إذا كنا نريد أن نستكشف مستقبل العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والدعوة السلفية فى الفترة المقبلة، فإنه لا غنى لنا عن الاطلاع على ما يدور لدى عدد من قادة الإخوان المسلمين، فى البداية استمعنا لرأى د. حسام أبوبكر عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين الذى أكد أن السلفيين فصيل إسلامى أصيل له تواجد فى الساحة المصرية، ونحن كجماعة حريصون على التوافق مع كل القوى السياسية والإسلامية بشتى توجهاتها وخاصة السلفيين. وأضاف أنه لا يتفق على وصف الانتخابات البرلمانية بأنها معركة يمكن أن يؤدى التنافس فيها إلى صراع، وقال إنه تنافس سياسى له معطياته ووسائله وأساليبه وتتغير بمستوياته خرائط التحالف قبل وبعد الانتخابات. وأشار إلى إن الإخوان حريصون على أن يكون التنافس على أسس وضوابط شرعية إسلامية، وبدايتها بحفظ اللسان والالتزام بها فى الدعاية للمرشحين، ولفت دكتور حسام إلى أنه يوجد تنسيق بين الإخوان والسلفيين الذى يصل لمراتب عالية فى كثير من الأحيان. وقال دكتور حسام: لا أعتقد أن تعددية الأحزاب الإسلامية أو المنافسة سوف تؤدى لتفتيت الأصوات، ولكنها سوف تعمل على تغيير حصص كل فريق فى المقاعد، وأتوقع أنها ستعمل على زيادة أصوات الإسلاميين. وتوقع حسام أن هذه التعددية والكثرة فى عدد الأحزاب باختلاف توجهاتها سوف تتوحد وتندمج، كما يحدث فى المجتمعات الديمقراطية بحيث تصل لحزبين أو 4 أحزاب على الأكثر فى السنوات القادمة، معللا ذلك بأن المرحلة الحالية جاءت بعد فترة من القمع للشعب المصرى والوقوف ضد ممارسته للعمل السياسى، ومن ثم يطمح الجميع الآن للمشاركة من أجل إحداث التطوير المنشود ولكل وجهة نظره واتجاهاته الفكرية. وطالب دكتور حسام أبوبكر الإعلام بضرورة أن يضبط مؤشراته طبقا للوضع الحالى الذى وصفه بأنه أفضل بكثير من الوضع أيام الرئيس المخلوع مبارك. ومن جهته، فإن الدكتور عمرو دراج عضو المكتب التنفيذى لحزب «الحرية والعدالة» أكد أنه يمكن الاتفاق على مساحات مشتركة بين الحزب والتيارات الإسلامية، ومنها السلفيون وأشار إلى أن مسالة الاندماج مع أحزاب أخرى غير واردة، لافتا إلى أن العلاقة بين الإخوان والسلفيين علاقة جيدة وقوية، مستنكرا ما يدعيه البعض من إمكانية حدوث تعارض أو عداء بين الطرفين فى حال المنافسة على مقاعد الترشيح لانتخابات البرلمان القادم، وقال الدعوة إلى الوحدة والتمسك بروح التعاليم الإسلامية تقتضى أن تكون المنافسة بشرف، خاصة أن المرجعية واحدة. وأشار دراج إلى أن إمكانية التحالف بين الحزب والتيار السلفى لم تتحدد بعد، مؤكدا أن التشاور وقنوات الاتصال مفتوحة بين الحزب وجميع التيارات الاسلامية قائلا لن تكتمل الصورة الحقيقية لإمكانية الدخول فى تحالفات من عدمه إلا بعد صدور قانون الانتخابات والذى سوف يتحدد على ضوئه الخريطة الانتخابية من تقسيم للدوائر وبعدها يتم التنسيق الفعلى بعد الوقوف على أسماء المرشحين وانتماءاتهم لعدم تفتيت الأصوات. وفى سياق متصل، اعتبر دكتور حمدى حسن القيادى الإخوانى أن الإخوان والسلفيين فى معسكر واحد وهو المعسكر الإسلامى الذى تتطابق فيه الأفكار وإن اختلفت الأساليب نحو تحقيق الهدف، ولفت إلى أن الفريقين يكملون بعضهم فى مواقف معين ويقفون ضد بعضهم فى مواقف أخرى، وهذا دليل على سعة الرؤية والمساحة التى يمكن أن تجمع بينهما كفريقين يستطيعون اللعب من خلالها. وأشار حمدى إلى أنه عندما كان هناك هجوم على الشريعة كان هناك توحد بينهم فى يوم «المليونية» فى ميدان جامعة القاهرة وقتها كان التطابق فى الحركة والفهم والتطبيق على أرض الواقع، وفى مواقف أخرى كان هناك تنافس بشكل كبير قبل انتخابات مجلس الشعب السابق فى عدد كبير من الدوائر، مؤكدا فى النهاية أنهم فريق واحد فريق المعسكر الإسلامى والعمل فى الشارع يجمع الفريقين سواء كان اتفاقا أو منافسة والعائد فى النهاية للمشروع الإسلامى وليس لأحد آخر. ولفت حمدى إلى أن حالة الانشقاق الحادثة الآن لحزب النور السلفى سبق أن مر بها الإخوان، ولكنها لم تؤثر عليهم ومن خرجوا هم من تأثر من جراء هذا الخروج، والنور يمر بنفس التجربة، ونأمل أن يكون هذا الانشقاق وبظهور حزب آخر إضافة. وأضاف حمدى أن الخطوط العريضة موجودة بين أطراف التيار الإسلامى السياسى وإن اختلفت الأساليب، ومثال على ذلك تعدد مذاهب الفقه الإسلامى بدون حدوث أى خلاف، أما عن مسألة تفتت الأصوات وإضعافها فهى غير واردة. وأشار حمدى إلى أنه لن يحدث أى عداء بين الأطراف نتيجة الانشقاق، والدليل على ذلك أن الانشقاق حدث بشكل راق، ولم يحدث أى تجريح بين الفريقين بآداب الحوار والتعامل موحدة كأساسيات فى العمل الإسلامى ويحمى كل الأطراف من الوقوع فى فخ التناحر. ولفت حمدى إلى إمكانية عمل لجنة تنسيقى لإدارة الحوار وحل أى مشاكل أو منازعات قد تطرأ بين أحد من الأطراف، وأوضح حمدى أن جميع الأحزاب بما فيها حزب الحرية والعدالة تسعى لإرضاء وتلبية احتياجات المواطنين الذين سيصوتون لهم. وفى نفس السياق، أكد الدكتور فريد إسماعيل عضو المكتب التنفيذى لحزب الحرية والعدالة أن الصدام بين الإخوان والسلفيين غير وارد على الإطلاق، وأن الدعوة إلى التحالف مع التيارات الإسلامية هو الأقرب فى مواجهة التيارات الأخرى، ولفت إلى أن تجربة الانتخابات البرلمانية السابقة خير شاهد على عمق العلاقات بين الطرفين، موضحا أن الانتخابات البرلمانية القادمة سوف تشهد منافسة شريفة. وحول ما إذا كان الإخوان المسلمون قد عقدوا أى تربيطات انتخابية مع السلفيين أو غيرهم من الأحزاب الإسلامية الآن، قال سعد المنجى عضو مجلس الشورى عن حزب الحرية والعدالة لا يوجد أى تربيطات فى الوقت الحالى بين الحزب وأى جماعات أو أحزاب أخرى، لأن الأمر كله متوقف على إعلان وإقرار قانون الانتخابات الجديد وقانون الانتخابات مازال فى طى المناقشة، معتبرا أن الأمر مفتوح لجميع القوى السياسية للحوار بشأنه والإدلاء بكل الآراء للوصول للشكل الأمثل الذى يرضى جميع الأطراف. وأوضح عبده مصطفى البردويل أمين حزب الحرية والعدالة عن محافظة دمياط أن العلاقة بين الإخوان والسلفيين تتغير بحسب الظروف والأحداث، وتوقع فى تصريحاته ل«اليوم السابع» عدم نجاح التحالفات سواء فيما بين التيارات الإسلامية أو التيارات المدنية لأن الأمر متروك لاختيار المواطن. وقال البردويل إن العلاقة بين الإخوان والسلفيين بدأت فى الانتخابات البرلمانية السابقة، وإن لم يكن هناك تنسيق على مستوى القوائم والترشيحات، حيث رفض حزب النور الذراع السياسية للسلفيين الدخول فى تحالف الإخوان وحزب الحرية والعدالة والانضمام لقائمتهم وفضلوا النزول بمرشحيهم فى قائمة خاصة بحزبهم وظلت المنافسة الشديدة بين الطرفين، ولكن فى سياق الاحترام المتبادل بين الطرفين، الذى أدى فى النهاية لنجاح الحزبين فى الفوز بأكثرية مقاعد البرلمان.