كرة القدم ليست مجرد لعبة في مصر، بل صناعة كبيرة، وشغف الملايين، ومجال قادر على رفع اسم بلادنا فى كل المحافل الدولية.. ولكن الحقيقة الواضحة أن الكرة المصرية مازالت تحتاج إلى الكثير من التخطيط العلمي طويل المدى حتى تعود للمنافسة القوية وتستعيد مكانتها الطبيعية. مصر تمتلك على مدار تاريخها الكثير من المواهب التى تستحق أن تظهر للنور وأن تشق طريقها نحو العالمية، ولعل نموذج محمد صلاح وغيره من النجوم التى لمعت فى سماء أوروبا أروع الأمثلة على ذلك. ولكن ما يهمنا هنا كيف نخطط لمستقبل الكرة المصرية ومتى نبدأ.. أسئلة كثيرة تدور فى أذهاننا.. ولنبدأ بركائز التخطيط السليم الذي يجب أن تعتمد عليه المنظومة كاملة، مثل تطوير قطاع الناشئين وهو الأساس الحقيقي للنجاح ويمكن ذلك بإنشاء أكاديميات محترفة بإشراف فني متخصص، وعمل دوري قوي للناشئين بمواعيد ثابتة واهتمام إعلامي، واكتشاف المواهب من المدارس ومراكز الشباب بدل الاعتماد على العلاقات والوساطات، وإعداد مدربين ناشئين على أعلى مستوى، لأن البناء يبدأ من المدرب. الركيزة الثانية فى التخطيط وهى البنية التحتية الحديثة التى تخدم اللعبة، مثل زيادة عدد الملاعب التدريبية المعتمدة في المحافظات، وتحسين أرضية الملاعب في الدوري الممتاز والدرجة الثانية، مع توفير مراكز طبية رياضية متخصصة في التأهيل والعلاج. وذلك بالإضافة إلى الاحتراف الإداري مثل أوروبا وفصل كرة القدم عن الصراعات الإدارية والإعلامية، ووضع لوائح ثابتة لنظام انتقالات اللاعبين بدلاً من الفوضى التي تحدث كل موسم، مع الالتزام بميزانيات منضبطة تمنع المغالاة والديون. ومن التخطيط السليم أيضا تمكين المدرب المصري وتطويره، بإرسال المدربين لدورات خارجية مستمرة، ومنحهم فرصة حقيقية لقيادة الأندية والمنتخبات دون ضغوط، والاستفادة من خبرات المدربين الأجانب الحقيقيين، وليس "الأسماء التجارية" التي تأتي لحصد الأموال فقط. وماذا نحتاج أيضا للنهوض بالكرة المصرية.. فى اعتقادى نحتاج إلى دوري قوي، وتقليل عدد الأندية ووضع جدول ثابت دون توقفات طويلة، وبث تلفزيوني محترف يعظم دخل الأندية. كما يتطلب التخطيط العاجل للكرة المصرية وخطة واضحة للمنتخبات الوطنية، وذلك بناء منتخب أولمبي قوي ليكون اللبنة الأولى للمنتخب الأول، واعتماد قائمة "الجيل الذهبي الجديد" من اللاعبين الشباب ومتابعتهم باستمرار، وإقامة مباريات ودية حقيقية مع مدارس كروية كبيرة كالبرازيل والأرجنتين وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وغيرهم من المنتخبات القوية. كل هذا التخطيط بحاجة فعلية إلى صناعة جماهيرية واقتصادية متكاملة بعودة الجماهير بأعداد أكبر بشكل تدريجي، وتنظيم مسابقات تجذب الجمهور وتزيد من قيمة الدوري. الخلاصة أن نهضة كرة القدم لا تأتي بالصدفة، بل عبر تخطيط طويل الأمد، واستثمار في الناشئين، وإدارة محترفة، وبنية تحتية قوية. مصر تمتلك المواهب، والجماهير، والتاريخ، لكنها تحتاج فقط إلى خطة واضحة وإرادة حقيقية.. ووقتها يمكن أن تعود الكرة المصرية إلى مقدمة المشهد الإفريقي والعربي، وربما العالمي.