كرة القدم في العالم العربي ليست مجرد لعبة، بل هي حلم جماعي وشغف يتجاوز حدود المستطيل الأخضر، فمنذ سنوات طويلة، كانت المشاركة في كأس العالم تقتصر على تمثيل مشرف فقط، دون أن نلمس لمسة حقيقية أو منافسة جدية على اللقب، لكن بدأت الصورة تتغير تدريجيًا، خاصة بعد الإنجاز التاريخي للمنتخب المغربي الذي حقق المركز الرابع في مونديال قطر 2022، رافعًا سقف الطموح أمام كل المنتخبات العربية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: متى سنرى منتخبًا عربيًا يتوج بكأس العالم؟
الإجابة ليست سهلة، لكنها ممكنة إذا تبعنا روشتة واضحة لبناء منتخب قادر على المنافسة على أعلى مستوى عالمي.
1- صدق الحلم أول خطوة لأي منتخب عربي يريد المنافسة على اللقب هي الإيمان بقدراته وبحلم التتويج، فلا يمكن لأي فريق أن يحقق المجد إذا كان مجرد "يمثل مشرفًا"، ومن هنا يجب أن يكون الهدف واضحًا وطموحًا، وأن يعيش اللاعبون هذا الحلم يوميًا، من التدريبات إلى المباراة الأخيرة في البطولة.
2- عدم الخوف من المنتخبات العالمية الاحترام موجود، لكن الخوف ممنوع، فكثير من المنتخبات العربية تدخل المونديال وهي تركز على الخوف من الأسماء الكبيرة مثل البرازيل أو ألمانيا أو فرنسا أو الأرجنتين، بينما الفوز يحتاج إلى الشجاعة والمواجهة الذهنية والبدنية للفريق الأقوى على الورق.
3- التركيز على العامل البدني التنافس على مستوى كأس العالم يتطلب تجهيزًا بدنيًا استثنائيًا، لذا يجب أن يكون اللاعبون قادرين على الصمود في أجواء صعبة ومواصلة اللعب على أعلى مستوى طوال 90 دقيقة، وحتى الوقت الإضافي، وهذا يتطلب برامج تدريبية حديثة وعلمية، لا مجرد استعدادات تقليدية.
4- التركيز على العامل النفسي جانب مهم جدًا لا يقل أهمية عن البدني وهو الاستعداد النفسي، القدرة على السيطرة على الضغوط الجماهيرية والإعلامية، وتحمل لحظات الحسم، كلها عوامل تحدد مدى قدرة المنتخب على تحقيق الإنجاز.
5- البعد عن المجاملات في الاختيارات لا يمكن الفوز بمونديال إذا كانت اختيارات المدرب تعتمد على المجاملات أو الانتماءات الشخصية، فيجب أن يكون التشكيل قائمًا على الأداء الفني والإمكانات الحقيقية لكل لاعب، بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.
6- دراسة المنافسين فنيًا بشكل مميز معرفة نقاط القوة والضعف لكل خصم تعتبر مفتاحًا رئيسيًا في التحضير لمونديال، التحليل الفني الدقيق لكل منتخب يمكن أن يمنح الفريق العربي أفضلية تكتيكية تساعده على تجاوز عقبات أقوى الفرق العالمية.
7- الاستفادة من التجارب العالمية
نحن بحاجة إلى تطوير نظام إدارة الكرة لدينا، والاستثمار في صناعة لاعبين على مستوى عالمي كما فعلت الدول الأوروبية والأمريكية الجنوبية، إنتاج لاعب مثل محمد صلاح أو أشرف حكيمي ليس معجزة، بل نتيجة نظام متكامل من التدريب، التخطيط، والدعم المؤسسي. اليوم، نحن أمام مثال حى قبل مونديال أمريكا 2026، فقد وقع المغرب في المجموعة الثالثة إلى جانب البرازيل، بينما وقع منتخب الجزائر والأردن مع الأرجنتين في المجموعة العاشرة، ومصر مع بلجيكا وإيران ونيوزيلندا في المجموعة السابعة، وتونس مع هولندا واليابان، والسعودية في مجموعة صعبة تضم إسبانيا والأوروجواي، كل هذه التجارب تُظهر أن التحديات كبيرة، لكن الطموح أكبر. الخلاصة، كرة القدم العربية تحتاج إلى صدق الحلم، التحضير البدني والنفسي، الانضباط الفني، والتخطيط الاستراتيجي للوصول لمنصة التتويج، فقط بهذه العناصر يمكن لأي منتخب عربي أن يحقق ما حلم به الملايين ويحول التمثيل المشرف إلى إنجاز تاريخي. في النهاية، كرة القدم ليست مجرد لعبة، إنها نبض الجماهير، متعة الوطن، وأداة لتعزيز الانتماء، وعندما يلتزم اللاعبون، الإدارة، والجماهير بنفس الهدف، يصبح الحلم ممكنًا، وتتحول منصات التتويج العالمية من مجرد أمنيات إلى واقع ملموس.. ونحن لمنتظرون وصول منتخب عربي لتحقيق حلم الفوز بكأس العالم مستقبلًا.