يبدأ أحدهما الحديث فتذوب الكلمات، يضحك أحدهما ثم تتلاشى البسمات، يطرح أحدهما فكرة ثم يسود السكات، يحكى أحدهما قصة ثم تتبدد الحكايات، ويسود صمت طويل ويلف المكان برد شديد، ويسرى شبح الملل رويداً رويداً حتى يصبح هو الواقع القاسى، ويتسرب الحب الكبير ويذبل الأمل ويضيع من ناظريهم الحلم الجميل لكنهما لا يستسلمان لليأس ولا يتنازلان عن الحب والأحلام والنجاح بل يبحثان عن بارقة أمل جديد، نعم مادام هناك قلب ينبض فهناك أمل. إنهما يحتاجان لشئ جديد يربط قلبيهما برباط قوى من جديد، ليس شيئاً مادياً أو مسئولية وأولاد وأشياء من هذا القبيل، بل فكرة... هدف ...إحساس ...حلم مشترك يسعيان لتحقيقه أو، فكرة يتوافقان عليها، موضوع يقتنعان به سوياً، أو حتى هواية يتشاركان فيها، يحتاج كل منهما أن يرجع خطوة للوراء، ويتنازل شيئاً ولوهيناً لشريك حياته ولا ينتظر منه أن يبدأ بل يعتبر كل منهما نفسه المسئول عن نجاح تلك التجربة ويبحث بكل جوارحه عن شئ مشترك يبدآن به، ويجاهد بكل طاقته أن يشارك الآخر شيئاً يحبه ويضحى بجزء من عقله وقلبه ليسعى لتجديد العلاقة بينهما ولو لم يكن الخطأ منه، ويحاول أن يكسر الملل بموضوعات جديدة ومثيرة لشريك الحياة، ينشغلان بها سوياً ولعلهما يقومان برحلة يعيدان فيها ذكريات جميلة بينهما، وأحلاما بعيدة أمامهما ليجددا شباب حبهما. ولكى يمكن وصل ما انقطع يحتاج كلاهما أن لا يصدر حكما على الآخر أو يتوقع منه أن يفهمه دون أن يبذل جهدا لذلك، بل يشرح نفسه للآخر ويعبر عن أحاسيه واحتياجاته وما يفرحه أو يضايقه وما يتوقعه من شريك حياته لكى يشعر معه بالسعادة والأمان، فتلك فرصة لكليهما لإعادة اكتشاف الحب بينهما وعندما ينفس كل منهما عما بداخله بعيدا عن التوقعات المبالغ فيها والظنون التى تهدم الحب وتكسر النفس وتحطم أى أمل فى علاقة مشبعة لكلا الطرفين سيرتاح ويبدأ فى رؤية الطرف الآخر كما لم يره من قبل. وبالطبع فإن اهتمام كل منهما بنفسه ومظهره أمام الآخر أكثر من اهتمامه به أمام الآخرين يعنى الكثير لأنه وببساطة يشعر الطرف الآخر أنه لا يزال أهم الناس فى حياة حبيبه، كما أن شريك العمر هو الأولى بأرق الكلمات فى الحوار وأعذب الألفاظ والعبارات، والهدية بين الزوجين مهما كانت بسيطة تظل عنوان الشوق والتقدير والاهتمام. وإذا أراد الزوجان مزيداً من التقارب الفكرى والعقلى فإمكانهما أن يقرآ سويا كتابا شيقا يدفعهما للتواصل وتبادل الأفكار وتجاذب أطراف الحوار أو يدرسا علماً جديداً يثرى عقولهما ويشغل فراغهما إذا كان ذلك مثار اهتمام لكلا الطرفين، كما أن بإمكانهما أن يمارسا هواية محببة لديهما بالإضافة لمشاركة كل منهما للآخر فى اهتماماته وهواياته بقدر استطاعته فإن ذلك يخلق جوا من المودة والألفة والتفاهم والإحساس بالآخر بعيداً عن الصوت العالى وتبادل الاتهامات والمهاترات التى يضيع معها العمر والحب. المسألة وبكل بساطة وبعيداً عن التهويل والتقليل، أننا نحتاج للاعتراف بالمشكلة، واكتشاف موضع الألم والاعتراف كذلك بعدم القدرة على الاستغناء عن شريك الحياة، عندئذ ستتولد الطاقة التى يبحث بها شريكا الحياة عن نقطة رجوع لكل عمرهما الجميل وأحلامهما سوياً، عن نقطة بداية لرحلة حياتهما سوياً من جديد.