مرض الزهايمر من أكثر الأمراض العصبية غموضًا، فهو لا يظهر فجأة، بل تتسلل علاماته ببطء داخل حياة الإنسان، وقد تبدأ أعراضه الخفية في الظهور قبل نحو 18 عامًا من التشخيص الرسمي للمرض، وفق ما أكده خبراء طب الأعصاب، ويشكل التحدي الأكبر في هذا المرض القدرة على التمييز بين مشكلات الذاكرة الطبيعية الناتجة عن التقدم في العمر، وبين العلامات التحذيرية المبكرة لمرض الزهايمر، بحسب تقرير نشرته صحيفة "The Telegraph" البريطانية. قال الدكتور بيتر رابينز، مؤسس قسم الطب النفسي لكبار السن في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية، إن ما يصل إلى 25% من الأشخاص الذين تجاوزوا سن ال 65 والذين تظهر عليهم مؤشرات "ضعف الإدراك البسيط"، قد تتحسن حالتهم تمامًا بعد عام واحد فقط. وأضاف رابينز أن العالم شهد تحولًا كبيرًا خلال الخمسين عامًا الماضية في فهم هذا المرض، إذ أدرك العلماء أن ما كان يُعرف قديمًا ب"الخرف" أو "الشيخوخة المجردة" ليس مرحلة طبيعية من العمر كما كان يُعتقد، بل هو مجموعة من الأمراض التي تصيب الدماغ وتؤثر على الذاكرة والتفكير والسلوك. ففي سبعينيات القرن الماضي، كان الباحثون يرون أن الزهايمر نتيجة حتمية لتقدم العمر، لكن الدراسات الحديثة أكدت أنه مرض دماغي مستقل يمكن اكتشافه في مراحله الأولى من خلال ملاحظة تغيرات دقيقة في الذاكرة والسلوك والتنظيم اليومي. واستنادًا إلى سنوات طويلة من الخبرة في علاج آلاف المرضى، وضع الدكتور رابينز اختبارًا بسيطًا يتكون من عشرة أسئلة يمكن من خلالها اكتشاف العلامات المبكرة لألزهايمر في دقيقة واحدة فقط. 1. هل تواجه صعوبة في تذكر أسماء الأصدقاء المقربين أو أفراد العائلة؟
النسيان البسيط للأشياء اليومية أمر طبيعي، لكن نسيان أسماء المقربين أو المواعيد الهامة يُعد مؤشرًا مثيرًا للقلق. فإذا كنت تتحدث مرارًا عن حدثٍ ما ثم تنساه تمامًا، فهذه علامة تستحق استشارة الطبيب. 2. هل تجد صعوبة في أداء المهام التي كنت تتقنها سابقًا؟
إن فقدان القدرة على القيام بأعمال كنت بارعًا فيها، مثل إدارة الأموال أو الطهي أو التعامل مع الأجهزة المنزلية، قد يكون مؤشرًا على تراجع القدرات التنفيذية المرتبطة بمرض الزهايمر. 3. هل تواجه صعوبة في تنظيم المهام اليومية؟
يؤثر الزهايمر في البداية على القدرات التنظيمية والتخطيطية أكثر من تأثيره على الذاكرة المباشرة. قد يتذكر الشخص المكونات الخاصة بطبقٍ ما، لكنه يعجز عن ترتيب الخطوات الصحيحة للطهي أو متابعة أكثر من مهمة في الوقت نفسه. 4. ما هي الأدوية التي تتناولها؟
قد لا يكون التدهور الادراكي ناتجًا عن مرضٍ في الدماغ، بل عن بعض الأدوية التي تؤثر على التركيز والانتباه، خصوصًا تلك التي تمتلك تأثيرًا مضادًا للكولين. وغالبًا ما تختفي هذه الأعراض بعد تقليل الجرعة أو إيقاف الدواء بإشراف الطبيب. 5. هل تغيرت شخصيتك فأصبحت أكثر عبوسًا أو تساهلًا من المعتاد؟
يشير الخبراء إلى أن تغير الشخصية في المراحل المتقدمة من العمر قد يُفسر أحيانًا على أنه نتيجة للتقاعد أو الشيخوخة، لكنه في الواقع قد يكون علامة على تغيرات دماغية. وفي بعض الحالات، يبدو التغير إيجابيًا، كأن يصبح الشخص أكثر لينًا أو عاطفية، إلا أنه في الحقيقة قد يعكس بداية المرض. 6. هل تقلق كثيرًا بشأن ذاكرتك أو قدراتك الإدراكية؟ القلق المفرط من فقدان الذاكرة أو صعوبة التركيز قد يكون في حد ذاته مؤشرًا مبكرًا على الإصابة. بعض الأشخاص يبدأون في الانسحاب من الأنشطة الاجتماعية أو التوقف عن السفر خوفًا من الفشل في التفاعل مع الآخرين. 7. هل تغيرت أنماط نومك مؤخرًا؟
أظهرت دراسات أن اضطرابات النوم المزمنة قد تسرّع التدهور الإدراكي. وفي المقابل، يمكن أن تكون التغيرات المفاجئة في عادات النوم مثل النوم الزائد، أو الأرق، أو القيلولة المتكررة علامة على تغيرات في الدماغ مرتبطة بالزهايمر. 8. هل أصبحت أكثر انعزالًا أو فقدت شغفك بالأنشطة التي كنت تستمتع بها؟
فقدان الاهتمام المفاجئ بالهوايات والأنشطة الاجتماعية، أو الشعور باللامبالاة تجاه الأحفاد أو الأصدقاء، قد يعكس بداية التنكس العصبي. قال رابينز: "شهدت حالات كثيرة لمرضى كانوا يحبون القراءة بانتظام، ثم توقفوا فجأة دون سبب واضح". 9. هل تعاني من مشاعر اكتئاب أو جلد ذات؟
قد يبدأ بعض المصابين بالمرض بلوم أنفسهم على أشياء لا يتحكمون بها، أو يشعرون بانخفاض حاد في تقدير الذات، وهي علامات نفسية تُنذر بوجود خلل عصبي عميق. 10. هل لاحظت العائلة تغيرًا في سلوكك أو قدراتك دون وعي منك؟ غالبًا ما يكون المحيطون بالشخص أول من يلاحظ هذه التغيرات، لذلك ينصح الأطباء بالاعتماد على ملاحظات أفراد الأسرة كعامل مساعد في التشخيص المبكر. أكد الدكتور رابينز أن الإصابة بالزهايمر لا تعني نهاية الحياة، إذ يعيش معظم المرضى نحو عشر سنوات بعد ظهور الأعراض الأولى، ويمكن تحسين نوعية حياتهم بشكل كبير عبر العلاج المبكر والدعم الأسري والتقييم المنتظم. ويختتم قائلاً: "راقبوا ليس فقط معاناة المريض، بل أيضًا نقاط قوته المتبقية، فذلك يساعد في إيجاد سبل لتحسين حياة الجميع".