أدى الهجوم الذى استهدف القنصلية الأمريكية فى مدينة بنغازى بشرق ليبيا يوم 11 سبتمبر إلى زيادة تدقيق الكونجرس مع مكتب تابع لوزارة الخارجية مهمته حماية الدبلوماسيين فى أكثر المناطق خطورة فى العالم فى الوقت الذى يتساءل فيه أعضاء الكونجرس، عما إذا كان المكتب أصدر تقييما خاطئا للمخاطر فى ليبيا بعد الانتفاضة. وزادت ميزانية مكتب الأمن الدبلوماسى لنحو عشرة أمثالها خلال العشر سنوات التى أعقبت تفجير سفارتى الولاياتالمتحدة فى كينيا وتنزانيا عام 1998. ومما ساهم فى هذه الزيادة الكبيرة الحرب التى شنتها الولاياتالمتحدة فى أفغانستان والعراق بعد هجمات 11 سبتمبر عام 2001 مع انتقال عدد متزايد من الدبلوماسيين إلى أرض تواجه واشنطن فيها عداء. وفى تقرير تحدث فيه عن نجاحاته تفاخر المكتب التابع لوزارة الخارجية بعمله فى العام الماضى بعد انتفاضات الربيع العربى، بما فى ذلك هروعه لإقامة نقطة دبلوماسية آمنة فى بنغازى بعدما شهدته طرابلس من اضطراب سياسى، لكن طريقة تعامله مع الأمن فى بنغازى والتى ستنظر فيها لجنة تابعة لمجلس النواب غدا الأربعاء لن تكون الأولى التى يخضع فيها للتدقيق بسبب أخطاء كانت تكلفتها باهظة. ففى عام 2007 استقال مدير المكتب بعد أن انتقدته لجنة تابعة لوزارة الخارجية لعدم إشرافه الكافى على شركة بلاكووتر وغيرها من شركات الأمن الخاصة فى العراق، بعد أن قتل 14 مدنيا عراقيا على الأقل بالرصاص فى ساحة النسور ببغداد. وفى تحقيق بنغازى تتوقع لجنة مجلس النواب أن تستمع لأقوال اثنين على الأقل من مسئولى المكتب هما اريك نوردستروم وهو مسئول أمن إقليمى فى ليبيا من سبتمبر 2011 حتى منتصف 2012 وتشارلين لام نائبة مساعد وزيرة الخارجية للبرامج الدولية. وهناك شاهد آخر هو اللفتنانت كولونيل اندرو وود الذى رأس فريقا لدعم الأمن فى السفارة الأمريكيةبطرابلس. وستنظر الجلسة فيما إذا كان رد المكتب ملائما للمخاطر المتصاعدة خلال الأشهر التى سبقت الهجوم على القنصلية فى بنغازى والذى أسفر عن مقتل السفير الأمريكى كريستوفر ستيفنز وثلاثة أمريكيين آخرين. وتوقع مسئول أمريكى فى تصريحات لرويترز أن تسأل اللجنة عن سبب رغبة وزارة الخارجية فيما يبدو فى "تطبيع" الوضع الأمنى فى ليبيا من خلال استخدام المزيد من العاملين المحليين وعدد أقل من الحراس الأمريكيين. وأضاف المسئول أن أعضاء الكونجرس أشاروا إلى أن عدد الأفراد والبنية الأساسية والمستلزمات فى القنصلية لم تكن كافية، وأن المكتب لم يعط المخاطر حق قدرها. وطلب المسئول عدم نشر اسمه لأنه لا يريد أن يتحدث علانية عن قضايا خاضعة للتحقيق. وذكر المسئول أن القنصلية فى بنغازى كانت تخضع عادة لحماية واحد أو اثنين من ضباط الأمن الدبلوماسى الأمريكى، إلى جانب نحو أربعة مسلحين ليبيين من ميليشيا مقاتلة سابقة هى لواء 17 فبراير. وأضاف أن الليبيين كانوا مشاركين بقوة فى العملية الأمنية وكانت لديهم أوامر بطلب دعم لدى حدوث أى طارئ. أما الحراس المحليون الآخرون فقد كانت توفرهم شركة متعاقدة مع وزارة الخارجية الأمريكية هى شركة بلو ماونتن جروب ولم يكونوا مسلحين. وكان أولئك يقومون بأعمال روتينية مثل تفتيش زائرى الفيلا المستأجرة التى استخدمت كمقر مؤقت للبعثة الأمريكية. وكشفت لجنة الإشراف والإصلاح الحكومى التابعة لمجلس النواب عن رسائل بريد إلكترونى ووثائق أخرى تظهر أن الأمريكيين فى ليبيا طلبوا أمنا إضافيا بعد سلسلة من الحوادث العنيفة فى بنغازى منذ أوائل العام الجارى. وقال المسئول لرويترز إن وزارة الخارجية رفضت الاستجابة لتلك الطلبات. ولم يرد على الفور تعقيب من وزارة الخارجية على تصريحات المسئول. وتظهر تقارير حكومية أن ميزانية مكتب الأمن الدبلوماسى تضخمت إلى نحو 2.5 مليار دولار عام 2009 من 200 مليون دولار عام 1998 عندما فجرت سفارتا الولاياتالمتحدة فى كينيا وتنزانيا. وقال فريد بيرتون نائب رئيس قسم المعلومات فى مؤسسة ستراتفور للاستشارات وهو ضابط سابق فى الأمن الدبلوماسى إن الضباط العاملين فى المكتب لا يأخذون راحة كافية، نظرا لعملهم 45 يوما خارج البلاد مع قصر العطلات داخل بلادهم. وقال ديفيد كاربنتر الذى عمل مساعدا لوزيرة الخارجية للأمن الدبلوماسى من أغسطس 1998 حتى يونيو 2002 إنه ربما يحدث صدام بين الدبلوماسيين الذين يسعون لإقامة روابط مع السكان وبين أفراد الأمن. وأضاف "هناك دائما تعجل لتحقيق الأهداف وترسيخ الأوضاع والشروع فى تنفيذ المهام والأمن ليس دائما فى وضع يتيح له الاستجابة لذلك فى وقت ملائم".