محمد أبو تريكة.. نجم النجوم حتى وأنت غائب، فدائمًا تضرب لنا المثل الأعلى والقدوة التى نحبها. شكرًا أيها النجم الخلوق، لأنك رفضت أن تلعب هذه المباراة التى لم يكن لها أى أهمية، فالنادى الأهلى لديه ما يكفى من البطولات، ولم تكن هذه البطولة لتضيف إليه شيئًا، ولكنها للأسف ولأول مرة فى تاريخ النادى العريق قد انتقصت من قَدْرِهِ أمام جماهيره وجعلت صورة نادى المبادئ والقيم مثل لعبة الأطفال (البازل) التى فقدت قطعة.. فدائمًا ستظل غير مكتملة. رفضت أيها النجم أن تلعب مباراة على بطولة، فكنت أنت البطولة لدى الجماهير، فليس هناك أى معنى لمباراة كرة قدم وأرضية الملعب والمدرجات مازالت ملطخة بدماء 74 شابًّا ماتوا وهو يدافعون عن أنفسهم ضد الغدر والخيانة، سافروا جميعًا وهم يرتدون "تى شيرت" أحمر، وعادوا وهم فى كفن أبيض، عادوا من بورسعيد وهم يحملون معهم أحزانًا إلى بيوت مصر كلها. هل عادت هيبة الدولة بهذه المباراة؟ إذن فنحن فى انتظار القبض على البلطجية، وعودة الأمن إلى الشارع المصرى، وتطبيق القانون. هل عادت هيبة الدولة بهذه المباراة؟ إذن فنحن فى انتظار رفع مخلفات القمامة من الشوارع، وأن نراها نظيفة. هل عادت هيبة الدولة بهذه المباراة؟ إذن نحن فى انتظار سرعة إجراءات التقاضى وعدم إفلات الجناة من يد العدالة فى قضايا رأى عام مثل قتل المتظاهرين التى خرجوا منها "براءة" وفى انتظار أن يأخذ كل شخص حقه. هل عادت هيبة الدولة بهذه المباراة؟ إذن نريد أن نشرب مياهًا نظيفة، وألاَّ ينقطع التيار الكهربائى، وأن يصل الغاز إلى ربوع مصر كلها. هل عادت هيبة الدولة بهذه المباراة؟ إذن نريد أن يشعر المصرى فى الغربة بكرامته، وبأنه ليس مواطنًا من الدرجة الثانية، نريد أن نجد جهات الدولة تقف بجوار أى مظلوم فى أى دولة، وتوفر وسائل الدفاع عنه وتكفل له محاكمة عادلة. هل عادت هيبة الدولة بهذه المباراة؟ إذن نريد حلاًّ للباعة الجائلين فى شوارع مصر، وأطفال الشوارع الذين لا يجدون سوى أسفل الكبارى مأوًى لهم ليناموا. هل عادت هيبة الدولة بهذه المباراة؟ إذن نريد إزالة التعديات على الأراضى الزراعية ومخالفات البناء بدون ترخيص، وإزالة إشغالات الشوارع. ما أبشع القنوات الرياضية وضيوفها وهم يتبارون فى حوارات مستفزة إلى أبعد الحدود ويتناسون كيف أن هذا الجمهور قد حملهم على الأعناق فى مرات عديدة وأنهم لا شىء بدون هذا الجمهور وأنهم قد أصبحوا نجومًا لامعين بهذا الجمهور!! تبًّا للمصالح. رفض أبو تريكة أن يلعب المباراة فظل هو نجم المباراة، وكأنه يلعب فى وسط الملعب، وإن غابت تمريراته السحرية، ولكن أخلاقه ومشاعره ظلت فى كل أنحاء الملعب تطارد الجميع لتثبت لهم أنه ليس بلعب مباراة كرة قدم فقط تكون نجمًا، ولكن هناك أشياء كثيرة أخرى أهم من هذا. رحم الله شهداء مصر جميعًا وأدخلهم فسيح جناته.