للمرة الثالثة.. محافظ المنوفية يخفّض درجات القبول ببعض المدارس الفنية    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    ارتفاع الكوسة والباذنجان.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    إزالة 24 حالة تعدٍ بالمباني على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالشرقية    محافظة الإسكندرية تعلن تغيير اسم مطار برج العرب    وزير الصناعة: توجيهات فخامة الرئيس السيسي تؤكد دائمًا على مراعاة البعد الاجتماعي للعمال والمهندسين والحفاظ عليهم وعلى أسرهم وعلى ثروة مصر العقارية والصناعية    رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق: احتلال مدينة غزة فخ مميت    رئيس الوزراء يشارك في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في أفريقيا    قافلة "زاد العزة" ال19 تعبر ميناء رفح لإيصال المساعدات إلى غزة    الخطيب يساند محمد الشناوي قبل مغادرة جثمان والده من المستشفى    الموعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي والقادسية في كأس السوبر السعودي    سنقاتل لتحقيق بكأس.. محمد صلاح يعلق على فوزه بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج    فانتازي يلا كورة.. انخفاض سعر عمر مرموش    أحمد ياسر: زيزو لا يستحق الحصول على 100 مليون وإمكانياته أقل من ذلك    محافظ الإسكندرية يعتمد نتيجة الدور الثاني للشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 98.2%    استمرار الموجة الحارة على مراكز وقرى الشرقية    ضبط عامل بكافيه في القاهرة لتصوير السيدات بهاتفه داخل دورة المياه    ضربة موجعة لتجار السموم.. إحباط تهريب مخدرات وأسلحة ب350 مليون جنيه في مطروح    عندما تحكمنا الإشعارات    حمزة نمرة: حلمي بالكمال كان بيرهقني جدًا    تحمل إسم الفنان الكبير يحيي الفخراني 1071 فيلم و100 دولة في النسخة الثانية من مهرجان الجامعة البريطانية لأفلام الطلبة    بعد تداعيات الجراحة الثانية.. شقيق أنغام يدعو لها بالشفاء    "حياة كريمة" تقدم خدماتها الطبية المجانية ل 1200 مواطن بالمنيا    «حكاية صوت»    «إيد واحدة»    رعاية القلوب    فيلم درويش لعمرو يوسف يحصد 16.2 مليون جنيه فى أول أسبوع له بالسينما    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يلتقى رئيس جامعة الإسكندرية    وزير الدفاع والإنتاج الحربى يلتقي بعدد من مقاتلي المنطقة الشمالية العسكرية    التضامن: التدخل السريع يتعامل مع حالات مسنين بلا مأوى    محافظ القاهرة يقرر النزول بدرجة الحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام إلى 217 درجة    «مصفاة ميدور» ترفع طاقتها التشغيلية إلى 160 ألف برميل يومياً    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 20-8-2025 بعد تراجعه 40 جنيهًا (آخر تحديث رسمي)    ويجز يحيي حفلا بمهرجان العلمين الجمعة 22 أغسطس (اعرف شروط الدخول)    مذكرة تفاهم للتعاون بين «قناة السويس» وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    تنسيق الدبلومات الفنية 2025 .. كليات ومعاهد دبلوم تجارة 3 سنوات وتوقعات الحد الأدنى للقبول    الرهائن ال20 والإعمار، ويتكوف يكشف وصفة إنهاء حرب غزة    "تفوق أبيض وزيزو الهداف".. تاريخ مواجهات الزمالك ومودرن سبورت قبل مباراة الدوري    شهداء وجرحى جراء في غارات إسرائيلية متواصلة على خان يونس    صعبة وربنا يمنحني القوة، كاظم الساهر يعلن مفاجآت للجمهور قبل حفله بالسعودية (فيديو)    المناعة الذاتية بوابة الشغف والتوازن    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأربعاء 20 أغسطس 2025 بالصاغة بعد آخر انخفاض    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 ونتيجة تقليل الاغتراب (رابط)    فلكيا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 في مصر وعدد أيام الإجازة الرسمية للموظفين والبنوك    حسام المندوه: بيع «وحدت أكتوبر» قانوني.. والأرض تحدد مصير النادي    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    محافظ شمال سيناء يلتقى رئيس جامعة العريش    إدانة أممية: إسرائيل تقوّض العمل الإنساني وتقتل 181 إغاثيًا في غزة    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    الإليزيه: ربط الاعتراف بفلسطين بمعاداة السامية مغالطة خطيرة    انفجار إطار وراء انقلاب سيارة والد محمد الشناوي ومصرعه بطريق الواحات    بالزغاريد والدموع.. والدة شيماء جمال تعلن موعد العزاء.. وتؤكد: ربنا رجعلها حقها    المقاولون العرب يهنئ محمد صلاح    موعد مباراة منتخب مصر أمام الكاميرون في ربع نهائي الأفروباسكت    السيطرة على حريق بأسطح منازل بمدينة الأقصر وإصابة 6 مواطنين باختناقات طفيفة    هل الكلام أثناء الوضوء يبطله؟.. أمين الفتوى يجيب    تعدّى على أبيه دفاعاً عن أمه.. والأم تسأل عن الحكم وأمين الفتوى يرد    كيف تعرف أن الله يحبك؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أجل الاستقرار... «لا» للدستور
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 12 - 2012

بدون مقدمات، هذه مقالة عن دستور مصر الجديد، كتبت بدون النظر إلى من كتب هذا الدستور، وكيف كتبه، ومن انسحب من الجمعية، وكيف تم التصويت عليه.
هذا رأى لم ينظر إلا لمواد الدستور فقط، لا إلى أى شىء آخر.
وبرغم ما فى هذا الدستور من إيجابيات قليلة، فإنه يحمل عدة كوارث تدفعنا مضطرين للتصويت ب«لا»، وذلك لخمسة أسباب:
أولا: دستور يخلق دولة عسكرية:
فهو لا يحدد اختصاصات واضحة لمجلس الدفاع الوطنى «وأغلبيته من العسكريين»، بل يفتح الباب أمام قوانين تتيح له التحكم فى سياسات الدولة، والتدخل فى الشؤون المدنية بحجة «تأمين البلاد وسلامتها» «مادة 197»، وهذه المادة تحديدا رفضتها الأمة فى وثيقة السلمى الشهيرة، ومن أغرب الغرائب أن تدخل فى الدستور بعد أن رفضها غالبية من هم فى اللجنة التأسيسة!
كما يسمح الدستور بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكرى، بدعوى ارتكاب جريمة تضر بالقوات المسلحة، فتصبح كتابة مقالة مثلا عن أى فساد مفترض فى الجيش أو رسم جرافيتى يهاجم مسؤولا عسكريا لأى سبب من الأسباب نوعا من الإضرار بالقوات المسلحة، الذى يستوجب العقوبة أمام القضاء العسكرى «مادة 198».
وهذا يتعارض مع «المادة 75»، التى تحظر محاكمة أى مواطن إلا أمام قاضيه الطبيعى، بما يدخلنا فى نفق التناقض الدستورى.
كما أنه يفرض على الأمة أن يكون وزير الدفاع من العسكريين إلى الأبد بالمخالفة لتجارب الأمم العريقة، التى تفصل بين وزير الدفاع كمنصب سياسى، وبين القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الأركان كمنصب عسكرى.
بالإضافة إلى أنه يحدد اختيار وزير الدفاع من بين «ضباط» المؤسسة العسكرية لا «قادتها»، بما يتيح فرصة تقديم الولاء على الخبرة، وتخطى عشرات الخبرات، وهذا يتعارض مع العدل الذى أقرته الشرائع السماوية، ومبدأ الأقدمية الذى تلتزم به الأعراف العسكرية، بما يسمح بإعادة تجربة المشير عامر التى أنتجت الهزيمة «مادة 195».
ثانيا: يخلق دولة «تعادى سماحة الإسلام»:
يظن البعض أن هذا الدستور يُطبق الإسلام، ويسعى لتحكيم شريعته، والحق أنه بعيدٌ عن كل البعد عن سماحة الإسلام ومقاصد شريعته وتجربته الحضارية، فهو يفرض على الدولة مهمة لم يفرضها عليها الإسلام، وهى الرقابة على أخلاق الناس ومحاسبتهم ومعاقبتهم.
يقول تعالى «لست عليهم بمسيطر»، وشريعة الله لا تعاقب إلا المجاهرين بالكبائر والدليل على ذلك، حد الزنا مثلا «المادة 10 و11».
وفى الوقت نفسه يجبر هذا الدستور الأزهر على أن يتلوث فى بركة السياسة والمذهبية، وأن يفقد سماحته التاريخية بجعله مرجعية تتحدث فى السياسة عند الاختلاف «المادة 4»، والمادة «219» تحصر تفسير الشريعة فى مذاهب أهل السنة والجماعة، بينما الأزهر يُدرس المذهب الجعفرى ويعتمده، كما أن أهل السنة والجماعة أنفسهم لم يقعوا فى هذا الفخ؛ وكانوا أكثر انفتاحا، فأبو حنيفة تلميذ الإمام جعفر الصادق، ومثله كثيرون.
وهذا الدستور الذى يظنه البعض إسلاميا يعامل بعض المسلمين كالكفار!
فيجعل المصرى الذى تزوج إسرائيلية كالذى تزوج ابنة عمه السورية أو الفلسطينية أو الليبية، وبذلك يصبح المتزوج من سيدة ولدت فى مكة المكرمة مثل المتزوج من سيدة ولدت فى تل أبيب..«المادة 134»، فهذا الرجل لا يجوز له بأى حال أن يترشح للعديد من مناصب الدولة لمجرد زواجه من مسلمة عربية لا تحمل الجنسية المصرية!
والمادتان «10 و11» تورطان المشرع والمجتمع والدولة فى واقع جديد لأنهما فرضتا مراقبة أخلاق الناس وعاداتهم بالمخالفة للإسلام الذى يحيل كل امرئ إلى ضميره ما لم يجاهر بمعصيته، وهذا قد يدفع بعض من يتصورون أنفسهم حماةً للدين لتشكيل جماعات تفرض رؤيتها وتفسيرها للدين والأخلاق، ومعهم مسوغ من الدستور!
وطبقا للمادة «219» «التى تتوسع فى تفسير مفهوم مبادئ الشريعة» من الممكن أن تُمنع كثير من النشاطات الاجتماعية كالأفراح والموالد والسبوع، فقاعدة «سد الذرائع» مثلا وهى قاعدة أصولية، من الممكن أن يفرض بموجبها أزياء أو أنماط للحياة أو يمنع بموجبها عشرات الكتب والأعمال الفنية والأدبية والمناسبات الاجتماعية، وهو ما يخالف الإسلام دين الحرية.
وفى المادة «76» التى جاء فيها أنه: «لا عقوبة ولا جريمة إلا بنص «دستورى» أو قانونى»، أقحمت كلمة «دستورى» بما يفتح الباب لآلاف قضايا الحِسبة التى تطالب الدولة بتطبيق فورى للحدود، دون تطبيق سنة الله فى التدرج، أو فى تحقيق العدل الإلهى الذى يقضى بتيسير اللقمة الحلال والزوجة الحلال قبل قطع الأيادى وجلد الظهور، ويدخلنا هذا فى نفق مظلم من الفوضى التشريعية، ويجعل المحكمة الدستورية تقف مكتوفة الأيدى أمام التطبيق العشوائى للدستور.
كما أن إقحام العقوبات بالنص الدستورى «بهذا اللفظ» فى تلك المادة يخالف الأعراف الدستورية المتبعة فى كل مكان فى العالم، وفى سائر الدساتير المصرية السابقة، التى تفرق ما بين القانون الجنائى الذى يسهل تعديله بتغير الظروف، وما بين المواد الدستورية والأصل فيها الثبات.
إضافة إلى أن «دَسَّ» هذه الكلمة بهذا الشكل يتعارض مع وعود الإسلاميين للناس بعدم تطبيق الحدود الآن قبل توفير حد الكفاية، ويعد هذا غشا للناخبين وتدليسا على الأمة.
ثالثا: يخلق دولة عنصرية:
هذا الدستور الذى يدعى البعض أنه دستور يساوى بين المصريين يرسخ لدولة عنصرية تجعل بعض المواطنين فوق الحساب، بشكل يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون، فشيخ الأزهر مثلا غير قابل للعزل بموجب «المادة 4»، حتى لو كان قياديا سابقا فى حزب فاسد ثار عليه المصريون.
ومجلس الشورى مثلا غير قابل للحل بدون أى مبرر مفهوم، ويتعامل هذا الدستور العنصرى أيضا مع ما يقرب من 20 مليون مواطن مصرى مزدوجى الجنسية، وكأنهم ناقصو الأهلية السياسية أو مطعون فى وطنيتهم، وبذلك يمنع الاستفادة بخبراتهم، وهؤلاء يحلون مشكلة الخبير الأجنبى «الغريب» بالكفاءة الوطنية المدربة فى الخارج، ولكن أقصاهم لمجرد حصولهم على جنسيات بعض الدول الأجنبية لسبب أو لآخر، بإرادتهم أو بغير إرادتهم، فيحرم هؤلاء من تولى غالبية المناصب القيادية بدءًا من رئيس الجمهورية وحتى منصب الوزير «المادتان 113، و156».
وبذلك نعجز عن تعيين مجدى يعقوب وزيرا للصحة، أو أحمد زويل وزيرا للبحث العلمى، أو وائل غنيم وزيرا للشباب، أو محمد العريان رئيسا للوزراء.. وهلم جرا.
وهذا الدستور يفتح الباب واسعا لتقنين السخرة فى موضعين: الأول فى المادة «رقم 64»، والثانى فى «المادة 7 و196» حيث لا مانع صريحا من تشغيل المجندين الإلزاميين بالجيش فى أعمال إجبارية لا علاقة لها بالخدمة الوطنية.
لقد أهمل هذا الدستور فئات كثيرة، كأطفال الشوارع مثلا، ولم يهتم بالقدر الكافى بأصحاب الاحتياجات الخاصة، فتمت الإشارة إليهم باقتضاب فى المادة «72» دون الإشارة لحقوقهم كمواطنين، وكذلك المصريون بالخارج.
السبب الرابع: يخلق دولة «عجوزة»:
لقد كتب هذا الدستور بعقلية الألفية الماضية، فتراه يستكثر على الشباب أن يترشحوا للمحليات قبل إتمام الواحد والعشرين من العمر «مادة 188»، بينما الواقع فى الدول المتقدمة ترشحهم منذ بلوغهم سن التصويت، أى الثامنة عشرة، كما أنه يقيد صلاحيات المجالس المحلية المنتخبة وهى المعبر الحقيقى عن الشباب، والمدرسة الفعلية لتخريج القيادات، فلا يسمح لهم بسحب الثقة من محافظ أو حتى رئيس حى، برغم أن هؤلاء منتخبون، وأولئك معينون!
ولقد أصر الدستور على بقاء مجلس الشورى وهو مجلس عديم الفائدة، ويهدر مئات الملايين سنويا من أموال المصريين، لكى يقوم بوظائف وهمية، هى فى الأصل وظائف للبرلمان «الفصل الأول، باب السلطات العامة»، ومنح صلاحيات سياسية للعسكر، وتحصينات للرئيس من المساءلة «الجنائية» طيلة فترة حكمه «المادة 152»، وأعطى الحق للرئيس بأن يستفتى الناس على كل شىء، وهذا من خصائص النظم الديكتاتورية القديمة «المادة 150»، فهو دستور شعاره «إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون»!
لم يملك كتاب الدستور خيالا يقترب من طموحات الثورة، فأبقوا على كثير من أوضاع الماضى البائسة.
خامسا: يخلق دولة مستبدة فاسدة:
هذا الدستور لم يتذكر أن ينص على عدم جواز إسقاط الجنسية المصرية عن أى مواطن لأى أسباب كانت «مادة 32»، ولم يتذكر أن ينص على حق تشكيل النقابات «بالإخطار» «مادة52»، ولم يتذكر تجريم الحبس فى قضايا الرأى صراحة، ويعطى السلطات حق غلق أو مصادرة أو حظر الصحف بحكم قضائى تحت غطاء مفاهيم فضفاضة كالأمن القومى «المادة 48»، ولم يتذكر منح المواطنين حق تأسيس الإذاعات والفضائيات بالإخطار «المادة 49»، ويتيح مراقبة الحياة الخاصة للمواطنين فى بعض «الأحوال» وليس الجرائم أو الشروع فيها «المادة 38»، ولم يتذكر تجريم التهجير القسرى داخل الدولة، بما يتيح تكرار مأساة أهل النوبة «المادة 42»، وحين كفل حق تداول المعلومات لم يتذكر أن يلزم الدولة بالإفراج عن الوثائق السرية بعد أى مدة كانت، ولم يتذكر تفصيل معنى الحق فى التظاهر «بالإخطار» «المادة 50»، ولكنه - رغم كل ما نسيه - تذكر فقط أن يمنح الضباط حق القبض على المواطنين واحتجازهم لمدة اثنتى عشرة ساعة بدون أى إخطار كتابى مسبب «مادة 35»، فأصبح دستورا يتذكر حقوق السلطة ولا يلتفت لحقوق المواطن!
ولم يتحدث هذا الدستور عن مهمة جهاز المخابرات، فى بلد سيطرت عليه هذه الأجهزة عقودا طويلة، وعلاقة الرئيس بأجهزة الرقابة مبهمة، فكيف تراقبه وهو يعين رؤساءها؟!! «المادة 202».
وهذا الدستور الذى حرم ما يقرب من عشرين مليونا من الترشح لكثير من المناصب، لم يكن واضحا مع وزراء عهد مبارك الذين لم يكونوا أعضاء فى الحزب الوطنى، فمادة العزل السياسى جاملت كثيرا من القيادات السابقة والحالية التى شاركت فى إفساد الحياة السياسية وقتل المصريين «المادة 232»، مما قد يورطنا فى رئيس من الفلول كما كاد أن يحدث!
لكل هذه الأسباب ندعو المصريين للتصويت بلا على هذا الدستور، ونطمئنهم أن التصويت بلا سيضمن استقرار هذا البلد.
فالطريق بعده ستكون ممهدة لتفعيل دستور 1971«مع تعديلاته»، وانتخاب برلمان جديد، وانتخاب جمعية تأسيسية بشكل مباشر، بحيث تخرج أكثر توازنا، وتتمكن من كتابة دستور يعبر عن جميع المصريين بعيدا عن أجواء الاستقطاب والأغلبيات البرلمانية.
إن التصويت بنعم يعنى أن يظل ملايين المصريين يشعرون بالظلم والإجحاف، وكيف يشعر الوطن بالطمأنينة وفيه ملايين الذين يشعرون بالتهميش؟
إن رفض هذا الدستور هو الطريق الصحيحة لاستكمال بناء مؤسسات الدولة على أسس صحيحة لا على أسس متسرعة عشوائية، مما يعرضنا لانهيار ندفع ثمنه بعد فوات الأوان، فمن تعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه.
إن التصويت بنعم ليس نصرة للشريعة، بل هو ظلم لها، وجور عليها.
وإن التصويت بلا، هو الحل الوحيد، وهو الأقرب لروح مصر، وهو ما يضمن أن تصبح مصر مدنية لا عسكرية، متسامحة لا متعصبة، شابة لا عجوزا، حرة لا مكبلة، إنسانية لا عنصرية.
مصر الثورة التى وحدت كل الأديان والأعمار والطبقات والأعراق والاتجاهات والأفكار.
ختاما لا يفوتنى أن أشكر الصديقين الباحثين محمد طلبة رضوان، ومحمد عبدالناصر على جهدهما الكبير فى كتابة هذه المقالة، فهما شريكان فى كل هذه الأفكار والصياغات.
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.