ليس لدى شك فى أن الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، سيتأنى كثيرا فى اتخاذ أى قرار من شأنه عودة العلاقات المصرية الإيرانية إلى سابق طبيعتها قبل عام 1979، ولن تزيل مشاركته فى قمة عدم الانحياز المقامة نهاية أغسطس الجارى بالعاصمة طهران، الضبابية التى كانت تكتنف هذه العلاقات، ولن يتم رفع مستوى التمثيل الدبلوماسى بين البلدين إلى درجة سفير، وتتم إزالة العقبات أمام منح تأشيرات الدخول للإيرانيين. إن قرار عودة العلاقات بين القاهرةوطهران إلى طبيعتها من التحديات الكبرى التى تواجه سياسة مرسى الخارجية، وتواجهها مجموعة من العقبات، فهذه العودة لا تلقى قبولا جماعيا داخل مصر، خاصة من جانب التيار السلفى، الذى كان يعد ضمن الحلفاء الأقوياء لمرسى فى الانتخابات الرئاسية، فمازال هذا التيار ينظر لإيران نظرة الريبة والشك بسبب قضية التشيع، وبالتالى فإنهم يتحفظون، بل يرفضون تطبيع العلاقات مع طهران، حتى وإن كان هذا التطبيع فى مواجهة التحالف الأمريكى الإسرائيلى، لذلك فإن مرسى لن يسعى لإثارة غضب السلفيين. العقبة الثانية أمام عودة العلاقات متعلقة بتعاطى جماعة الإخوان المسلمين لطبيعة الدور الإيرانى فى المنطقة، ففى حين كانت ترحب الجماعة بالدعم الإيرانى لحركات المقاومة الإسلامية وفى القلب منها حركة حماس، فإنها رافضة للدعم اللامحدود الذى تبديه طهران لنظام الرئيس السورى بشار الأسد فى مواجهة الثوار السوريين، ومن بينهم إخوان سوريا الذين ذاقوا أشد أنواع العقاب والاضطهاد على يد نظام الأسد. العقبة الثالثة مرتبطة بمدى رغبة مرسى فى استرضاء أو عكننة واشنطن، فالكل يعلم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية معارضة بشدة لنظام الملالى فى إيران، وأنها تدعو فى السر والعلن كل القوى الدولية والإقليمية الحليفة أو القريبة منها لفرض العزلة على نظام أحمدى نجاد، لذلك فإن السؤال الآن: هل يضحى مرسى بعلاقاته التى بدت قوية خلال الفترة الماضية مع الولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل إيران، أعتقد أن مرسى لن يوافق على الدخول فى هذه المراهنة، خاصة أنها لا تقتصر على الولاياتالمتحدة فقط، وإنما تمتد لدول الخليج التى تتعرض بشكل دائم لتهديدات قادمة إليها من طهران، وتبحث عن مساندة مصرية لها، وفى المقابل فإن مصر فى حاجة لدعم الخليج الاقتصادى والاستثمارى لها. نعم إن مرسى فى حيرة من أمره، لكنه فى الغالب سيعتمد على سياسة الإمساك بالعصا من المنتصف، فزيارته لطهران سيتم تصويرها أمريكيا وخليجيا وداخليا أيضا للحلفاء السلفيين على أنها زيارة بروتوكولية لتسليم رئاسة قمة عدم الانحياز لنظيره الإيرانى، وأنها لا تشير من قريب أو بعيد إلى فكرة تطوير العلاقات مستقبليا، أما بالنسبة لإيران والداعمين لتطوير العلاقات معها داخليا فإن الزيارة ستكون بداية لانطلاقة لمحور مصرى إيرانى جديد يواجه المحور الأمريكى الإسرائيلى فى المنطقة.