كنت انتظر على أحر من الجمر تواجد اسمى فى قائمة مشروع ابنى بيتك فى محافظة الفيوم، وما إن وجدته حتى أطلقت زغرودة تسمع فى ميدان التحرير كله، وذهبت استلم الأرض وكان التسليم فى سهولة ونظام، لكن سبحان مغير الأحوال فقد انقلب النظام رأسا على عقب. فوجئت بالأعاجيب، فقد تم تسليم معظم الأراضى بدون مرافق وهناك شركة منفذة وهى شركة (إجيكو) وهناك أيضا جهاز المدينة وكل مستفيد للأرض انطلق بسرعة قطار اكسبريس لينجز عمله ويحصل على الدعم الأول خمسة آلاف جنيه. ولكن وتحتها ضع خمسة آلاف خط، فوجئنا بعدم وجود مياه، وقد أغلقت الشركة المنفذة خط المياه واضطررنا إلى شراء المياه للبناء، وهى مياه صرف زراعى وأنا أعرف مدى أضرارها للبناء، فقد وصل فنطاس المياه إلى خمسين جنيها وعندما ذهبت إلى مسئول الشركة قال لى نحن نريد أن نسلم الجهاز مسئولية المياه، فذهبت إلى مسئول فى الجهاز فقال لى نحن لانريد أن نتسلم شارع نريد تسليم المدينة كلها، فقلت له لماذا سلمتمونا الأرض بدون تجهيز ثم تطالبوننا بالبناء فى مدة معينة؟ فلم يرد على، فذهبت مهرولا ودوخينى يالمونة ودوخينى لمسئول الشركة، فقال إن الشركة ستغلق المياه حتى يتسلمها الجهاز، ناهيك عن أن هناك أراضى بدون خط مياه صحراء جرداء لازرع فيها ولا ماء . أما الأمر الثانى والذى يجعلك تضرب رأسك فى اتخن حائط، فهو موضوع الإتاوات التى تجبى عينى عينك، وهى ثلاثمائة جنيه على كل قطعة تجبى على مسمع ومرأى الجهاز من البدو بغرض الحراسة، ويقوم بها ثلاثة أشخاص يصل راتبهم الشهرى من الجباية مائتى ألف جنيه إما الدفع أو شىء آخر. وكان ثالث الأمور وأغربها هى عملية تحديد العلامات والهرج والمرج، فعندما تحاول تحديد العلامات للأرض يحب أن تدفع خمسين جنيها ليقوم المساحون بالتحديد، وأحيانا يكون التحديد خطأ فتبنى على خطأ ومن بنى على خطأ فهو خطأ وتدخل فى ساقية ولا سواقى الفيوم . وبما أن البناء بالمياه المالحة وناهيك عن الغش فى البناء لأن المستفيدين لم تكن لهم دراية كافية، فتلاحظ سقوط الصبات الخرسانية بكاملها ولا تجد من يحرك ساكنا. وكان رابع الأمور أغرب من ثالثها، وهو عدم وجود مواصلات للأرض فالوصول إليها ببركة دعاء الوالدين رغم مناشدتنا لمحافظ الفيوم، وأن مدينة الفيومالجديدة هى المستقبل، لكن يبدو أن جهاز المحافظة يكتفى بالفيوم القديمة وياليته يسد. أما الأمر الخامس فهو مطب الحفر، فقد يتكلف الحفر للقطعة الواحدة خمسة آلاف جنيه بسعر واحد متفق عليه للحفارين الذين ضاعفوا الأسعار واتحدوا فيما بينهم، فضلا عن وجود أحجار قد استخرجتها الشركة المنفذة من باطن الأرض نتيجة حفر بعض االشوارع للصرف الصحى وألقت بها على أم رأس القطع، فيضطر المستلم الفرح والمزغرد أن يرفعها بألف وخمسمائة جنيه. وما كان هذا الأمر مستمرا حتى هجر أصحاب الأراضى أرضهم الذين وزعوا شربات على جيرانهم وذويهم فرحة بحصولهم على الأرض وبناء البيت. أرض بدون مواصلات ولاماء ولامساعدات، وجهاز المدينة يطالبك بسرعة إنهاء البناء فى مدة محددة، حقا الضرب فى الميت حرام، بعدما نحتنا فى الصخر وتعاملنا مع الصحراء كالمحكوم عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة والمحافظة ودن من طين وودن من عجين.