بالأمس، كان يوم 25 - 5 - 2025، وكما نرى هناك خمسات كثيرة فى هذا التاريخ، وهى خمسات لا تعنى أى شىء سوى أنها تواريخ مثل غيرها، اليوم مر مثل باقى أيام السنة بشكل عاد وطبيعى، لكنه لم يكن طبيعيا طوال الأسبوع الماضى لدى عدد من كبار الهابدين من الزملاء فى برامج التوك شو، الذين اخترع كل منهم فقرة يحاول فيها الظهور فى شكل الفاهم العارف، بينما هو مجرد «هباد» يردد كلاما سمعه أو شاهده فى برامج التنجيم التافهة، التى اعتاد روادها ونجومها أن يظهروا كل فترة مع غيرهم من المذيعين، ليبحثوا عن أى مشاهدات تلم قرشين من المتابعين السذج وأرباب التفاهة العميقة. قبل مدة، خرجت إحدى منجمات التوك شو لتعلن أنه فى يوم 25-5-2025، ستحدث أشياء رهيبة ومرعبة، ثم تطور التنجيم الخزعبلى بالحديث عن زلزال كونى يدمر العالم، طبعا انطلق منجمو الخزعبلات فى كل مكان، وبلوجرز ومغامرون وباحثون عن مشاهدات أو لايكات، سنجد عشرات المدعين خرجوا وقد كشر كل منهم عن دماغه، وانطلق فى وصلة ذكاء تنجيمى اصطناعى ترددى، ليعلن أنه «سوف تحدث أشياء فى الحاجات»، وأن عدد الخمسات الكثيرة التى نراها فى الرقم تتطلب منا الانتباه إلى أن حاصل جمع الأرقام وطرح الجذور التربيعية، وقسمة اللوغاريتمات تظهر وجود مواضيع غامضة فى بناء الحسابات المنجلية. وإذا كان المنجم متربح، فالمستمع بلوجر، لكن للمفارقة أن بعض الزملاء الإعلاميين اندمجوا هم أيضا فى مولد الهبد التنجيمى، وخرج بعضهم ليقدموا حلقات ليرددوا فيها الخزعبلات بلا أى خجل أو احترام للذات أو العقل من قنوات بير السلم التى تؤجر الهواء، إلى قنوات فوق السلم التى يفترض أن بها عقلاء يدعون مواجهة الادعاءات. اندمج زميل توكشوى فى وصلة هندسة تحليلية، ونقل ما رددته قنوات الهبد أو مواقع الكذب، وبلوجر الغبرة،وقعد الزميل ليعيد حسابات ادعائية عن علاقة الخمسات بالعشرات، والعشرينيات بالسبعات، وأن حاصل جمع وطرح وضرب الأرقام يشير إلى أن هناك أى كلام فى آفاق المثلثات الدائرية، وأن تربيع المثلث يمكن أن يربع شبه المنحرف، وظل الزميل يردد الأرقام بشكل هو نفسه لا يفهمه، لكنه يريد أن يجذب مشاهدات حتى ولو على حساب إقلاق الناس وإثارة الفزع، والسبب أن الزميل فارغ ولا يعرف شيئا، ويريد أن يبدو عارفا بجهله الاصطناعى. وطبعا هذه الحفلة الهبدية لا تفوت بعض الزملاء، الذين اندمجوا فى المولد لينوبهم بعض المشاهدين، فخرجوا يطلق كل منهم أى كلام بتوقعات وتنجيمات بأن «هناك شىء فى الأفق»، وطرح أسئلة على طريقة «ترى ماذا سيحدث»، هناك توقعات بأشياء، وحاجات فى التفاصيل، ومفاجآت فى الآفاق، وهذا ال«أى كلام» انعكس فى صورة جدل وتساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعى، لأن أحد محترفى التوقعات الخزعبيلة يعانى من التجاهل، ويريد مشاهدات وريتويتات، كتب تغريدة «هناك شىء سوف يحدث»، وطبعا أى حاجة تقع سوف يخرج المدعى ليقول «شفتم.. قلت لكم»، وتزامنت مع بعض الرسائل الملغزة، التى أطلقها هابدون محترفون، كله بهدف لفت النظر وركوب تنجيمات المنجمين الخزعبليين. وكل هذه التهويمات التى رددها بعض المدعين من بير السلم وفوق السطح، تعيد التذكير بمن قالوا يوما تذكروا يوم 11-11-2011، أو 10-10-2010، وصولا لنكتة 13-13-2013، التى أطلقها أحدهم، أو عندما زعم أحد كبار الهابدين من ناسا بأن المنطقة سوف تشهد أعاصير وتسونامى، ولم يحدث شىء، وحتى لو حدث أى شىء فهو من بين الأحداث التى تقع يوميا وتتكرر، من دون أن تكون لها علاقة بكل هذا الهبد. وفى عام 2017، خرج عدد من المنجمين وقالوا: إن العالم سوف ينتهى فى شهر سبتمبر2017، أو فى الثلث الأخير من أغسطس، وعلى كل مواطن فى العالم أن يكون جاهزًا، هذه الأخبار قد انتشرت فى مواقع إخبارية مجهولة، وانتقلت إلى مواقع التواصل الاجتماعى، وبدأ أعداد من البشر الجاهزين دوما لتصديق أى كلام فى الاستعداد لنهاية العالم، ووصل الهراء إلى أن بدأت شركات تبيع حقيبة يوم القيامة، ونهاية العالم، ومر التاريخ من دون تأثيرات، لكن بقى الهبد والهبل الخزعبلى مستمرا، وقد عالجت هذا فى فصل بكتاب «السيبرانى» بعنوان «وشيمة أهل فيس بوك التهويل»، وكيف يتحول العالم إلى ملطشة وادعاءات بهدف المشاهدات واللايكات.