بث مباشر تابع لحظة بلحظة.. مباراة الجزائر ضد العراق في كأس العرب 2025    صحة الإسماعيلية تجرى الكشف علي 830 مواطنًا خلال يومي القافلة الطبية بقرية الدوايدة بالتل الكبير    النائب محمد رزق: تقرير «فيتش» يعكس ثقة عالمية في الاقتصاد المصري ويؤكد صلابة برنامج الإصلاح    ارتفاع البورصات الخليجية مع ترقب اجتماع الفيدرالي الأمريكي    جيش الاحتلال يقتحم قرية المغير برام الله ويحتجز فلسطينيين    تصاعد حدة القتال بين تايلاند وكمبوديا على طول الحدود المتنازع عليها    تنسيقية الأحزاب: غلق باب التصويت في انتخابات النواب بالخارج باليوم الثاني    نائب برشلونة عن مواجهة الريال والسيتي: جوارديولا يعرف ما يجب عليه فعله    الحكم بإعدام المتهم بواقعة التعدي على أطفال مدرسة الإسكندرية خلال 10 أيام    فرقة نويرة تحتفى بفيروز على المسرح الكبير بدار الأوبرا    الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يواجه اضطرابات محتملة مع اقتراب اجتماعه الحاسم بشأن خفض الفائدة    مستشار وزير الصحة: ننقل خبراتنا الطبية إلى جامبيا عبر المركز الطبي المصري    بنك مصر يدعم 5 مستشفيات حكومية ب 67.5 مليون جنيه    فرق البحث تنهى تمشيط مصرف الزوامل للبحث عن التمساح لليوم الخامس    «فيتش» تمنح الاقتصاد المصري ثقة دولية.. من هي هذه المؤسسة العالمية؟    وتريات الإسكندرية تستعيد ذكريات موسيقى البيتلز بسيد درويش    توقف عضلة القلب.. وزارة الشباب والرياضة توضح تفاصيل إصابة لاعب بمباراة الدرجة الرابعة    رئيس جامعة العاصمة: لا زيادة في المصروفات وتغيير المسمى لا يمس امتيازات الطلاب (خاص)    500 قرص كبتاجون و2 كيلو حشيش و20 جرام بانجو.. مباحث بندر الأقصر تضبط عنصر إجرامي بمنشاة العماري    القومي للمرأة ينظم ندوة توعوية بحي شبرا لمناهضة العنف ضد المرأة    محافظ القليوبية يشارك في احتفال الرقابة الإدارية باليوم العالمي لمكافحة الفساد بجامعة بنها    "مصر للصوت والضوء" تضيء واجهة معبد الكرنك احتفالًا بالعيد القومي لمحافظة الأقصر    استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم لليوم الرابع في العصامة الجديدة    تركيا تدين اقتحام إسرائيل لمقر أونروا في القدس الشرقية    10 سنوات مشدد لبائع خضروات وعامل.. إدانة بتجارة المخدرات وحيازة سلاح ناري بشبرا الخيمة    كوارث يومية فى زمن الانقلاب… ارتباك حركة القطارات وزحام بالمحطات وشلل مرورى بطريق الصف وحادث مروع على كوبري الدقي    القاهرة الإخبارية: قافلة زاد العزة ال90 تحمل أكثر من 8000 طن مساعدات لغزة    شباب الشيوخ توسع نطاق اختصاصات نقابة المهن الرياضية    لا كرامة لأحد فى زمن الانقلاب.. الاعتداءات على المعلمين تفضح انهيار المنظومة التعليمية    وفاة شخص صدمته سيارة بصحراوي سمالوط في المنيا    بدء تفعيل رحلات الأتوبيس الطائر بتعليم قنا    غدًا.. فصل الكهرباء عن قريتي كوم الحجنة وحلمي حسين وتوابعهما ببيلا في كفر الشيخ    منافس بيراميدز المحتمل - مدرب فلامنجو: نستهدف المنافسة على اللقب    نيللي كريم: مبقتش أعمل بطولات وخلاص عشان أثبت إني ممثلة كبيرة    الأعلى للإعلام يستدعى المسئول عن حساب الناقد خالد طلعت بعد شكوى الزمالك    متحدث «الأوقاف»: مصر قرأت القرآن بميزة «التمصير والحب» لهذا صارت دولة التلاوة    ارتفاع ضحايا زلزال شرق اليابان إلى 50 شخصا.. وتحذيرات من زلزال أقوى    شتيجن يعود لقائمة برشلونة ضد فرانكفورت في دوري أبطال أوروبا    كييف: إسقاط 84 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    ليوناردو دي كابريو يهاجم تقنيات الذكاء الاصطناعي: تفتقد للإنسانية وكثيرون سيخسرون وظائفهم    المشاط تتسلم جائزة «القيادة الدولية» من معهد شوازيل    جامعة قناة السويس تقدّم خدمات علاجية وتوعوية ل711 مواطنًا خلال قافلة طبية بحي الأربعين    مدبولي يتفقد مشروع رفع كفاءة مركز تكنولوجيا دباغة الجلود بمدينة الروبيكي    حزب الاتحاد: لقاء الرئيس السيسي مع حفتر يؤكد حرص مصر على استقرار ليبيا    مراسلة قطاع الأخبار بالرياض: الأعداد تتزايد على لجان الانتخاب في السعودية    رياضة النواب تهنئ وزير الشباب بفوزه برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو    صلاح وسلوت.. مدرب ليفربول: أنا مش ضعيف وقلتله أنت مش هتسافر معانا.. فيديو    قرار عاجل لمواجهة أزمة الكلاب الضالة في القاهرة    وزارة الاستثمار تبحث فرض إجراءات وقائية على واردات البيليت    رنا سماحة تُحذر: «الجواز مش عبودية وإذلال.. والأهل لهم دور في حماية بناتهم»    البابا تواضروس الثاني يؤكد وحدة الكنيسة خلال لقائه طلاب مدرسة مارمرقس بسيدني    فحص 7.4 مليون تلميذ ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    رئيس اللجنة القضائية: تسجيل عمومية الزمالك يتم بتنظيم كامل    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"درس أكتوبر" الذى سيبقى
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 10 - 2025

حينما سألوا أديب مصر العالمى نجيب محفوظ عن رأيه فى حرب أكتوبر المجيدة.. قال: "إن 6 أكتوبر ثورة وليست معركة وحسب، فالمعركة صراع قد ينتهى بالنصر أو بغيره.. ولكن الثورة وثبة روحية تمتد فى المكان والزمان حتى تحقق الحضارة.. إنها رمز الثورة الإنسان على نفسه، وتجاوزه لواقعه، وتحديده لمخاوفه، ومواجهة لأشد قوى الشر عنفا وتسلطا.. إن روح أكتوبر لا تنطفئ.. فقد فتحت لنا طريقا بلا نهاية.. ليس العبور سوى أول قفزة فى تيار تحدياته".
هذه هى حكمة "أديب المؤرخين ومؤرخ الأدباء"، الذى ينظر إلى الهوية المصرية بزاوية أخرى.
قبل ثلاثة عقود من الآن، تشرفت بالعمل محررا عسكريا، لأقدم للقراء نوعا فريدا من الكتابة المتخصصة، لكنها فى الوقت ذاته تحمل عمقا إنسانيا لعسكرية من أقدم وأعرق وأشرف العسكريات على مستوى العالم، وهى العسكرية المصرية الأصيلة، بتاريخها المشرف عبر العصور.
خلال السنوات التى تشرفت فيها بالعمل محررا عسكريا، شاء لى القدر أن ألتقى عددًا كبيرًا من قادة النصر وصناعه، فى حوارات مطولة وعميقة، استطعت خلالها أن أسجل شهادات وثائقية صوتية ومكتوبة - نقلت غالبيتها للقارئ فى مؤلفات وكتابات صحفية.
لم يعرف جيش مصر عبر تاريخه الطويل مرارة كتلك التى عاشها فى يونيو 1967، كانت النكسة صدمة عميقة، ليس لأنها مجرد هزيمة عسكرية، بل لأنها تركت شعورًا بالظلم فى وجدان كل جندى وضابط. الجيش لم يكن سبب الكارثة، بل كان ضحيتها الأولى، لكن المصريين كعادتهم حوّلوا هذه المرارة إلى دافع، وهذا الظلم إلى طاقة، فاشتعلت الصدور بالرغبة فى الثأر، ورد الكرامة، واستعادة الأرض.
ست سنوات كاملة حملت مصر فيها عبء النكسة، نصفها فى حرب استنزاف دامية لا تهدأ، ونصفها الآخر فى صمت الاستعداد، كثيرون لم يُحسنوا قراءة تلك المرحلة، وقللوا من قيمتها، لكنها فى الحقيقة كانت جدار الأساس الذى بُنى عليه نصر أكتوبر. جهد وعرق ودماء وتضحيات، كلها تراكمت لتصنع لحظة العبور. فلا نصر يأتى من فراغ.
فى حرب الاستنزاف كان الجيش يخوض معاركه بالدم، فى مواجهة يومية، واحتكاك مباشر، وتجارب أكسبت الجندى المصرى خبرة مواجهة الخوف، ثم تجاوزه إلى الثبات والإصرار على النصر، فالمقاتل يواجه أولاً خوفه الداخلى، ثم يتجاوزه بالإصرار على لقاء عدوه، وهنا يولد الإيمان بالنصر. كانت تلك الحرب مدرسة صقلت الرجال وأعدت القلوب والعقول ووجدان الأمة لمعركة التحرير.
على الضفة الشرقية من قناة السويس أقام العدو ما ظنه سدًا لا يُقهر، ساترا ترابيا شاهقا التصق بالماء، خط بارليف بمدافعه وقلاعه، ليزرع فى نفس الجندى المصرى شعور العجز واليأس، لكن المعركة لم تكن مجرد مواجهة سلاح بسلاح، بل إرادة ضد أوهام.
فى الكواليس كانت مصر تُخطط لسياسة تعزل إسرائيل وتكشف عنادها، واقتصاد يُجهّز الدولة للحرب، وتحالفات تُرتب المواقف الدولية، حتى الدعم السوفيتى الذى جاء محدودًا لم يُضعف التصميم المصرى، بل زاد الحاجة إلى الاعتماد على الذات.
وحين جاء أكتوبر، كان لا بديل عن المواجهة المباشرة واقتحام القناة وعبورها وجهاً لوجه مع التحصينات، لم تعرف الحروب من قبل عملية اقتحام بهذا الحجم والتعقيد.
كان على الجندى أن يصمد ست ساعات كاملة فى مواجهة دبابات العدو قبل أن تلحق به أسلحة الدعم الثقيلة، ومع ذلك، مضى المصريون، وأزاحوا خط بارليف، وأثبتوا للعالم أن المستحيل كلمة لا مكان لها على ضفاف القناة.
جاء السادس من أكتوبر 1973، فإذا بالمفاجأة الكبرى، إسرائيل التى طالما رددت أن جيشها لا يُقهر، فوجئت بانهيار ثقتها فى نفسها قبل أن تنهار مواقعها، جهاز مخابراتها الذى ادعى الإحاطة بكل خفايا الشرق الأوسط، انكشف أمام خطة خدعت إسرائيل وأمريكا معًا، مصر وسوريا قلبتا المعادلة فى لحظة واحدة، فاهتزت صورة إسرائيل أمام نفسها وأمام العالم.
بعد وقف إطلاق النار، لم تهدأ الصدمة داخل إسرائيل. خلال أقل من شهر وجدت حكومتها نفسها مضطرة لتشكيل لجنة تحقيق سرية تبحث فى أسباب "التقصير الجسيم". كان ذلك اعترافًا صريحًا بأن حرب أكتوبر لم تكن معركة عابرة، بل زلزالًا استراتيجيا هز أركان كيانٍ قام على الغطرسة والوهم.
لم تكن حرب أكتوبر مجرد انتصار عسكري، بل كانت درسًا خالدًا ملخصه أن الهزيمة ليست نهاية الطريق، بل قد تكون بدايته، وأن النصر الحقيقى يولد من الألم، ومن الإصرار على تحويل الجرح إلى قوة، والمرارة إلى وقود للحياة. إنها لحظة ستبقى حيّة ما بقيت مصر، تذكّرنا بأن المستحيل يمكن أن ينكسر، وبأن الكرامة حين تُمس، لا تُسترد إلا بالدم والإرادة والنار.
اليوم.. بعد أكثر من خمسة عقود على الانتصار العظيم، لازال الدرس باقيا فى أمة تواجه تحدياتها بكل إصرار، وفى جيش رشيد يعرف قيمة الحرب وأبعادها..
حرب أكتوبر لم تكن درسا عابرا، لكنه درس يستحق الفحص والدرس كما قال قائد المعركة وبطلها محمد انور السادات..
إنه درس سيظل باقيا فى كل عصر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.