أيام قليلة تفصلنا عن إطلاق الحوار المهيكل الليبي الذي تسبب في انقسام سياسي بين المكونات الليبية قبل انطلاق جلساته، وذلك نتيجة عدم وضوح آلية اختيار أعضائه ال120 الذين سيناقشون موضوعات رئيسية هي: الحوكمة، الاقتصاد، الأمن، المصالحة الوطنية وحقوق الإنسان، ويهدف الحوار وفق ما أعلنته البعثة الأممية إلى توسيع نطاق المشاركة السياسية. والحوار المهيكل هو جزء أساسي من خطة المبعوثة الأممية لدى ليبيا هانا تيتيه التي طرحتها أمام مجلس الأمن الدولي في 21 أغسطس الماضي، وذلك بهدف معالجة المشكلات والشواغل التي تعيق إجراء الانتخابات في البلاد، وتتضمن الخطة أيضًا ضرورة تغيير أعضاء ورئيس مجلس إدارة المفوضية الوطنية للانتخابات، والاتفاق على الإطار الدستوري اللازم لإنجاز العملية الانتخابية. المشكلة الرئيسية التي تؤرق الشعب الليبي هي عدم وجود ضمانات بقبول كافة الأطراف بنتائج الانتخابات والعملية الديمقراطية، مما يصعّب المهمة أمام الأطراف والقوى الرامية لدعم الأمن والاستقرار، فضلًا عن فشل البعثات الأممية المتعاقبة في حل الأزمة الليبية، حيث عملت البعثة على مدار سنوات باستراتيجية إدارة الأزمة وليس حلها. تشكل التدخلات الأجنبية تحديًا كبيرًا أمام السلطات الليبية التي تسعى للحفاظ على سيادة واستقلالية البلاد في ظل أطماع خارجية، ويعد الجيش الوطني الليبي درع المواطنين في مواجهة أي محاولات من أيّة دولة أجنبية للتدخل في الشأن الداخلي الليبي وفرض أجندة بعينها. المسار العسكري في ليبيا هو قاطرة الحل السياسي؛ وبالتالي يجب العمل أولًا على توحيد المؤسسة العسكرية، والدفع نحو إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية وفق قرارات مجلس الأمن، ولعل أبرزها القراران 2570 و2571، كي تتمكن ليبيا من العمل على ترتيب الأولويات وإجراء الانتخابات في مناخ مستقر. الشارع الليبي يطالب بضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في أقرب وقت ممكن وبالتزامن، كي يضمن انتقالًا سياسيًا وديمقراطيًا سلسًا، وتجديد شرعية المؤسسات في البلاد خلال السنوات الماضية، كي تكون قادرة على مواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه ليبيا سواء ترسيم الحدود البحرية في منطقة المتوسط، أو التصدي للتدخلات الخارجية في شؤون البلاد، ومكافحة الإرهاب والتطرف الذي يتغلغل في دول الساحل. تعيش ليبيا في الوقت الراهن مرحلة مفصلية ستحدد مستقبل البلاد في ظل زيادة الاستقطاب السياسي، مع محاولات من أطراف خارجية لدفع الليبيين للصدام مجددًا، مما سيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار التي ستؤثر على منطقة شمال أفريقيا بشكل كامل، وتخريب كافة الجهود التي تقودها السلطات الليبية للتعافي اقتصاديًا بزيادة حجم إنتاج البلاد من النفط، والعمل على إعادة إعمار المدن المدمرة بتشييد بنية تحتية قوية. أخبار ليبيا، الجيش الليبي، التدخلات الأجنبية في ليبيا، المشير حفتر، الانتخابات الليبية، البعثة الأممية في ليبيا