج يقترب من النهاية.. من يحسم اللقب؟    بايرن ميونخ يستهدف التعاقد مع مدرب "مفاجأة"    إيرادات مفاجئة لأحدث أفلام هنا الزاهد وهشام ماجد في السينما (بالتفاصيل والأرقام)    بنك ناصر يطرح منتج "فاتحة خير" لتمويل المشروعات المتناهية الصغر    «الداخلية»: ضبط 4 عاطلين بتهمة سرقة أحد المواقع في أسوان    أسيوط: إزالة 8 تعديات على أراضي زراعية ومخالفات بناء بمراكز أسيوط وصدفا وحي شرق    الإفتاء: توضح حكم سرقة التيار الكهربائي    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    التنظيم والإدارة يعلن عن وظائف بجامعة مطروح    الصحة: تطوير وتحديث طرق اكتشاف الربو وعلاجه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملتقي »النجف« .. عودة الروح إلي القصيدة العمودية
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 12 - 2011

"خلف كل باب هنا يقف شاعر" .. هذا بالضبط ما قالوه لنا ونحن بعد في الطريق الطويل من بغداد إلي النجف الأشرف، وهو ما رأيناه بأنفسنا حين لامست أقدامنا أديم النجف للمرة الأولي، هنا .. سيجد المرء نفسه علي حين غرة، ضائعًا في غلالة من النغم والضوء، من الإيجاد والفقدان، من البهجة الغامضة والحزن الشفيف، نعم .. أنت الآن في النجف الأشرف حيث الحزن ناموس المدينة العتيقة، وسرّها الباقي، وحيث السواد رايتها الأثيرة.
علي مدي أربعة أيام أضاء الشعر كما أراد له اتحاد الأدباء والكتاب بالنجف في الدورة الثانية لملتقي "عالم الشعر"، الذي انعقد في المدة من 25 حتي 28 نوفمبر المنصرم، بمشاركة ما يقرب من ثلاثمائة شاعر وناقد وباحث جاؤوا من أنحاء العراق ومن خارجه، امتلأت بهم قاعة المؤتمرات بمقر غرفة التجارة بالمدينة المقدسة عن آخرها علي مدي أيام الملتقي، وهو الأمر الذي جعل من هذا الملتقي خير تمهيد لإعلان مدينة النجف الأشرف عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2012.
وعلي الرغم من الفاجئة المحزنة التي ألمت بالملتقي في جلسته الافتتاحية عندما أسلم الشاعر الفلسطيني عبد العزيز جمعة الروح إثر أزمة قلبية مفاجئة، إلا أن الشعر كان كفيلا بتدارك الأمر، فسرعان ما مارس هوايته، كي يضيء حرًا ويبدد العتمة العابرة.
هكذا، استطاع ملتقي عالم الشعر تحت شعاره الطموح "الشعر يضيء حرًّا" الذي اختير له، أن يصنع حالة نادرة وغير مسبوقة من تجانس الفرقاء، حالة لم تعهدها حياتنا الأدبية في عالمنا العربي، تلك الحياة التي لم تعرف طوال الوقت سوي ثقافة التحزب والاستقطاب، وربما ما ساعد علي صناعة هذه الحالة الجديدة هو بروز فصيل من الشعراء الجدد الموهوبين بالعراق، مثل الشاعر فارس حرام وغيره من شعراء المدينة المقدسة، حيث استطاع هذا الفصيل أن يقدم نماذج شعرية رفيعة عبر أشكال الشعر المختلفة، من العمود الخليلي برصانته، حتي النص المشكل، أعني قصيدة النثر، فكان أشبه ما يكون بجسر جديد يصل ما بين دعاة الأصالة وحراسها من جهة، وبين والحداثة ومشاغبيها من جهة أخري، ليبدد الكثير من الريبة التي راكمتها شائعات نقدية لدي الطرفين، كان بها دائمًا من الوهم أضعاف ما بها من الحقيقة.
علي أننا يجب أن نعترف بأن المناخ العام للملتقي بدا ميالا للمحافظة بشكل واضح، هذا علي الرغم من الاجتهاد الواضح من بعض شعراء العمود الذين سمعناهم، في إحداث نوع من الخلخلة المحسوبة في بنية هذا العمود الراسخة، أو ضخ حساسية جديدة في شرايينه التي كانت قد انسدت، أو أوشكت علي الانسداد، علي نحو ما لمسناه من شعراء مقتدرين مثل عامر عاصي أو قاسم والي وغيرهما، وهذا الميل يمكننا تفهمه في بيئة ثقافية يهيمن عليها الموروث الديني والعقائدي، وفي بلد يري نفسه بل يراه الآخرون أيضًا، مهدًا للفصاحة العربية ومعقلا للغة، وهو في الأخير البلد الذي قدم للعربية اثنين من أهم شعرائها التاريخيين .. المتنبي والجواهري.
إلا أن وجهًا آخر للملتقي قد برز فجأة وعلي غير توقع في الأمسية الشعرية المسائية التي انعقدت في اليوم الثالث، عندما هيمنت عليها أصوات واعدة شابة قدمت حساسية مغايرة وجارحة، نحسب أنها أعادت الاتزان للمشهد الشعري العراقي الراهن، ووضعت الشعرية العراقية في مكانتها المستحقة كعضو فاعل
علي الدوام في الحداثة العربية، وكان من هذه الأصوات التي يصعب نسيانها الشعراء علي محمود خضير، وميثم الحربي، وعلي وجيه، ومروان عادل، وكريم جخيور، وزاهر موسي وغيرهم.
أمكن لهذا الملتقي أيضًا، أن يجتذب بعض شعراء العراق من الشتات الذي فرضته النكبات المتوالية علي هذا الشعب العظيم ونخبه، فبعد سنوات طويلة صار من الممكن أن تري وتسمع فوزي كريم، وزاهر الجيزاني، ومحمد مظلوم، وعبود الجابري وغيرهم معًا وفي مكان واحد، بعدما كان ذلك فيما مضي يعد ضربًا من خيال. وبالطبع، كان هذا إلي جانب الشعراء الذين أتوا من بلدان عربية وإسلامية مجاورة مثل الشاعر السوري ماهر شرف الدين، واللبنانية أمل طنانة، والإيرانية سودابه أميني، والبحريني حسين السماهيجي، والمصريين محمد آدم، وفارس خضر، وحسن شهاب الدين.
علي جانب آخر، كان علينا أن نعترف لأنفسنا قبل غيرنا، بأن الملتقي لم ينجح بالقدر الكافي -تحت كل هذه الأعباء الضخمة التي وضعها علي كاهله- في وضع محاور نقدية لامعة، فقد جاءت الجلستان النقديتان اليتيمتان باهتتين بعض الشيء، فالأبحاث المقدمة بدت إما تقليدية التناول بشكل لافت، أو ناتئة عن العنوان الرئيسي للجلسة، هذا باستثناء ورقة الباحث اللامع حيدر سعيد التي احتفظت برونقها لالتزامها بالقدر اللازم من التأصيل المعرفي، وعلي الرغم من ذلك، فقد كان تفاعل الحضور مع الأوراق كلها حيًا وساخنًا، حيث تلقت المنصة علي غير توقع، سيلا من الانتقادات الحادة نمّ عن وعي وانتباه بالغين.
إن ملتقي "عالم الشعر" في دورته الثانية تجربة حية ودافقة وفريدة بكل مقياس، وهو بالتأكيد رسالة بليغة تحمل معان تحتاج إليها ثقافتنا العربية والإسلامية في وضعها الحرج الراهن، كان أهمها بامتياز .. قبول الآخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.