لازال السادس من أكتوبر 1973، العاشر من رمضان لعام 1393، يشى بحكايات النصر وبطولات الرجال لمن يريدون تحصين الوعى للأجيال القادمة لتكون وهجا ساطعا ورافدا ثريا يفجر الطاقات الإبداعية نظما ونثرا بالكلمات وومضا بالعدسات وعزفا بالأوتار ليملئ وجدان الأجيال القادمة فخرا وشموخا لانتسابهم لهذا الوطن الذى طالما جاد بالشجعان من رجاله، وما زال التاريخ يحفظ انفرادا للمقاتل المصرى على مر العصور، وحده المقاتل المصرى الذى كانت له التحية من عدوه ونده، فسيذكر التاريخ على مداره تحية عدونا للبطل النقيب عاطف السادات واحد من أبطال معارك القوات الجوية، الطيار الفذ الذى ألهب مطار العدو حتى احترق مع طائرته، تفرد مقاتلكم وتميز على غيره فى أن ينال إعجاب وتقدير العدو والصديق.. وما كان عمر النصر إلا بعمر العزيمة فى صدور الرجال، التى مازالت صلبة وللأبد.. وما كان بقاؤه فى ذاكرة التاريخ إلا بقدر بقائه فى وجدان الشعوب، وهو مازال ملهمنا الأول.. وما كان الزهو بالنصر ليبقى لولا بقاء الإرادة فى الحفاظ عليه وللابد.. أكتوبر- رمضان العبور.. ما زالت صورته شاخصة جلية أمامنا، تكحل أعين الوطن.. القصة الثانية : عاطف السادات أول شهيد طيار يوم 6 أكتوبر يروى الجندى الإسرائيلى - شاهد العيان- وهو يعمل طبيبا بمستشفى جامعة «جورج تاون» بالولايات المتحدةالأمريكية ويدعى آيرون بن شتاين الواقعة قائلا: "كان عمرى وقت الحرب عشرين عاما، وكنت مجندا بالقوات الجوية الإسرائيلية بمطار المليز فى سيناء، فى هذا اليوم كان أغلب الضباط والجنود فى إجازة عيد الغفران ولم يكن بالمطار إلا حوالى 20 فردا، وفى الثانية والربع ظهرا فوجئنا بطائرتين من طراز (سوخوى) و(ميج) تهاجمان المطار، قام الطيار الأول بمهاجمة الممرات وحظائر الطائرات ودمرها تماما. أما الطيار الثانى (يقصد الشهيد عاطف السادات) فأخذ يهاجم صواريخ الدفاع الجوى فى المطار وكانت من طراز(سكاى هوك) وكانت المسؤولة عن حماية المطار. انسحب الطيار الأول بعد أن أدى مهمته، أما الثانى فقد استمر فى مهاجمة الصواريخ فى دورته الثانية. ولكوننا مدربين على أكثر من طراز من الأسلحة، أطلقت أنا وزميلى النار من مدفع مضاد للطائرات، إلا أن هذا الطيار فاجأنا بمواجهتنا بطائرته وإطلاق الرصاص من مدفعه بقدرة مدهشة على المناورة، فأصاب زميلى بإصابات بالغة بعد أن فشلنا فى إسقاطه، إلا أن زميلا آخر لى نجح فى إصابته بصاروخ محمول على الكتف فى دورته الثالثة، بعد أن دمر وشل المطار تماما. كما يقول «شتاين» فى روايته، فإنهم كجنود لم يكونوا على علم وقتها باندلاع الحرب، وكانت صدمتهم قوية عندما علموا أن قائد تلك الطائرة هو نفسه شقيق رئيس مصر. ويضيف: "شعرنا لحظتها بمشاعر مختلفة وتخوفنا من انتقام مصر لمقتل شقيق الرئيس، خاصة فى ظل حالة الارتباك التى أصابت القيادة الإسرائيلية وقتها، وأذكر أنه عندما حضر الصليب الأحمر لاستلام جثمانه الذى كان قد احترق داخل الطائرة قمنا بتأدية التحية العسكرية له احتراما لشجاعته".