عندما نقول إن التعليم قاطرة النهضة، فإن هذا يعنى أن مؤسساته تقدم خبرات نوعية، تشمل جديد وأصيل المعرفة، وصور التفرد المهارى، الذى تترجمه الممارسة فى إطار الإتقان، الذى يعنى دقة، وسرعة الأداء، والتكامل فيما بين معارفنا، ومهاراتنا، التى تشكل لدينا وجدانيات، تتغذى على نبل القيم، والخلق القويم بما يكوّن الميول العلمية، والاتجاهات الإيجابية نحو العلم، ومن يحمل رسالته السامية، ناهيك عن التقدير، والامتنان المؤسسى، اللذين يعززان الولاء، والانتماء فى كليهما. إعمار الأوطان يحتاج لبنّاء لديه فقه الأولويات، يحوز تفكيرًا، يعينه على التصدى للمشكلات فى إطار آليات منهجية، تعتمد على البحث، وتحليل البيانات، من خلال الاستقراء، والاستنتاج، والاستقصاء؛ بالإضافة إلى النظرة العميقة، التى تقوم على ملاحظة نصفها بالمعيارية، أو الرصينة؛ حيث نعوّل على نتائجها فى معالجة قضايانا، بل، نتبنى سيناريوهات، تساعدنا فى استشراف المستقبل، والاستعداد؛ لمواجهة متغيراته بمزيد من الأداءات الوظيفية، التى تستهدف التقدم نحو غاياتنا قريبة، وبعيدة المدى. صيغ التعليم الدولى تقوم فلسفته على إكساب المتعلم تفردًا مهاريا يطلبه، بل، وتبحث عنه مجالات سوق العمل النوعية، وهذا يحتّم عليها أن تواكب تغيرات، ومتغيرات من شأنها أن تنال من المناهج الدراسية، وعناصرها؛ كى تتناغم سيناريوهات الإعداد، وبرامجه المرنة مع حداثة، ومستجدات ساحات العمل بكل تنوعاته، وهذا ما يجعلنا نثمّن الجهود البناءة، التى تود أن تحول نظامنا التعليمى الكلاسيكى إلى نظام نواجه من خلاله التحديات الجمّة، التى تواجه كل مجالات الحياة العلمية، والعملية، والمعيشية. إذا ما خاطب النظام التعليمى العقل، وساعد فى قدح الذهن بصورة فاعلة عبر أنشطته، وساعد على تعزيز فلسفة الفروق الفردية، وعضّد من جنى ثمار الإتقان، واهتم بترقية، ورقى الوجدان؛ فإنه يتوجب علينا أن نتمسك به؛ ليخلق مناخًا داعمًا، يساعد على تحقيق مستهدفاته، وهنا نصبح على جاهزية حقيقة تجاه بناء إنسان، يمتلك مقوّمات الصحة العامة، كونه يمتلك ماهية الإدراك، ويثق فى أحاسيسه، ويمارس التخيل، الذى يخلق من خلال بوابته أفكارًا، تحمل معان الإبداع، والابتكار. بناء إنسان يستطيع أن يصنع قرار، ويتخذه فى الوقت المناسب، لا يخرج عن مساق إعداد مقصود، عبر بوابة المؤسسة التعليمية، التى تقدم أنشطة تتفاعل معها الأذهان، وتتعلق بها أحاسيس، ومداخل التعلم؛ ومن ثم نرصد التعاطى من خلال مقدرة المتعلم على معالجة البيانات، والمعلومات؛ ليحسن توظيفها فى حل مشكلاته، أو أية قضايا تعرض، أو يتعرض لها، وهنا نستطيع القول بأن نظم تعليمنا قد باتت رائدة، وقادرة على مواكبة التسارع المعرفي، والتقنى على السواء. أرى أن النظام التعليمى المراد تطبيقه فى العام القادم، وهو البكالوريا له مميزات تفوق النظام السائد؛ فعند النظر إلى مرحلة التمهيد نجد أنها كاشفة للمتعلم نفسه ما لديه من قدرات، وما يميل نحوه من تخصص، أو مجال مُحبّب لديه، وما يتطلع أن يتعمق فى غماره من متلون العلوم، وهنا يدرك احتياجاته التعليمية، ومقدار شغفه، ليس هذا فحسب؛ فهناك قدرات تفكيرية، نسميها الأساليب المفضلة لكل طالب، فهناك من لديه أسلوب التفكير التركيبي، وآخر أسلوب التفكير العملي، أو التحليلي، أو المثالي؛ ومن ثم يختار بصورة صائبة مواده التخصصية، التى تتقابل مع أسلوب للتفكير المفضل لديه. لدىّ أمل فى أن يحقق هذا النظام المستحدث ثمرات يانعة، من خلال مقرراته، وأنشطته، التى تستهدف تنمية عقول الأبناء فى مرحلة التعليم قبل الجامعي، وأعتقد أن نجاحه يحتاج إلى وعى صحيح بغايات قصيرة، وطويلة الأمد؛ ومن ثم يتوجّب علينا أن نترك الفرصة لخوض واحة التغيير؛ لنرى ما تقر به الأعين؛ حيث تمكن الطلاب من خبرات تعليمية مربية، تساعدهم فى السير قدمًا نحو استمرارية العطاء بدروب التعليم اللاحقة، التى تستكمل إعدادهم لسوق العمل، الذى أضحى يؤكد على مطالبه بكل تبيان، والتى يعلوها امتلاك الخريج مهارات القرن الحادى والعشرين فى ثيابها المتجدد.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.